جارى فتح الساعة......

ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أنه في خضم تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين حول منتجات، مثل الصلب والألومنيوم وأشباه الموصلات وبطاريات السيارات، يتكشف حاليا ما وصفته بـ “لعبة القط والفأر” حول منتج قد لا يشكل أولوية للأمن القومي لكنه يؤثر على الشركات المنتجة له وعلى الوظائف في هذه الشركات.

وأوضحت الصحيفة في تقرير لها، أن التوترات التجارية بين واشنطن وبكين تتجه هذه المرة إلى مسار مختلف، حيث يتهم تجار التجزئة والمصنعون في الولايات المتحدة، الشركات الصينية بإغراق السوق بمنتجات رخيصة، مثل المفروشات المنزلية، على الرغم من الجهود المتكررة التي تبذلها الحكومة الأمريكية لوقفها. ولفتت الصحيفة إلى أن المنتجات الصينية رخيصة الثمن أدت إلى إجبار العديد من الشركات المحلية للتخلي عن سوق المفروشات المنزلية، وأثر ذلك على الوظائف في تلك الشركات.

وأشارت إلى أن الهيئات التنظيمية الأمريكية فرضت رسوم مكافحة إغراق في عام 2019 تصل إلى 1.732 بالمئة على المراتب القادمة من الصين، إلى جانب عدد كبير من البلدان التي يعتقد أنها تستضيف منشآت للمصنعين الصينيين وغيرهم من الشركات المصنعة ذات الأسعار المنخفضة. كما نوهت الصحيفة بأنه من المتوقع أن تصدر وزارة التجارة الأمريكية قرارا نهائيا هذا الأسبوع، بشأن قائمة جديدة من الرسوم الجمركية على صادرات المراتب من دول، مثل كوسوفو والمكسيك، حيث أن هناك شكوكا بأن بعض المنتجين الصينيين يتهربون من الرسوم عن طريق شحن المراتب عبر دول أخرى لإخفاء أصلها.

وقالت الصحيفة الأمريكية إن هيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية تحقق حاليا مع عدد من المستوردين يشتبه في قيامهم بشحن مراتب من الصين إلى الولايات المتحدة عبر كوريا الجنوبية لصالح شركات مقرها الصين، باعت سلعهما في موقع أمازون للتجارة الالكترونية. وأفادت الصحيفة بأن التحقيقات أشارت في تقرير مؤقت صدر في فبراير الماضي، إلى زيادة في صادرات المراتب من كوريا الجنوبية بأكثر من 10 أضعاف على مدار عدة أشهر في عام 2023، حيث ذكر مسؤولو الجمارك أن هناك شكا معقولا في أن المراتب تم استيرادها إلى الولايات المتحدة من خلال التهرب (من دفع الرسوم).

ونقلت الصحيفة عن ممثل لـأمازون أن الشركة تتعاون بشكل روتيني مع التحقيقات التي تجريها الحكومة الأمريكية بشأن مكافحة الإغراق وغيرها من التحقيقات المتعلقة بالتجارة، وأن بائعيها مطالبون باتباع القانون. وذكرت الصحيفة أن شركة سيرتا سيمونز، إحدى أكبر شركات إنتاج المراتب في الولايات المتحدة، خفضت قوتها العاملة في المصنع إلى النصف منذ عام 2018 إلى ألفي عامل، حيث أدت الواردات الرخيصة إلى تفاقم معاناتها في السوق المتراجع، حسبما قال مسؤول في الشركة أمام جلسة استماع للجنة التجارة الدولية في مايو الماضي، فيما تقدمت الشركة بطلب الحماية من الإفلاس في عام 2023.

ولفتت صحيفة وول ستريت جورنال إلى أن لجنة التجارة الدولية، وهي وكالة أمريكية تحلل قضايا التجارة، قامت بالعديد من التحقيقات ووجدت أن الواردات الرخيصة من المنتجين الصينيين وغيرهم من المنتجين ذوي الأسعار المخفضة أدت إلى خسارة المبيعات، وانخفاض حصتها في السوق وانخفاض الأسعار بالنسبة للشركات المحلية. ونوهت الصحيفة إلى أن الواردات تؤدي إلى تفاقم المشاكل التي يواجهها هذا القطاع في الولايات المتحدة، الذي عانى على مدى العقد الماضي من إغلاق المصانع وإفلاسها.

من جانبها، ذكرت إذاعة صوت ألمانيا دويتشه فيله، في تقرير لها، أن الشركات الصينية تتمكن في كثير من الأحيان من تحجيم الشركات الغربية بفضل العمالة الصينية الرخيصة وفرط الإنتاج وأيضا الدعم الحكومي السخي، مما يضعف قدرة الشركات الغربية على المنافسة. ونقلت دويتشه فيله عن رولف لانغهامر، الخبير الاقتصادي الألماني والنائب السابق لرئيس معهد الاقتصاد العالمي في كيل، قوله إن “الدعم الصيني منتشر على نطاق واسع بما يشمل جميع الصناعات تقريبا. يفوق الدعم الحكومي الصيني بكثير الإعانات المالية في الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة”.

وأشار لانغهامر إلى أن الإعانات الصناعية المقدمة من الحكومة الصينية تعد أعلى في المتوسط بثلاثة إلى أربعة أضعاف الإعانات الحكومية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، مبرزا أن الفارق قد يصل إلى تسعة أضعاف. كما ذكرت الإذاعة الألمانية عن تقرير نشره معهد الاقتصاد العالمي، أن الإعانات الصناعية بلغت 221 مليار يورو (237 مليار دولار) أو 1.73 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي للصين في عام 2019. وذهبت تقديرات أخرى إلى أن الإعانات السنوية قد تصل إلى نحو 5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.

وكشف تقرير معهد الاقتصاد العالمي عن أن الإعانات الحكومية الصينية المقدمة للشركات التي تعمل في قطاع التكنولوجيا الخضراء، قد ارتفعت بشكل كبير عام 2022، إذ حصلت شركة بي واي دي الصينية التي باتت الآن أكبر شركة سيارات كهربائية في العالم، على دعم حكومي بلغ 2.1 مليار يورو عام 2022 مقارنة بـ 220 مليون يورو قبل عامين فقط.

ويضاف إلى ذلك ارتفاع الدعم المقدم لشركة مينغيانغ الصينية الرائدة في تصنيع توربينات الرياح، من 20 مليون يورو إلى 52 مليون يورو. وقال التقرير “إن الأمر لا يتوقف على الإعانات الحكومية السخية بل يشمل أيضا استفادة الشركات الصينية من الوصول التفضيلي إلى المواد الخام الحيوية وعمليات النقل التكنولوجي وحتى نظم وقواعد أقل صرامة من القواعد في الدول الغربية”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version