تحولات عده شهدتها أسواق الأسهم العالمية خلال عام 2023، أبرزها وضع حدا لهيمنة أربع شركات أمريكية فقط على هذه الأسواق خلال السنوات السابقة ، حيث طفا على السطح هذا العام ما تتم تسميتهم تارة بالخارقين السبعة، وتارة أخرى بالعجائب السبع، فعلاوة على “فيسبوك” (ميتا الآن) و”أمازون” و”أبل” و”جوجل” (ألفابت الآن) دخلت قائمة السبع في العام الحالي كل من شركة مايكروسوفت وتسلا وشركة تصنيع الرقائق “انفديا”. ونقلت صحيفة “الجارديان” البريطانية عن دنكان لامونت، رئيس الأبحاث الاستراتيجية في شركة “سكرودرز، قوله: إن المعطيات والرسوم البيانية، التي يظهرها مؤشر “إم إس سي آي” العالمي لجميع البلدان، توضح كيف أنه حتى لو استثمر أحدهم عبر أحد مؤشرات سوق الأسهم العالمية الأوسع والأكثر استخداما، فسوف ينتهي به الأمر بمحفظة أمريكية للغاية ومائلة جدا نحو التكنولوجيا الأمريكية.

ويعد مؤشر “إم إس سي آي” معيارا يستخدم على نطاق واسع يتتبع أداء الأسهم من كل من الأسواق المتقدمة والناشئة، ويعتبر مؤشرا شاملا؛ لأنه يغطي حوالي 85 في المئة من سوق الأسهم القابل للاستثمار العالمي، على حد تعبير القائمين على تجميعه، من خلال قياس ما يقرب من 3000 شركة كبيرة ومتوسطة الحجم في 23 سوقا متقدمة و24 سوقا ناشئة.
وذكرت الصحيفة أن تلك الشركات الأمريكية السبع أصبحت الآن كبيرة جدا لدرجة أنها تشكل 17.2 بالمئة من السوق، في حين يساهم ممثلو اليابان والمملكة المتحدة والصين وفرنسا وكندا مجتمعين بنسبة 17.3 في المئة، أي أن سبع شركات أمريكية تعادل خمس دول، ولفتت الصحيفة إلى أن شركة أبل وحدها، التي تبلغ قيمتها السوقية ثلاثة تريليونات دولار، هي أكبر من سوق الأسهم في المملكة المتحدة بأكملها.
وذكرت الصحيفة البريطانية أن هذه الأرقام أصبحت مذهلة للغاية، مضيفة أنه وحتى الأسبوع الماضي، ارتفعت قيمة مجموعة الشركات السبع بمقدار 74 بالمئة للعام 2023، بينما تمكنت بقية الأسهم العالمية من تحقيق ارتفاع بنسبة 12 في المئة فقط ضمن مؤشر “إم إس سي آي” العالمي لجميع البلدان، وشددت الصحيفة على أنه إذا لم تتضمن محفظتك “العجائب السبع” في عام 2023، فإنه من الصعب المواكبة.
واستطردت الصحيفة قائلة: إن هذا، بلا شك، شيء غير مسبوق، مضيفة أنه وبفضل هذه الشركات السبع والجلبة التي أحدثتها في العام 2023، فإن الأسهم الأمريكية تمثل الآن 63 بالمئة في المؤشر العالمي لجميع البلدان، وأردفت الصحيفة أنه حتى في أيام المعجزة الاقتصادية اليابانية، كانت نسبة نصيب البلاد من المؤشر 44 بالمئة فقط.
وحول ذلك نقلت الصحيفة عن لامونت قوله: إن الولايات المتحدة تخطت بكثير ما حققته اليابان في الثمانينيات، والذي كان الجميع حينها يعتقد أن ما حققته اليابان درجة قصوى.
وذهبت الصحيفة إلى أنه من الصعب القول إن صعود الشركات السبع كان نتاجا لذلك النوع من المضاربات الجامحة التي خلقت فقاعة “الدوت كوم” في مطلع القرن، أو فقاعة “تكنولوجيا المعلومات”، والتي امتدت في الفترة ما بين 1995 و2000، حيث نمت في تلك الفترة أسواق البورصة في الدول الصناعية بشكل ملحوظ في الصناعات المتعلقة بالإنترنت.
وأشارت “الجارديان” إلى أنه قد يكون الارتفاع بنسبة 240 في المئة في سعر سهم “انفديا” لتصنيع الرقائق هذا العام مبالغا فيه أو لا يكون مبالغا فيه، ولكن لا يمكن إنكار أن الطلب على الرقائق يزدهر مع وصول ثورة الذكاء الاصطناعي.
وشددت الصحيفة على أنه سيكون من الخطأ أيضا الاعتقاد بأن الشركات السبع متشابهة تماما، حيث إن وجه الشبه بينها أنها جميعا تحتل مواقع متقدمة في الأسواق المتنامية، ولدى أمازون وجوجل ومايكروسوفت أقسام كبيرة للخدمات السحابية، إلا أن هناك أوجه اختلاف، فقسم البيع بالتجزئة في أمازون ليس لديه الكثير من القواسم المشتركة مع أعمال البحث في جوجل، كما أن أعمال البرمجيات الأساسية في مايكروسوفت مختلفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن جميع الشركات السبع قد تستفيد من الذكاء الاصطناعي، موضحة أن ذلك يساعد في تفسير علاقة الحب المتجددة بين سوق الأوراق المالية والتكنولوجيا في عام 2023 بعد عام “تراجع” شديد في عام 2022.