تقدر قيمة سوق العقارات العالمية بنحو 3.69 تريليونات دولار و يتوقع أن يصل إلى 5.85 تريليون دولار بحلول 2030 و لذلك يعد أحد أهم القطاعات الاقتصادية في العالم ، وقد عانى هذا القطاع خلال الفترة الأخيرة من تباطؤ النمو في عدد كبير من الدول نتيجة لزيادة أسعار الفائدة وارتفاع وتيرة التضخم ، والتحولات في الإنفاق الأسري مما يهدد مستقبل الاقتصاد العالمي
وتتعالى وتيرة المخاوف العالمية بشأن انعكاس تلك الأزمة سلباً على حياة الملايين من البشر. فبحسب البنك الدولي، فإن من المتوقع أن تؤثر أزمة العقارات على حياة 1.6 مليار شخص، بحلول عام 2025. كما سيكون العالم بحاجة إلى نحو 96 ألف مسكن لائق بأسعار معقولة كل يوم لإيواء 3 مليارات شخص بحلول عام 2030.،
وتظهر بيانات صندوق النقد الدولي، أن تكلفة السكن في معظم دول العالم، تنمو بوتيرة أسرع من الدخل؛ فوفق دراسة أجريت على 200 مدينة على مستوى العالم، وجد أن 90% من تلك المدن، لا يمكن العيش فيها؛ حيث يبلغ متوسط تكلفة المنازل أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط الدخل، وهو ما يشكل أعباء مالية ضخمة على المواطنين وبالأخص الشباب ممن هم في مقتبل حياتهم.
ووفقاً للمؤشر الدولي للإيجارات حسب المدينة Housing Anywhere International Rent Index by City، فإن ارتفاع أسعار الإيجارات بات سمة رئيسية في كثير من دول العالم؛ فأوروبا على سبيل المثال، ارتفعت فيها الإيجارات في جميع أنواع المنازل بنسبة 14.5% في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الجاري.
فيما باتت آسيا موطناً لبعض أسواق العقارات الأكثر تكلفة والأسرع نمواً في العالم؛ حيث ينفق المستأجرون أكثر من نصف دخلهم على تكاليف الإسكان، طبقًا لمؤشر تكلفة الإيجار The Cost of Rent Index، الذي يقارن بين متوسطات تكلفة منزل يضم ثلاثة أسرَّة a three-bed home في أكثر من 50 دولة. وهي الأزمة التي تواجهها الولايات المتحدة؛ حيث ينفق نحو 11 مليون أمريكي أكثر من نصف دخلهم على الإيجار.
أميركا
وتشير التقارير الدولية ، لاستمرار التراجع في إشغال المنازل للشهر الخامس على التوالي في أميركا، نتيجة لارتفاع في أسعار الرهن العقاري في السنة الماضية، وهو ما ألحق الضرر بالقطاع وأسفر عن أسوأ تراجع في المبيعات السنوية للمنازل المملوكة، منذ ما يزيد على 10 سنوات. ونجم عن ذلك، ضغوطات على الأسعار في بعض الولايات، مثل سان فرانسيسكو.
ألمانيا
وفي ألمانيا ارتفعت معدلات فوائد الرهن العقاري، وبحسب بيانات من الوكالة العقارية الألمانية «انترهيب» ارتفع سعر الفائدة الثابت لمدة 10 سنوات من 1% إلى 3.9% منذ بداية العام 2022، وهو ما يؤدي عادةً إلى تراجع الطلب نظراً لأن القليل من الأشخاص يستطيعون الحصول على قروض في ظل ارتفاع الفوائد.
بالفعل انخفضت أسعار المنازل بنحو 5% منذ مارس 2022، وفقاً لبيانات دويتشه بنك. ويتوقع محللون في مجال الاقتصاد الكلي في البنك الألماني، انخفاض يتراوح بين 20% و25% في المجموع من الذروة إلى القاع. ويقولون إنه بالنظر إلى معدلات الرهن العقاري التي تبلغ 3.5% أو 4%، فالمستثمر بحاجة إلى عوائد إيجارية أعلى، ولأن الإيجارات ثابتة نسبياً فمن الواضح أن الأسعار يجب أن تنخفض».
المملكة المتحدة.
عطلت أطول فترة من تراجع أسعار المنازل منذ الأزمة المالية العالمية، مسيرة ما يزيد على 10 سنوات من النمو المستقر في المملكة المتحدة. واستمر انخفاض متوسط قيمة المنازل، لنحو 5 أشهر على التوالي. كما نتج عن القفزة في معدل الرهون العقارية وارتفاع تكلفة المعيشة لأعلى مستوى لها منذ 10 سنوات، تقويض للقوة الشرائية للمنازل، ما جعل تكلفة الحصول على المساكن فوق طاقة معظم المشترين.
نيوزلندا
وفي نيوزلندا، استمرت الأسعار في التراجع في شهر يناير الماضي، مع توقعات بالمزيد من الاستمرار، لعدم شعور سوق العقارات، بالتأثير الناتج عن ارتفاع أسعار الفائدة في السنة الماضية. ويملك معظم سكان نيوزلندا، رهوناً عقارية بأسعار فائدة ثابتة، ما يرجح المزيد من التراجع في أسعار المنازل، لتكون أقل بنحو 20% عما كانت عليه في ذروة عام 2021، بحلول بداية عام 2024.
أستراليا
ولا يختلف الوضع في أستراليا كثيراً، حيث من المتوقع انعكاس الارتفاع في تسديد القروض، للذين تحولت رهونهم العقارية لأسعار متغيرة أعلى، سلباً على الاستهلاك. وربما يقفز سداد 15% من قروض الإسكان، بأكثر من 80%، عند انتهاء سعر الفائدة الثابت والمنخفض. كما من المرجح، أن يتأثر دخل الأسرة، بما يعادل 2.2% من مبيعات التجزئة.
سنغافورة
وتباطأت وتيرة النمو، في قطاع الإسكان في سنغافورة، التي تميزت بنمو أكثر، بالمقارنة مع العديد من الأسواق حول العالم. وارتفعت أسعار المنازل، بنسبة ضئيلة لم تتعد 0.4%، خلال الربع الأخير من عام 2022، في أدنى مستوى لها منذ ما يزيد على العامين. كما انخفضت الأسعار في شهر ديسمبر، لأقل مستوى لها منذ 14 عاماً.
الصين
وفي الصين، يعكس بطء نمو القطاع العقاري، تراجعاً طفيفاً، بصرف النظر عن الجهود التي تبذلها السلطات لإنعاش القطاع. وانخفضت مبيعات المنازل الجديدة، 32.5% خلال شهر يناير الماضي، بالمقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2022، وفقاً للشركة الصينية لمعلومات العقارات.
واتخذت السلطات، خطوات لتسهيل التمويل للمطورين الذين تعرضوا لضائقة مالية في الأشهر القليلة الماضية، ما أدى لإلغاء حملة تهدف لتخفيض المديونية، نجم عنها موجة من التخلف عن السداد وعرقلة النمو الاقتصادي في البلاد. كما زادت السلطات المحلية أيضاً، من جهودها لإنعاش حركة شراء المنازل، بما في ذلك خفض الرهون العقارية وتقليل متطلبات الدفع المقدم. وليس من المتوقع أن تساعد مثل هذه الخطوات، في إنعاش المبيعات حتى حلول منتصف العام الجاري.