يشهد الاقتصاد العالمى منذ مطلع العام الجاري تخارج المستثمرين الأجانب من أصول الأسواق الناشئة بأعداد كبيرة، مع ارتفاع التضخم واستمرار البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في رفع أسعار الفائدة وصعود الدولار واضطرابات سلاسل التوريد والحرب في أوكرانيا التي تعتبر سلة خبز أوروبا، إضافة إلى تباطؤ النمو العالمي، جميع ذلك وضع فئة الأصول تحت ضغط شديد.
ووفقا لصحيفة “فايننشال تايمز” فقد هبطت الأسهم والسندات بنسبة 20%، مع ارتداد تبعات الحرب الروسية – الأوكرانية عبر الأسواق العالمية واستمرار الخسائر التي طالت جميع القطاعات وبخاصة التكنولوجيا التي تسببت في خسائر فادحة وعنيفة للمستثمرين. لكن بعض المستثمرين يقولون في الوقت الحالي، إن ديون الشركات بالأسواق الناشئة في طريقها لتصبح فرصة ذهبية،
وأشار “فايننشال تايمز” إلى أنه على مدار الـ10 أعوام الماضية، نمت سوق سندات الشركات في العالم النامي بسرعة البرق، حيث يبحث المستثمرون الغربيون عن عائدات لا يجدونها في بلادهم، حيث أسعار الفائدة المنخفضة. ويضم مؤشر “جي بي مورغان” لسندات الشركات بالأسواق الناشئة نحو 810 شركات، ارتفاعاً من 332 شركة قبل 10 أعوام بنسبة ارتفاع تبلغ نحو 144 في المئة.
و تقول “جراميرسي فندز مانجمنت” خبيرة إدارة الأصول، إن ديون الشركات بالأسواق الناشئة جيدة مقارنة بالخسائر التي تتكبدها أسواق الأسهم منذ بداية العام الحالي وحتى الآن. ومنذ بدء تفشي وباء كورونا، كانت الشركات بالأسواق الناشئة “مرنة” بصورة ملحوظة في مواجهة الأزمة، ومستوى صافي الرافعة المالية عند أدنى مستوى له في قرابة 10 أعوام، وهو ما جرى قياسه من خلال صافي الدين إلى الإيرادات قبل الفائدة والاستهلاك والضرائب والإهلاك. و أضافت: “لكن من الغريب بعد ذلك أن أداء سندات الشركات بالأسواق الناشئة لم يكن جيداً مثل أداء نظيرتها الأميركية والأوروبية خلال العام الحالي، وتراجع مؤشر الأسواق الناشئة هذا العام بشدة، ليهبط بنحو 12 في المئة منذ بداية العام الحالي”.
يأتي ذلك وسط مخاوف من سلسلة من التخلف عن سداد الديون السيادية بالأسواق الناشئة. وتشير البيانات إلى أن عدد الأسواق الناشئة التي تعاني تداول ديونها السيادية عند مستويات منخفضة للغاية ارتفع بأكثر من الضعف لتبلغ 19 دولة منذ بداية العام الحالي، وفق بيانات حديثة لوكالة “بلومبيرغ”.
ويجري تعريف مستويات الديون المتعثرة بأنها عوائد تزيد بنسبة 10 في المئة عن سندات الخزانة ذات الاستحقاق المماثل، ما قد يشير إلى اعتقاد المستثمرين أن التخلف عن السداد احتمال فعلي. وتخلفت بعض تلك الدول، مثل سريلانكا ولبنان، عن سداد ديونهما بالفعل. وحتى وقتنا الحالي، سحب المستثمرون الأجانب ما يقدر بـ50 مليار دولار من صناديق السندات بالأسواق الناشئة.
فيما يعتقد محللو “جراميسي”، أن “المستثمرين يعاقبون الأسواق الناشئة لمجرد وجودهم في المكان الخطأ”. وأشاروا إلى أنه “على الرغم من مخاوف الاقتصاد الكلي المتزايدة حول العالم، استمرت شركات الأسواق الناشئة في إظهار نتائج قوية في الربع الأول من هذا العام… زادت الإيرادات والأرباح قبل الفوائد والضرائب والإهلاك والاستهلاك بنسبة 25 في المئة على أساس سنوي، مدفوعة بشكل خاص بالأرقام القوية من الشركات المعرضة للسلع الأساسية وجزئياً بالآثار الاسمية لارتفاع التضخم. ولا تزال الهوامش عند مستويات عالية تاريخيا”.
بينما انخفض صافي ديون الأسواق الناشئة بشكل مطرد خلال العام الماضي. وعلاوة على ذلك، أدى تخصيص رأس المال المنضبط والإدارة السليمة للتكلفة إلى توليد (سيولة نقدية) قوية، كما يتضح من انخفاض صافي الديون بين شركات الأسواق الناشئة منذ الربع الأول من عام 2021″.
وذكر التقرير، أنه “عبر قطاعات متعددة، مكن الطلب المكبوت وسط قيود العرض المستمرة الشركات من تنفيذ زيادات الأسعار بنجاح لتعويض ارتفاع تكاليف المدخلات والنقل والعمالة”. وأشار إلى أنه بمجرد إخراج الشركات العقارية الصينية وأي شيء مقره في روسيا أو أوكرانيا، تكون معدلات التخلف عن السداد في الأسواق الناشئة منخفضة، وتكون الفروق أوسع.