يستفيد الاقتصاد المصري من التحول إلى الجنيه الرقمي من خلال تحسين كفاءة المعاملات، وتعزيز الشمول المالي، وزيادة الشفافية، وتقليل التكاليف، بالإضافة إلى تسهيل التجارة عبر الحدود والابتكار المالي. يتيح الجنيه الرقمي تبسيط الإجراءات، ويساهم في دمج الاقتصاد غير الرسمي، ويقلل من مخاطر التزوير، كما يمنح البنك المركزي سيطرة أكبر على تنفيذ السياسة النقدية.
أكد الدكتور أيمن حسن، الخبير الاقتصادي، أن الوقت الحالي يفرض على صانعي السياسات في مصر إعادة النظر بجدية في مستقبل العملة الوطنية، والتساؤل عمّا إذا كان قد حان بالفعل موعد التحول إلى عملة مصرية رقمية. وشدد على أن هذا التحول ليس رفاهية تقنية، بل خطوة استراتيجية نحو بناء اقتصاد أكثر شفافية وكفاءة، شرط أن يقوم على رؤية موحدة تجمع البنك المركزي والقطاع الخاص والمواطنين.
وقال حسن إن نجاح أي تجربة للتحول إلى عملة رقمية مركزية يمر عبر الاعتراف بتحديات أساسية، أبرزها الحاجة إلى بنية تحتية قوية ونظام أمان سيبراني عالي المستوى، إضافة إلى ضرورة التعامل مع الثقة الاجتماعية، موضحًا: الناس ما زالت ترتاح أكثر للنقود الورقية، وبالتالي فإن إطلاق العملة الرقمية يحتاج إلى مرحلة انتقالية مدروسة.
كما أشار إلى دور البنوك التجارية والتغيرات المحتملة في دورها في ظل نظام قد يقلل من اعتماد المواطنين عليها كوسيط تقليدي. وأشار إلى أن مفهوم العملة الرقمية المركزية (CBDC) هو ببساطة نقود يصدرها البنك المركزي بشكل رقمي، تستخدم للمدفوعات اليومية مثل النقود التقليدية، لكنها تكون آمنة، فورية، ورقمية بالكامل.
وأضاف أن مصر تمتلك أسبابا قوية تدفعها نحو هذه الخطوة، مع 4 مزايا رئيسية، وهي خفض التكلفة المرتبطة بطباعة النقود ونقلها وتخزينها وتحقيق الشمول المالي ووصول الخدمات المالية لمن هم خارج النظام المصرفي وتعزيز فعالية السياسة النقدية، إذ يسمح النقد الرقمي للبنك المركزي بإدارة المعروض النقدي بشكل مباشر وأكثر مرونة والحد من التهرب الضريبي وغسل الأموال بفضل التوثيق الكامل للمعاملات.
وفيما يتعلق بآليات البدء، دعا حسن إلى تنفيذ مشروع تجريبي محدود – مثل تطبيق العملة الرقمية في المدفوعات الحكومية – يليه مرحلة إصدار ثنائي بين العملة التقليدية والرقمية، مع وضع إطار قانوني وتنظيمي مرن، إلى جانب إطلاق حملات توعية تستهدف المواطنين غير المتعاملين مع البنوك أو التكنولوجيا.
واستشهد بنجاح تجربة إنستاباي التي وصفها بأنها نموذج حي على قدرة السوق المصري على تقبل التحول الرقمي، مضيفًا: كان البعض يراهن على فشل التطبيق، لكنه نجح وأصبح ركيزة أساسية في النظام المالي. وأشار الدكتور أيمن حسن إلى أن أكثر من 130 دولة حول العالم تدرس أو تطبق بالفعل عملات رقمية للبنوك المركزية، من بينها الصين والهند والسعودية والإمارات، مؤكدًا أن مصر ليست بعيدة عن هذا المسار العالمي.



