جارى فتح الساعة......

هل اقتربت نهاية هيمنة الدولار الأمريكي كعملة الاحتياطيات النقدية الأولى عالميا ؟ هناك مؤشرات تدفع نحو الاجابة لهذا السؤال الذي يشغل بال البنوك المركزية و قادة المال والأعمال في شتى أنحاء العالم

تبلغ احتياطيات البنوك المركز ية في شتى أنحاء العالم بالدولار نحو 60% أي 12.8 تريليون دولار، وكشفت دراسة أعدها صندوق النقد الدولي عن أن حصة الدولار من الاحتياطيات الدولية تشهد تراجعا لافتا خلال العقدين الماضيين، وتحديا في أعقاب أحداث 11 سبتمبر 201 وهو الوقت الذي بدأت فيه الولايات المتحدة حربها على الإرهاب والعقوبات التي فرضتها لمكافحة الإرهاب. ومنذ ذلك الحين، تحول ربع الاحتياطيات البنوك المركزية من الدولار إلى اليوان الصيني، واليورو ، وتحولت الأرباع الثلاث الأخرى إلى عملات البلدان الأصغر وإلى معدن الذهب.

ويبدو هذا التراجع منطقيا عندما نأخذ في الاعتبار أن الدولار الأمريكي كان العملة الأجنبية الأكثر سيادة في العالم عندما كانت الولايات المتحدة هي أهم منتج صناعي في العالم. الآن، لا تحظى الولايات المتحدة بنصيب الأسد من الإنتاج الصناعي العالمي، مما يجعل من المنطقي أن يبتعد الدولار عن مقعد قيادة عملات الاحتياطيات العالمية.

النظرة إلى الدولار الأمريكي باعتباره ملاذاً آمناً ستتراجع خلال الفترة المقبلة إذ تشير التوقعات إلى أن الولايات المتحدة ستبدأ خفض أسعار الفائدة خلال الربع الثاني من العام الحالي، ما يعني مزيداً من التراجع في سعر الدولار مع احتمال معاناة العملة الخضراء من دورة تراجع ممتدة.

في الوقت نفسه فإن الأزمة المصرفية التي شهدت انهيار ثلاثة بنوك أمريكية حتى الآن، تمثل نوعاً من التعثر الذي يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ اقتصادي ، خاصة مع النظر إلى أزمة بنك كريدي سويس جروب السويسرية باعتبارها واقعة غير متكررة، وبالتالي ستدفع نحو مزيد من التراجع في سعر الدولار خلال النصف الثاني من العام الجاري.

وكشف تحليل نشرته وكالة بلومبرج عن أن التراجع المحتمل في قيمة الدولار خلال الفترة المقبلة هو أمر جيد لباقي دول العالم، حيث ستقل الحاجة إلى استمرار مواكبة صعود الدولار. ففي الشهور الماضية اضطرت البنوك المركزية في العديد من دول العالم إلى زيادة أسعار الفائدة، بما يتجاوز المطلوب لكبح جماح التضخم حتى تحافظ على قيمة عملاتها أمام العملة الأمريكية التي استفادت من سلسلة رفع أسعار الفائدة الأمريكية منذ العام الماضي.

أكبر الدول الرابحة من الدولار الضعيف نسبياً، موجودون في أوروبا الشرقية وأفريقيا وأمريكا الجنوبية. كما أن المكاسب الأوسع نطاقاً تأتي من الدول المستوردة للطاقة والتي تضررت من ارتفاع أسعار الغاز. ولأن أغلب السلع في العالم تسعر بالدولار، فإن أي ارتفاع في قيمة العملات المحلية أمام العملة الأمريكية يعطي فرصة لتلك الدول لالتقاط الأنفاس.

هذا التحول مفيد في تصحيح اختلال كبير معروف باسم “ابتسامة الدولار” الذي ظل في صالح العملة الأمريكية أغلب فترات العقد الحالي. فمن المحتمل مواصلة المضي نحو قاعدة منحنى شكل الابتسامة، حيث يتراجع الدولار باطراد، وهو ما يعني عودة رؤوس الأموال للتدفق إلى الدول الأخرى بعد فترة عودتها الكثيفة إلى السوق الأمريكية خلال فترة زيادة أسعار الفائدة وقوة العملة الخضراء.

في المقابل، فإن العملة الأكثر أهمية من الناحية التجارية مقارنة بالدولار هو اليورو. وخلال اجتماع مجلس محافظي البنك المركزي الأوروبي يوم 16 مارس الحالي، تقرر زيادة الفائدة الأوروبية بمقدار 50 نقطة، في حين اختار البنك المركزي الأمريكي تخفيف وتيرة زيادة الفائدة، حيث قرر زيادتها بمقدار 25 نقطة أساس فقط. هذه التحولات أدت لزيادة قيمة اليورو أمام الدولار بنسبة 12.5% خلال الشهور الستة الماضية ليصل لأكثر من 1.08 دولار لكل يورو، بعد فترة تراجع للعملة الأوروبية خلال المدة من أغسطس إلى نوفمبر الماضيين.

وبحسب وكالة بلومبرج فإن احتمال حدوث ركود اقتصادي في منطقة اليورو انخفض إلى النصف خلال العام الحالي، ليصبح أقل من احتمال ركود الاقتصاد الأمريكي الذي يبلغ نحو 60%. وهذا تحول واضح في التوقعات، حيث كانت منطقة اليورو تتجه في الفترة الماضية نحو الركود وعانت من أكبر ارتفاع لأسعار الغاز الطبيعي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير من العام الماضي.

ولم يتفوق على اليورو بالنسبة للدولار بين العملات العشر الرئيسة في العالم سوى الجنيه الإسترليني الذي ارتفع أمام الدولار بأكثر من 14% خلال ستة أشهر، في حين ارتفع الين الياباني بنسبة 10% خلال الفترة نفسها..

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version