أطلق الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما وصفه بـ”يوم التحرير” في 2 أبريل 2025، معلناً فرض رسوم جمركية شاملة على الشركاء التجاريين. وخلال 10أيام تداول فقط، تحولت هذه الخطوة إلى صراع اقتصادي مفتوح مع الصين، التي أصبحت بحلول اليوم السبت تحت ما يشبه الحظر التجاري الأميركي مع ارتفاع الرسوم الجمركية إلى 145%. وكانت الأيام العشرة الأكثر اضطراباً منذ جائحة 2020، حيث شهدت تقلبات حادة في أسعار الأسهم والسندات والنفط والذهب وصولاً إلى الدولار الأميركي وأسواق العملات.

وأدت هذه الاضطرابات إلى تبخر أكثر من 5 تريليونات دولار من القيمة السوقية لمؤشر MSCI العالمي للأسهم، وكشفت عن عدم استعداد المستثمرين لمواجهة حدة التعريفات الجمركية التي فرضها ترامب. تركزت موجة البيع في البداية على القطاعات المرتبطة بالنمو الاقتصادي، حيث تأثرت بشدة أسهم البنوك والمعادن الصناعية والشركات ذات سلاسل التوريد المرتبطة بالصين مثل أبل.
وهبطت أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها منذ أربع سنوات، بينما دخل مؤشر الأسهم العالمي الرئيسي رسمياً في مرحلة “التصحيح” – المصطلح الذي يستخدمه محللو السوق عندما يتراجع المؤشر بنسبة 10% أو أكثر من مستوياته القياسية. وشهد الذهب – الملاذ الآمن التقليدي في أوقات الأزمات – انخفاضاً حاداً، بما يشير إلى أزمة سيولة عميقة دفعت المستثمرين المتضررين من طلبات تغطية الهامش لتصفية حتى أصولهم الأكثر أماناً لتغطية خسائرهم في الأسواق الأخرى.
وأوضح المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة APS لإدارة الأصول في سنغافورة، لوونغ كوك هوي، لرويترز “بوضوح، لم أتخيل حتى في أحلامي أن معدلات التعريفة الجمركية يمكن أن ترتفع إلى 125%”. وأضاف: ” ستتوقف التجارة بين أكبر اقتصادين في العالم”.
سارع كبار المصرفيين في وول ستريت لعقد اجتماعات عاجلة لطمأنة المستثمرين القلقين. ورغم الآمال بتراجع ترامب عن قراره قبل تنفيذ التعريفات، بدد الرئيس كل التوقعات عندما رد على استفسارات صحفية بعد عودته من لعب الغولف بعبارة حاسمة: “أحياناً عليك أن تتجرع الدواء المر”، مؤكداً عزمه على المضي قدماً بسياساته التجارية رغم الاضطرابات السوقية.
كما أدى ذلك إلى انهيار في الأسواق. هوت العقود الآجلة لمؤشر ناسداك 100 بأكثر من 5%، بينما توقف التداول مؤقتًا في العقود الآجلة لمؤشر نيكي بعد انخفاضها بنسبة 8% قبل أن تواصل تراجعها.
وارتفع “مقياس الخوف” في وول ستريت (مؤشر التقلبات في بورصة شيكاغو للخيارات) إلى ما فوق 60، وهو مستوى شوهد آخر مرة خلال الأزمات الكبرى مثل عام 2020 والأزمة المالية لعام 2008.
وانتهى مؤشر S&P 500 اليوم بانخفاض 17% عن المستوى القياسي المرتفع الذي كان قد وصل إليه قبل 7 أسابيع فقط. قال كريستوفر فوربس، رئيس آسيا في CMC Markets، إن يومي الجمعة والاثنين كانا أيام التداول الأعلى حجماً على الإطلاق.
وبعد تطبيق التعريفات الجمركية، شهدت أسواق آسيا موجة بيع ضخمة لسندات الخزانة. وارتفعت العوائد بشكل حاد وغير متوقع مما أطلق شرارة اضطرابات سوقية عنيفة. وقفز عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات حوالي 20 نقطة أساس خلال ساعتين فقط، وهو ما فسره المتداولون إما بعمليات بيع قسرية أو، وهو السيناريو الأكثر إثارة للقلق، ضعف جاذبية سندات الولايات المتحدة كملاذ آمن.
ونتيجة لذلك، تراجعت الأسهم، وهبط الدولار إلى أدنى مستوى له في عشر سنوات مقابل الفرنك السويسري الذي يُعتبر ملاذًا آمنًا، وبدأ الحديث يدور حول ما إذا كانت هذه الفترة تمثل بداية تراجع الهيمنة الأمريكية على التمويل العالمي.
ورأى مدير المحافظ في براندواين غلوبال التي تدير أصولًا تقارب 60 مليار دولار، جاك ماكنتاير، أن وتيرة التداول الحالية غير مسبوقة، حيث قال: “نشهد ما يعادل عامًا من التداول يحدث في أيام قليلة”.