شهدت أسواق الأسهم حول العالم هبوطاً حاداً بمستهل تعاملات الأسبوع المنصرم على خلفية مخاوف الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة وتصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط. وأثارت الموجة البيعية العنيفة واسعة النطاق، والتي تعود جزئياً إلى تصفية صفقات “تجارة الفائدة”على الين الياباني أو ما يطلق عليه “كاري تريد”، تراجعاً حاداً بالأسواق العالمية.
أوضح تقرير حديث لوكالة “رويترز” أن الاحتياطي الفيدرالي تدخل 8 مرات لخفض أسعار الفائدة عندما اضطربت أسواق الأسهم. وأشار التقرير إلى غياب عدة عوامل في المرات السابقة التي تدخل فيها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لخفض أسعار الفائدة في اجتماعات طارئة، لإنقاذ أسواق الأسهم.
ففي كل من المناسبات الثماني على مدى السنوات الثلاثين الماضية التي خفض فيها البنك أسعار الفائدة بين اجتماعات وضع السياسات، كانت الاضطرابات لا تطول أسواق الأسهم وحدها، بل كانت تصل، على وجه الخصوص، إلى سوق السندات الذي يعكس تسارع الاضطرابات في تدفقات الائتمان التي تحافظ على نشاط الشركات، وهو عامل لم يظهر حتى الآن.
وبحسب التقرير، خفض بنك الاحتياطي الفيدرالي، الفائدة ربع نقطة فقط في 1998 قبل أسبوعين من اجتماع رسمي وقتها، عندما انهار صندوق التحوط “لونج كابيتال مانجمنت”، في أعقاب تخلف روسيا عن سداد ديونها السيادية، وبدأ يتردد صداه في الأسواق المالية الأمريكية، مما أدى إلى تفجير فروق الائتمان التي هددت بالتأثير على الاستثمار وتراجع الاقتصاد.
وخفض البنك الفائدة مرتين في عام 2001، بعد أن تحول الارتفاع الحاد في أسهم شركات التكنولوجيا خلال فقاعة “دوت كوم” إلى موجة انهيار في سوق الأسهم التي كان صناع السياسات قلقين من أنها قد تضغط على إنفاق الأسر والشركات.
كما خفض الفيدرالي الفائدة عقب هجمات 11 سبتمبر 2001 بمقدار 50 نقطة أساس. أما خلال الأزمة المالية العالمية في 2008، خفض الفيدرالي الفائدة بمقدار 75 نقطة في يناير في اجتماع طاريء في يناير. وخلال جائحة كوفيد-19، خفض الفيدرالي أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في مارس ثم بمقدار نقطة مئوية كاملة بعد أقل من أسبوعين.
وأدى التباطؤ الحاد في سوق العمل مؤخراً في الولايات المتحدة والذي أثار أياماً من الاضطرابات في سوق الأسهم العالمية إلى تأجيج التوقعات، بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد لا ينتظر حتى اجتماعه المقرر القادم في سبتمبر لخفض أسعار الفائدة. وارتفعت العقود الآجلة لأسعار الفائدة، التي تنتهي صللاحيتها في وقت لاحق من الشهر، وتتبع توقعات سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، إلى أعلى مستوى له في شهرين في وقت سابق من الأسبوع في رهان على أن أسعار الفائدة سوف تنخفض بنهاية أغسطس.
ويتوقع عدد متزايد من المحللين الآن خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية في اجتماع بنك الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر، ولكن قِلة منهم يعتقدون أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يتحرك في وقت أقرب. أوضحت الخبيرة الاقتصادية كاثي بوستجانسيك، من “ناشيون وايد”، أن البيانات الاقتصادية الحالية لا تبرر خفضاً طارئاً لأسعار الفائدة، نظراً لأن هذا من شأنه أن يشعل جولة جديدة من الذعر في الأسواق”.
حتى رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق في نيويورك، بيل دادلي، الذي دعا البنك المركزي الأمريكي إلى خفض أسعار الفائدة الأسبوع الماضي ذكر هذا الأسبوع أن خفض أسعار الفائدة بين الاجتماعات “غير مرجح للغاية”. ومن المتوقع أن تتاح لرئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم بأول، في أواخر الشهر الحالي، فرصة لإعطاء توجيه جديد لأسعار الفائدة، عندما يجتمع محافظو البنوك المركزية العالمية في ندوة الاقتصاد السنوية لبنك الاحتياطي الفيدرالي في كانساس سيتي في جاكسون هول.
في الوقت الحالي، من المتوقع على نطاق واسع أن يتجاهل باول حالة الركود في سوق الأسهم ويلتزم بما قاله يوم الأربعاء الماضي، بعد قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بتثبيت سعر الفائدة: “إذا حصلنا على البيانات التي نأمل في الحصول عليها، فإن خفض أسعار الفائدة قد يكون مطروحاً على الطاولة في اجتماع سبتمبر”.