بخلاف كثير من القطاعات المرتبطة بالرياضة، ربما تكون الألعاب الإلكترونية من أبرز الناجين من معركة كورونا المرهقة والممتدة منذ العام 2020 و التي وضعت الاقتصاد العالمي برمته على المحك. ووسط حالة عدم اليقين تحديدا في عام 2021 ظهر قدر أكبر من الوضوح حول الاتجاهات العامة لسوق الترفيه والإعلام والقوى الدافعة لنموها، وطبيعة سلوك المستهلكين.
أفردت شركة برايس ووترهاوس كوبرز (pwc) تقريرا معمقا حول التوقعات بشأن اتجاهات سوق الألعاب الإلكترونية عالميا بين 2022 و2026، جاء فيه “تستكمل سوق الألعاب الإلكترونية مسار نموها، إذ ارتفعت إيرادات صناعة الترفيه بنسبة 10.4٪، ونتوقع أنه بحلول عام 2026 ستقترب العائدات من 3 تريليونات دولار“.
وأضاف “من الواضح أن الوباء سرَّع من التغييرات في سلوك المستهلك والتبني الرقمي بطرق ستؤثر على مسارات النمو في المستقبل”.وأضاف “لن تتمكن بعض القطاعات التي شهدت مكاسب هائلة وسط الوباء من الحفاظ على هذا النمو، بينما سيستمر البعض الآخر في البناء انطلاقا من قواعد مستقرة”.
وأوضح “ستشق بعض القطاعات المتخصصة سابقًا، مثل الألعاب الإلكترونية طريقها للصدارة، بينما ستشهد القطاعات الأخرى المهيمنة سابقًا تآكل مواقعها التنافسية”. ووفقا للتقرير نفسه “من المتوقع أن تتوسع صناعات الألعاب الإلكترونية عالميا لتبلغ قيمتها 321 مليار دولار بحلول عام 2026”.
في يوليو الماضي نشر الموقع الرسمي للمنتدى الاقتصادي العالمي نتائج دراسة استقصائية أجريت على عدد من مستخدمي الألعاب الإلكترونية، توصلت إلى أن “16٪ من الممارسين في أوروبا يعتقدون أن الألعاب الإلكترونية ساعدتهم على صعيد الصحة العقلية أثناء الإغلاق”. وأشارت إلى أن “سوق الألعاب الإلكترونية توسعت بنسبة 26٪ بين عامي 2019 و2021”.
وكشفت نتائج بحث أجرته شركة Green Man Gaming أكد أن “الرياضات الإلكترونية تواصل نموها العالمي السريع بإيرادات تجاوزت مليار دولار، مع ارتفاع عدد مستخدميها لأكثر من 433 مليون ممارس حول العالم”. ومن جانبها، كشفت شركة إلكترونيك آرتس EA الشهيرة في تقريرها السنوي الصادر في مايو 2021 أنها حققت عائدات بقيمة 1.6 مليار دولار، من مبيعات ألعاب الفيديو، في الفترة من أبريل 2020 حتى مارس 2021.
وذكرت أن هذا المبلغ تضاءل مقارنة بعائدات “الخدمات المباشرة وغيرها” التي حققت 4 مليارات دولار خلال العام نفسه. وتشمل مكاسب “الخدمات المباشرة وغيرها” عائدات ملحقات الألعاب وتطبيقاتها المختلفة على غرار Ultimate Team. ولم يقدم التقرير السنوي أرقامًا دقيقة حول كل لعبة، لكنه يؤكد أن “لعبة فيفا 21 لديها أكثر من 25 مليون لاعب بينما “زاد لاعبو FIFA Ultimate Team بنسبة 16٪ على أساس سنوي، وأن مباريات FUT زادت بنسبة 180٪”.
كما أظهر تقرير للاتحاد الدولي لكرة القدم عن عام 2020 أنه لأول مرة تتجاوز إيرادات الفيفا من حقوق تراخيص الألعاب الإلكترونية مكاسبه من بطولات كرة القدم نفسها. وقال الفيفا في بيان “نظرا لقلة البطولات في عام 2020 بسبب الجائحة، بلغت إيرادات بيع (حقوق ترخيص علامة الفيفا التجارية لألعاب الفيديو) مبلغ 158.9 مليون دولار تمثل نصيب الأسد من إجمالي الإيرادات في هذا الشأن”.
ويوضح البروفيسور بجامعة نيويورك فان تريونين “صناعة الألعاب الإلكترونية تسبح في النقود. إنها تمطر الأموال فقط على هذه الشركات”. لذلك، من خلال “التمويل الجماعي” بمدفوعات صغيرة، قد توفر الألعاب الإلكترونية عبر البلوك تشين، أرباحا عادلة لمطوري الألعاب والرياضات الإلكترونية، الذين يتعرضون لخطر عدم تقدير جهودهم بالشكل اللائق ماليا من بعض الشركات الكبرى في هذا المجال.
كما ستسهم قواعد بيانات تقنية البلوك تشين في مراجعة سجلات الشراء في الوقت الفعلي تقريبا لمنشئي الألعاب ومطوريها، وبالتالي يمكنهم معرفة ما ربحوه بدقة في أقصر زمن ممكن. وتوفر البلوك تشين تحقيق الشفافية التعاقدية ومعالجة حقوق الملكية والقضاء على المراجعات والعمليات اليدوية المملة، من خلال أتمتة النظام عبر العقود الذكية الرقمية المشفرة. كما تتيح تسجيل المعاملات المالية يوميا في مجال الألعاب والرياضات الإلكترونية، ومن ثم يمكن بذلك تحسين قدرات التنبؤ بواقع السوق وإعداد التقارير بدقة.
يقول تيم ستيوارت المدير المالي لقسم ألعاب Xbox في شركة مايكروسوفت “يؤدي توفير الوصول في الوقت الفعلي تقريبا لتحسين فعالية المعاملات والرؤى التي تؤدي بالتبعية إلى تجربة أكثر إثراء للشركاء”. ويمكن للألعاب والرياضات الإلكترونية أيضا توفير بعض المكاسب لممارسيها بمنحهم فرصة ربح الرموز المشفرة غير القابلة للاستبدال NFTs أو الرموز المميزة Token، والعملات المشفرة بمختلف أشكالها في صورة مكافآت، مع فرص أكبر لترقية إصدارات الألعاب وكسب المزيد من الجوائز المتنوعة.