استمرت أزمة ركود قطاع العقارات في الصين في الضغط على أغلب أسواق الأسهم في العالم، لتنهي المؤشرات الرئيسية للأسهم الأميركية أسبوعاً هو الأسوأ لها منذ الربع الأول من العام على أقل تقدير، حيث فضل المستثمرون الابتعاد عن الأصول الخطرة، لحين التأكد من المدى الذي يمكن أن تصل إليه تبعات ما يحدث في الشرق الأقصى. ورغم المخاوف، نجحت الأسهم الأميركية في تقليص خسائر الساعات الأولى من تعاملات يوم الجمعة الماضي لينهي مؤشر ناسداك بتراجع لم يتجاوز خُمس النقطة المئوية، ويبقى مؤشر إس أند بي 500 عند نفس النقطة التي بدأ عندها تقريباً، بينما نجح مؤشر داو جونز الصناعي في الإفلات من المنطقة الحمراء، وإن لم تتجاوز مكاسبه 0.07%. وعلى المستوى الأسبوعي، تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 2.2%، في أسوأ أسابيعه منذ شهر مارس، وخسر مؤشر إس أند بي 500 أكثر من 2%، مسجلاً أسبوعه الثالث على التوالي من الخسائر، بينما فقد مؤشر ناسداك أكثر من 2.5% من قيمته، متراجعاً للأسبوع الثالث على التوالي، في أطول سلسلة تراجعات أسبوعية منذ العام الماضي.
وتزايدت الضغوط على الاقتصاد الصيني، الذي يعتبر ثاني أكبر اقتصاد في العالم، والأكثر تأثيراً في العديد من الأسواق، بسبب فشل جهود تسريع النشاط الاقتصادي في البلاد، بعد التخلص من قيود كوفيد الأخيرة. وتزايدت توقعات العديد من المؤسسات العالمية البارزة بحدوث انخفاض ملحوظ في معدل نمو الاقتصاد الصيني ودخوله مرحلة الركود، مما ألقى بظلال سلبية على الاقتصاد العالمي. وأول أمس، جاءت ضربة أخرى لمعنويات المستثمرين، بعد الإعلان عن تأخر صندوق جونجرونغ إنترناشونال تراست، المعني بتقديم الائتمان غير المصرفي، في أداء التزاماته المالية المستحقة للعملاء، ما أثار مزيداً من المخاوف داخل القطاع المالي الصيني.
ويمثل الاقتصاد الصيني، رغم الخلافات التجارية الصينية الأميركية، أهمية كبيرة لسوق الأسهم الأميركية، حيث تلعب الصين دوراً كبيراً في الاقتصاد العالمي، وتمثل أكبر سوق لترويج منتجات الشركات الأميركية، خاصة ما يخص منتجات قطاع التكنولوجيا، كما تنتج العديد مما تبيعه الشركات الأميركية لدول العالم المختلفة.
ومن ناحية أخرى، يمثل الطلب الصيني على النفط أهم عوامل تحديد سعره في الفترة الأخيرة، حيث تعد الصين أكبر مستورد له في العالم، ما يبرر توقعات تراجع أسعار الذهب الأسود عند تباطؤ الاقتصاد الصيني، أو تزايد احتمالية دخوله في ركود. وفي إشارة أخرى على ابتعاد المستثمرين عن الأصول الخطرة، بدت فترة الهدوء في سوق العملات المشفرة وكأنها اقتربت من نهايتها، حيث واصلت بيتكوين تراجعها الذي بدأ يوم الخميس، حين انخفض سعرها بأكثر من 8% خلال ساعات قليلة، لتصل إلى أدنى مستوى في شهرين عند 25.314 دولار، قبل أن تعوض بعض خسائرها، وتنهي الأسبوع فوق مستوى 26 ألف دولار.