أعلن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي)، اليوم، خفض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس لتصبح عند نطاق يتراوح بين 4.75 بالمئة و5.00 بالمئة. ويعد قرار مجلس الاحتياطي بخفض أسعار الفائدة أول إجراء من نوعه منذ عام 2020، والذي يضع نهاية لدورة التشديد النقدي التي انطلقت في مارس 2022.
وذكر مجلس الاحتياطي الفيدرالي، في بيان، أن أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوح، وافقوا على خفض نطاق الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى ما بين 4.75 بالمئة و5.00 بالمئة، بما يتوافق مع توقعات الأسواق التي رجحت خفضها بمقدار 50 نقطة أساس.
يأتي ذلك بعدما حافظ الفيدرالي على أسعار الفائدة ثابتة عند 5.25 بالمئة، و5.50 بالمئة، وهو أعلى مستوى لها في أكثر من 23 عاما، في آخر 8 اجتماعات والتي سبقها رفع الفائدة 11 مرة منذ مارس 2022.
وإثر قرار بدء التيسير النقدي (خفض الفائدة) سيظهر رابحون وخاسرون.
أبرز الرابحين
في صدارة الرابحين من خفض الفائدة يأتي المقترضون من أفراد وشركات وحتى حكومات، لأن الفائدة على هذه القروض ستتراجع، وبالتالي هبوط قيمة القسط النهائي الشهري المستحق على المقترضين.
من بين الرابحين كذلك أسواق الأسهم العالمية التي قد تكون هدفا للمستثمرين بالصناديق المقومة بالدولار، والذين سينقلون أموالهم إلى استثمارات أخرى تحقق لهم عوائد مرتفعة.
وبعد أكثر من عامين على استغلال أصحاب الودائع المصرفية الفائدة المرتفعة عليها، فإن خفض الفائدة يقلل العوائد المالية على الودائع، مما يؤدي إلى بحثهم عن استثمارات ذات جدوى أفضل.
الذهب من بين الرابحين من هبوط أسعار الفائدة على العملات في العالم، فالعلاقة الطبيعية بين المعدن الأصفر وأسعار الفائدة عكسية، وهو ما ظهر هذا الأسبوع من كسر الذهب قمما تاريخية، مع توقعات خفض الفائدة.
سيكون قطاع الصادرات رابحا من فرضية خفض الفائدة، لأن الصادرات تصبح ذات تنافسية عالية مع أسواق الصادرات الأخرى في العالم بسبب هبوط قيمة العملة، فخفض الفائدة يخفض قليلا قيمة العملة، وبالتالي تصبح هذه العملة أقل تكلفة على المستوردين “أي أن سعر السلعة يصبح أقل”، لذا تزداد فرص الإقبال على السلع الرخيصة.
من الرابحين كذلك الاقتصادات المحلية في العالم التي ستستقبل سيولة نقدية على شكل استثمارات، وهي أموال كانت في البنوك فيما يعني تدفقها للأسواق واستثمارها وتأثيرها الإيجابي على عجلة الإنتاج والتوظيف والنمو الاقتصادي.
أبرز الخاسرين
تتصدر البنوك في العالم قائمة أبرز الخاسرين من خفض الفائدة، لأن المودعين سيلجؤون إلى سحب أموالهم أو جزء منها واستثمارها بعيدا عن القطاع المصرفي.
وهذه الأموال ظلت منذ أكثر من عامين لدى البنوك، ويتقاضى أصحابها عوائد مالية، لكن خفض أسعار الفائدة سيقلل مقدار العوائد، ويدفع المستثمرين إلى البحث عن أدوات استثمار أفضل.
أصحاب الودائع أيضا هم خاسرون، خاصة أولئك الذين لا يملكون روح المخاطرة ولم يجدوا أدوات استثمار ذات مخاطر متدنية لوضع أموالهم فيها، مما يدفعهم إلى إبقاء الودائع داخل البنوك وتلقي عوائد أقل من السابق.
كما أن البنوك تتضرر من جانب آخر، وهو تراجع عوائدها المالية القادمة من الإقراض المصرفي، لأن أسعار الفائدة ستتراجع، وبالتالي تتراجع قيمة الفائدة المستحقة على الأقساط الشهرية.
من أبرز الخاسرين كذلك الصين، فبالعودة إلى تاريخ العلاقة بين الدولار واليوان فإن الأخير يرتفع مع تراجع الأول، وهنا تزداد تكلفة شراء اليوان، ويعني ذلك زيادة تكلفة الصادرات الصينية وجعلها أقل تنافسية.
ارتفاع التضخم: ثمة مسألة أخرى مهمة وهي أن خفض الفائدة يعني زيادة الاستثمار، وهو أمر إيجابي، لكن زيادة الاستثمار تعني زيادة الإنتاج الذي يحتاج إلى أيدٍ عاملة، وبالتالي زيادة التوظيف.
لكن زيادة التوظيف تعني زيادة السيولة المالية بين الأفراد، وهنا تحدث زيادة الاستهلاك، والتي تدفع في مرحلة ما إلى زيادة الطلب على السلع، وبالتالي ارتفاع التضخم مرة أخرى.