جارى فتح الساعة......

باتت اتجاهات الاقتصاد الكلي العالمي، تشكل في الآونة الأخيرة، تحديات قصيرة المدى بالنسبة للأسواق الناشئة، مما يؤثر على تدفقات رؤوس الأموال إليها. بنك QNB في تقرير حديث صادر عنه حدد 3 عوامل رئيسة تفسر الخلفية الكلية غير الإيجابية في هذه الأسواق، تشمل التفوق المستمر لأداء الاقتصاد الأمريكي، والاتجاه المحتمل لفوارق أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة والأسواق الناشئة الرئيسة، إلى جانب التباطؤ الكبير في تعافي الاقتصاد الصيني.

وأشار البنك إلى أنه في نهاية العام الماضي وبداية العام الجاري، بدأت الأسواق تستفيد من العوامل الداعمة، مدفوعة بإعادة الانفتاح الاقتصادي في الصين، وانخفاض قيمة الدولار، والانحسار الإضافي في معدلات التضخم في العديد من الأسواق الناشئة الرئيسية، لكن في الآونة الأخيرة بدأت اتجاهات الاقتصاد العالمي الكلي تشكل هذه التحديات.

وذكر التقرير أنه وفقا لمعهد التمويل الدولي، شهدت تدفقات محافظ غير المقيمين إلى هذه الأسواق، والتي تمثل استثمارات المستثمرين الأجانب في الأصول العامة المحلية، تحولا كبيرا، فبعد فترة من التدفقات الإيجابية لرؤوس الأموال، والتي وصلت لأعلى مستوى لها مؤخرا، حيث تجاوزت 50 مليار دولار في يناير 2023، أصبحت التدفقات سلبية بشكل لافت منذ أغسطس الماضي.

وأشار إلى أن مثل هذه التدفقات الخارجة تؤدي إلى عمليات بيع تضعف العائدات عبر مختلف فئات الأصول في الأسواق الناشئة، بما في ذلك انخفاض الأسهم بنسبة 12.1 بالمئة، مقارنة مع الذروة التي بلغتها أوائل أغسطس 2023، بحسب مؤشر MSCI للأسواق الناشئة، وانخفاض بنسبة 5.7 بالمئة في السندات، وفق مؤشر جي بي مورغان/العالمي لسندات الأسواق الناشئة، متوقعا أن يستمر هذا الاتجاه خلال الأشهر القليلة المقبلة.

وتشير موجة المفاجآت في البيانات الاقتصادية السلبية لمعظم الأسواق الناشئة الرئيسة مقابل المفاجآت الإيجابية في الولايات المتحدة إلى أن التوقعات حول فروق النمو ستستمر في التغير لصالح الولايات المتحدة، ويتضح ذلك من خلال الفجوة الواسعة في مؤشر سيتي للمفاجأة الاقتصادية، إذ تشير تقديرات النمو عالية التردد بأمريكا إلى توسع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.4 بالمئة على أساس سنوي، بالربع الثالث من 2023، أي بأكثر من ضعف الاتجاه السائد لنمو الاقتصاد الأمريكي، والبالغ 2 بالمئة.

وفي المقابل، تشير مؤشرات مماثلة إلى نمو أقل من الاتجاه السائد في منطقة اليورو، والصين، والعديد من الأسواق الناشئة الأخرى، لذا من المتوقع أن تتسع فجوة النمو لصالح الولايات المتحدة مقابل الأسواق الناشئة، خلال الأشهر المقبلة.

ورجح تقرير البنك أن تميل الفروق في أسعار الفائدة إلى ترجيح كفة الولايات المتحدة والدولار، على أصول وعملات الأسواق الناشئة، وأن يؤدي التضخم المفرط في الاقتصاد الأمريكي إلى جعل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (البنك المركزي) أكثر تشددا مما تتوقعه السوق حاليا.

ورجح أن يدفع ضعف النشاط في معظم الأسواق الناشئة بنوكها المركزية إلى موقف أكثر تيسيرا، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى تغيير في توقعات أسعار الفائدة، مما ينتج عنه سحب لمزيد من رؤوس الأموال العالمية نحو الولايات المتحدة والدولار، وخروج لرؤوس الأموال من بعض الأسواق الناشئة.

ولفت إلى أن الصين تشكل عائقا كبيرا أمام أداء الأسواق الناشئة، فبعد فترة قصيرة من التعافي الاقتصادي بفضل إعادة الانفتاح، بعد جائحة فيروس كورونا في أواخر العام الماضي، بدأ الاستهلاك في الصين يتدهور، في الوقت الذي يستمر فيه تعثر قطاع التصنيع، مما يؤدي إلى ضعف النمو، وقد تؤدي هذه الصورة الكلية السلبية إلى تراجع رغبة الأجانب في الاستثمار في الصين حاليا.

وأضاف التقرير أنه بعد سنوات من ضعف أداء سوق الأسهم في الصين، جراء تباطؤ النمو بأكثر مما هو متوقع، والقيود التنظيمية الصارمة، وعدم اليقين الجيوسياسي، بدأ المستثمرون الغربيون في التشكيك في جاذبية الاستثمار هناك، بالإضافة إلى ذلك، ونظرا لأهمية الاقتصاد الصيني بالنسبة لنمو الأسواق الناشئة من خلال القنوات المباشرة وغير المباشرة، فإن التباطؤ في الصين يعني ضمنا ضعف التوقعات بالنسبة للاستثمارات في الأسواق الناشئة الأخرى أيضا.

وخلص التقرير إلى أنه وبشكل عام، تمثل البيئة الكلية على المدى القصير تحديا لتدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الناشئة، سيما وأن أداء الاقتصاد الأمريكي عاد للتسارع مجددا في ظل تباطؤ عالمي، مما يشير إلى أن فروق أسعار الفائدة سترجح كفة الأصول القائمة على الدولار بدلا من استثمارات بهذه الأسواق، علاوة على ذلك، فقد تراجعت التوقعات المرتبطة بأداء الصين، التي تشكل جزءا رئيسيا وداعما لأداء الأسواق الناشئة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version