شارك الدكتور/ مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، مساء اليوم، في “القمة العالمية لصناعة التعهيد” التي تنظمها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والتي ستشهد توقيع عدد من مذكرات التفاهم بين هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا”، و55 شركة عالمية ومحلية لافتتاح مقرات لها فى مصر، أو زيادة حجم استثماراتها من خلال توسيع نطاق أعمال مراكزها فى السوق المصرية، وذلك بحضور الدكتور/ عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والمهندس/ أحمد الظاهر، الرئيس التنفيذي لهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا”، ومسئولي عددٍ من الشركات العالمية والمحلية.
وألقى رئيس الوزراء كلمةً، خلال القمة، قال في بدايتها: يُسعدني أن أتحدث إليكم اليوم في هذه القمة التاريخية، هذا التجمُع الذي لا يعكس فقط التحول الذي يشهده قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والخدمات العالمية في مصر، بل يعكس أيضًا قوة ومرونة الاقتصاد المصري وثقة العالم به.
وأكد الدكتور/ مصطفى مدبولي أن مصر سعت، على مدار السنوات الأخيرة، إلى تحقيق رؤية متكاملة ترتكز على ثلاثة محاور أساسية؛ وهي: استقرار الاقتصاد الكلي، وجاهزية البنية التحتية، والأهم من ذلك، تنمية رأس المال البشري، مشيرًا إلى أن هذه الأولويات الاستراتيجية هي التي تُوجِّه كل إصلاح واستثمار تقوم به الحكومة.
وأضاف رئيس الوزراء أنه على الرغم من أن المشهد الاقتصادي العالمي، خلال السنوات القليلة الماضية، قد أثًّر على العديد من الدول، وأن مصر قد واجهت بعض التحديات، بوصفها جزءًا من الاقتصاد العالمي المترابط، فإنه مع ذلك، وفي كل مرحلة، ظلت الحكومة المصرية مُلتزمة بتعزيز الاستقرار والشفافية والثقة في جميع مجالات الاقتصاد.
وتابع: كانت أولويتنا القصوى هي بناء بيئة أعمال تنافسية وشفافة تُعزز القدرة على التنبؤ، بما يُمكّن القطاع الخاص من تحقيق نمو طويل الأمد.
واستطرد الدكتور/ مصطفى مدبولي، في هذا السياق، قائلاً إن الحكومة نفذت إصلاحات هيكلية شاملة، تهدف إلى تبسيط إجراءات الاستثمار؛ ومن ذلك رقمنة المنظومتين الضريبية والجمركية، وتسهيل إجراءات منح التراخيص وتخصيص الأراضي، كما أن سياستنا لتحقيق الانضباط المالي مستمرة بما يضمن أن تفي مصر بالتزاماتها المالية بالكامل، مع تحقيق التوازن بين استثماراتها المحلية ومتطلبات التنمية.
وأشار الدكتور/ مصطفى مدبولي، في إطار حديثه عن تهيئة مناخ جاذب للاستثمار، إلى أن المجلس الأعلى للاستثمار، برئاسة فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، يضمن مرونة السياسات ووضوحها، وتحقيق تكامُل عميق ومُنسَّق بين مختلف القطاعات لدفع عجلة الإصلاحات الاقتصادية، موضحًا أن هذه الإصلاحات تقترن كذلك بنظام ضريبي مستقر وقابل للتنبؤ، يدعم قدرة القطاع الخاص على التخطيط طويل الأمد، والنمو، واستقرار الأعمال.
وأضاف رئيس الوزراء: تَبرُز نتائج سياساتنا الاقتصادية بوضوح، فقد أشادت المؤسسات الدولية بالتقدم الذي أحرزته مصر، وفي الوقت نفسه تواصِل مؤسسات التصنيف الائتماني الدولية النظر إلى الاقتصاد المصري بثقة، وتُعزز تصنيفاته، بما يُمثل نقطة تحول في مسارنا الاقتصادي، مؤكدًا أن تحويلات الأرباح أو تدفقات النقد الأجنبي إلى الخارج لا تخضع لأية قيود، ما يضمن للمستثمرين الحرية والمرونة التي يتوقعونها ويستحقونها.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور مصطفى مدبولي أن الثقة العالمية في سياساتنا الاقتصادية تُعزز ما نعرفه بالفعل؛ وهو أن مصر ليست مجرد سوق تشهد نموًا متسارعًا، بل وجهة موثوقة وجاذبة للاستثمار من أجل نمو مستدام.
وقال رئيس الوزراء، خلال كلمته بقمة صناعة التعهيد العالمية، إن الركيزة الثانية لرؤيتنا الوطنية هي تطوير البنية التحتية اللازمة للنمو، مؤكدًا أن هذه الركيزة تُشكّل حافزًا يربط الركيزة الأولى، النمو الاقتصادي، بالركيزة الثالثة والمحورية، التنمية البشرية.
وأضاف: اتساقًا مع جهودنا لتعزيز تنافسيتنا الاقتصادية، شهدنا عقدًا من الاستثمارات غير المسبوقة في البنية التحتية، والتي أحدثت نقلة نوعية في قطاع الأعمال في مصر.
وتابع الدكتور مصطفى مدبولي في إطار حديثه عن جهود الإصلاح الاقتصادي الذي نفذته الحكومة قائلًا: مع استمرارنا في الحفاظ على الانضباط المالي، وجّهنا الاستثمارات نحو القطاعات عالية الإنتاجية؛ كالتصنيع، والخدمات اللوجستية، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، مما ساهم في توسيع نطاق الشراكات بين القطاعين العام والخاص.
وأوضح أنه، على مدى السنوات العشر الماضية، استثمرنا أكثر من نصف تريليون دولار في شبكة الطرق، والموانئ، والمطارات، وأنظمة الطاقة، والمناطق اللوجستية، والتواصُل الرقمي، وهي الأسس التي تُمكّن الشركات والأعمال التجارية العالمية من الازدهار، مضيفًا أن استثماراتنا في البنية التحتية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالتزامنا بتحقيق التنمية الشاملة، التي تتجسد في المشروع القومي الضخم لتطوير الريف المصري “حياة كريمة”.
وحول مشروع “حياة كريمة”، أوضح رئيس الوزراء أن المشروع يغطي أكثر من 60 مليون مواطن في آلاف القرى المصرية، ويوفر بنية تحتية حديثة للكهرباء ومياه الشرب والصرف الصحي، بالإضافة إلى التوسُع في إنشاء المدارس وخدمات الرعاية الصحية، ويأتي ذلك مدعومًا بشبكة ألياف ضوئية قوية تتوسع باستمرار.
وانتقل الدكتور/ مصطفى مدبولي بعد ذلك إلى الحديث عن جهود تحقيق الاستدامة عبر تسريع عملية التحول نحو الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر؛ بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
ثم تحدث رئيس الوزراء عن جهود الحكومة نحو التحول الرقمي، مشيرًا إلى أن مصر أصبحت رائدة إقليميًا في هذا المجال، مضيفًا: نواصل تقديم أعلى سرعات للإنترنت الثابت على مستوى أفريقيا، ونحتل المركز الثاني من حيث انخفاض تكلفة الإنترنت، وهو التزام واضح ببناء مصر الرقمية.
وتابع الدكتور/ مصطفى مدبولي في سياق متصل أن مصر تُحافظ باستمرار على مكانتها كواحدة من أفضل ثلاث بيئات تمكينية ابتكارية في المنطقة، وقد ارتقت إلى تصنيف المجموعة الأولى “أ” ضمن مؤشر نضج الحكومة الرقمية الصادر عن البنك الدولي، مؤكدا أن هذه البنية التحتية الشاملة والمستدامة تُشكل ركيزةً أساسيةً تُمكّن الشركات من التواصل والتوسّع والنجاح في إطار من الثقة.
وانتقل رئيس الوزراء بعد ذلك للحديث عن المحور الثالث وهو الاستثمار في الموارد البشرية، قائلًا: مع وجود نحو 110 ملايين مواطن، وواحدة من أكثر فئات السكان ديناميكية وشبابًا في العالم، يُعدّ شعبنا بحقّ أعظم ثرواتنا.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور/ مصطفى مدبولي العمل، أن الحكومة تعمل في جميع أنحاء الدولة، على توسيع نطاق برامج التدريب التقني والمهني، وتطوير اللغات، وتعزيز المهارات الرقمية لتمكين مواطنينا من المساهمة في الاقتصاد العالمي، والأهم من ذلك، في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وأضاف: يتطور نظامنا التعليمي بما يتماشى مع التطورات التكنولوجية العالمية؛ من خلال دمج الذكاء الاصطناعي ومهارات العمل الرقمي الحر في المناهج الدراسية الوطنية، فعلى مدار السنوات السبع الماضية، دأبت الحكومة سنويًا على توزيع ما يقرب من مليون جهاز لوحي “تابلت” على طلاب مدارس المرحلة الثانوية، كجزء من منظومة تعليم رقمية وطنية تقوم على نحو مستمر بتحديث التعليم، والتقييم، والوصول إلى المعرفة.
وتابع رئيس الوزراء: بالإضافة إلى ما تقدَّم، فإننا نعمل على تعزيز التعاون بين مُقدمي التكنولوجيا على المستوى العالمي والجامعات المصرية، لضمان أن يتعلم شبابنا المهارات التي تتطلبها شركاتكم.
واستطرد: بالإضافة إلى قطاعات النمو الاستراتيجية لدينا وهي: السياحة والزراعة والصناعة، برز قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات كركيزة أساسية في أجندة التنويع الاقتصادي في مصر، مضيفًا أنه يتابع شخصيًا وعن كثب تطورات هذا القطاع مع زميله الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، و أنه على مدار الثمانية عشر شهرًا الماضية، قد زار أكثر من عشرة مراكز خدمة عالمية تعمل في جميع أنحاء الدولة، وخلال ذلك التقى بنخبة كبيرة من الكفاءات الشابة التي تقدم خدماتها لعملاء دوليين بتميُز ومهارة وفخر.
وأضاف الدكتور مصطفى مدبولي: خلال هذه الزيارات، أحرص دائمًا على التواصل مع قيادات هذه الشركات متعددة الجنسيات التي تؤكد ازدهار أعمالها في مصر، بفضل المواهب والدعم الحكومي والبنية التحتية القوية، مؤكدا أن زيارة شركات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، ومدارس الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وحاضنات الابتكار، ومراكز التعهيد، أصبحت محطةً ثابتة في جدول أعماله خلال كل زيارة ميدانية لأي محافظة، وفي كل زيارة أغادر وأنا أكثر تفاؤلًا بمستقبل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في مصر.
وفي ختام كلمته، قال رئيس الوزراء، موجها حديثه للحضور: مصر تمنحكم الاستقرار والشراكة، فلدينا جيل من الشباب الماهر، والمتحمِّس للمساهمة في نموكم العالمي، وأؤكد لكم أن الحكومة بأكملها تؤمن بأن شراكتنا مع القطاع الخاص هي أضمن طريق للازدهار والنمو.
وتابع: نواصِل الاستثمار في البنية التحتية لقطاع الاتصالات، وننفذ الإصلاحات اللازمة لكسب الثقة الدولية التي تدعم شركات التعهيد لتزدهر في السوق المحلية، ومصر على أتمّ الاستعداد للمساهمة في نجاحكم في الوقت الذي ترسمون فيه مستقبلًا مبتكرًا وتقدمون قيمة عالمية.



