كشفت هيئة الإذاعة الأسترالية عن جملة من العوامل الداعية للتفاؤل بخصوص الاقتصاد الأسترالي خلال العام 2024، خاصة بعد المتاعب التي شهدها بداية من انعكاسات انتشار وباء كورونا ، وما تلا ذلك من الحرب الروسية الأوكرانية، وما سببته من ارتفاع أسعار الوقود، علاوة على تفاقم اضطرابات سلاسل التوريد والتي كانت أحد أسبابها الإغلاقات التي جاءت نتيجة للجائحة، مما نتج عنه ارتفاعا كبيرا في تضخم غير مشهود منذ عقود.
وقالت هيئة الإذاعة الأسترالية إن التضخم العنيد، الذي بلغ ذروته أقل بقليل من 8 في المائة على أساس سنوي في سبتمبر 2022، سيستمر في مساره الهبوطي. وأوضحت أن أحدث الأرقام الشهرية أظهرت ارتفاعا سنويا في الأسعار (التضخم السنوي) بنسبة 4.9 في المائة على مدار العام حتى أكتوبر، ويتوقع معظم الاقتصاديين أن ينخفض ذلك إلى 4.5 في المائة عند صدور أحدث الأرقام، مشيرة إلى أن الاقتصاديين في بنك ” الكومنولث” الأسترالي يأملون أن يتراجع التضخم السنوي عند مستوى ثلاثة، عندما يتم إصدار أرقام شهر ديسمبر الماضي.

وذكرت “هيئة الإذاعة الأسترالية” أن هذا النوع من التوقعات دفع المتداولين في الأسواق المالية إلى تحديد صورة كاملة لخفض في سعر الفائدة من قبل البنك الاحتياطي الأسترالي (البنك المركزي في أستراليا) وذلك بحلول سبتمبر من هذا العام، وأضافت أن ذلك مبني على أمل أن يقترب التضخم من الوصول إلى هدف بنك الاحتياطي الأسترالي البالغ 2-3 في المائة بحلول ذلك الوقت، حيث لا يزال التضخم في اتجاه هبوطي واضح.
واستطردت الهيئة الأسترالية قائلة: السبب الثاني للتفاؤل هو أن نمو الأجور تجاوز نمو الأسعار خلال الربعين الماضيين، مما يعني أن الأستراليين العاملين بشكل عام لم يعودوا يعانون من تخفيضات مستمرة في الأجور الحقيقية.
وفي هذا الخصوص قال جيم تشالمرز وزير الخزانة الأسترالي: “لقد شهدنا أسرع نمو للأجور منذ 15 عاما، وما تظهره هذه الأرقام الجديدة هو أن الأشخاص الذين يتقاضون أقل الأجور يحصلون على أكبر نسبة زيادات”.
وألمح أيضا إلى أن تلك الفئات ذات الدخل المنخفض قد تستفيد من المساعدة الإضافية في تكاليف المعيشة في الميزانية، بالإضافة إلى خصومات الكهرباء، وزيادة المساعدة على الإيجار، وإعانات أكبر لرعاية الأطفال التي تم تنفيذها بالفعل.
أما بخصوص العنصر الثالث الذي يدعو للتفاؤل، ذكرت هيئة الإذاعة الأسترالية أنه ستكون هناك تخفيضات خاصة بضريبة الدخل العالية منذ الأول من يوليو المقبل، مشددة على أن النتيجة الصافية لانخفاض التضخم، وانخفاض أسعار الفائدة، وانخفاض معدلات ضريبة الدخل، وارتفاع الأجور ــ إذا حدثت كما هو متوقع ــ ستكون ارتفاعا كبيرا في مقدار دخل الفرد الذي يتبقى بعد خصم الضرائب بعد ما يقرب من عقد من الركود.
إلا أن “هيئة الإذاعة الأسترالية” حذرت من أن هناك ثمة مخاطر تلوح في الأفق، وذلك يتمثل في أن هذا الارتفاع ذاته في مقدار دخل الفرد الذي يتبقى بعد خصم الضرائب من شأنه أن يقوض ضعف الطلب اللازم لخفض التضخم، وبالتالي الإبقاء على ارتفاع الأسعار وأسعار الفائدة أعلى لفترة أطول.
ونسبت الهيئة الأسترالية لبول بلوكسهام، كبير الاقتصاديين في بنك HSBC أستراليا، أن هذا أمر محتمل، معبرا عن اعتقاده أن الأستراليين سيحتاجون إلى الانتظار لمدة عام آخر لتخفيف أسعار الفائدة.
وتطرقت “هيئة الإذاعة الأسترالية” إلى عامل آخر قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم وتأخير تخفيضات أسعار الفائدة، ليس فقط في أستراليا، ولكن على مستوى العالم، وهو خطر تصاعد الصراع في الشرق الأوسط والجفاف الذي يؤثر على قدرة قناة بنما، مما يؤدي إلى تعطيل الشحن، مع تهديد الجفاف أيضا لإمدادات الطاقة.
لكن سيمون ماك آدم، كبير الاقتصاديين العالميين في “كابيتال إيكونوميكس”، يعتقد أن الاضطراب والارتفاع في تكاليف الشحن لن يكون كبيرا بالقدر الكافي لتعزيز التضخم بشكل ملموس، خاصة في ضوء ضعف الطلب على السلع وزيادة قدرة الشحن.
كما ذكرت أيضا مخاطر جيوسياسية في أماكن أخرى، حيث يتوجه نحو نصف سكان العالم إلى صناديق الاقتراع هذا العام، وخاصة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والهند، وإندونيسيا وتايوان.
وأوضحت أنه وعلى الرغم أن الانتخابات الأمريكية تأتي في أواخر العام، فمن المرجح أن تكون الحملة قوية وقد تؤدي إلى زعزعة استقرار الأسواق المالية، خاصة مع استمرار خطر إغلاق الحكومة الأمريكية وسط نزاعات حول الميزانية.