رجحت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن يؤدي الشهر الثاني على التوالي من التضخم، الذي بدأ أكثر ثباتا من المتوقع، إلى تعزيز موقف الانتظار والترقب لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي في الولايات المتحدة) تجاه تخفيضات أسعار الفائدة، عندما تجتمع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأسبوع المقبل للبت في أسعار الفائدة.
وقال مكتب إحصاءات العمل، التابع لوزارة العمل الأمريكية، أمس الثلاثاء، إن مؤشر أسعار المستهلكين نما 0.4 بالمئة على أساس شهري بعد ارتفاعه 0.3 بالمئة في يناير هذا العام، كما أن أسعار المستهلكين علت بنسبة 3.2 في المئة في فبراير الماضي، مقارنة بالعام السابق، بعد ارتفاعه 3.1 بالمئة في يناير.
ونقلت الصحيفة عن بوجا سريرام، الخبيرة الاقتصادية في بنك “باركليز”، أنه من المرجح أن يضعف تقرير أمس الثقة في بنك الاحتياطي الفيدرالي .
بيد أن الصحيفة ذكرت أنه ومع ذلك يركز المسؤولون على توقيت خفض أسعار الفائدة، في وقت شهد فيه التضخم انخفاضا بصورة ملحوظة من أعلى مستوياته خلال 40 عاما بعد أسرع زيادات في المعدل خلال أربعة عقود.
وأشارت إلى أنه عندما يجتمع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل، فإن التركيز الأساسي سيكون حول ما إذا كان معظم المسؤولين سيستمرون في توقع ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام، أو أن المزيد من المسؤولين سيقترحون تخفيضين فقط.
وأبقى بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي قصير الأجل عند حوالي 5.3 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ 23 عاما منذ يوليو الماضي.
ونسبت الصحيفة إلى إريك روزنغرين، الذي ترأس بنك الاحتياطي الفيدرالي في بوسطن من عام 2007 إلى عام 2021، أن قراءة وزارة العمل لا ينبغي أن تغير بشكل أساسي التوقعات لثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة هذا العام، وفقا لتوقعات المسؤولين في اجتماعهم في ديسمبر الماضي. ويتوقع المستثمرون أول خفض لسعر الفائدة في يونيو المقبل.
وأردف روزنغرين أن تقرير وزارة العمل يحكي بشكل أساسي قصة أن هناك تحسنا تدريجيا في التضخم الأساسي، طالما استمرت الأجور والرواتب في الانخفاض، وشدد المسؤول المصرفي أنه لا يرى أن هذا التقرير يغير حقا النظرة العامة لاحتمال التخفيض لأسعار الفائدة في يونيو.
وذكرت وول ستريت جورنال أن هدف البنك المركزي الأمريكي بالوصول لتضخم يبلغ 2 بالمئة لا يرتكز على تقرير وزارة العمل الصادر أمس، والمعروف باسم مؤشر أسعار المستهلكين، مبينة أنه وبدلا من ذلك، فإنه يتم قياس هدف البنك بمقارنته بمقياس منفصل تحتفظ به وزارة التجارة، ويعرف هذا المقياس بمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي.
وأوضحت الصحيفة أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي يميل للتباطؤ أكثر من مؤشر وزارة العمل، مضيفة أنه ارتفع في يناير الماضي بنسبة 2.4 في المئة عن العام السابق، كما أن قراءة شهر فبراير سيتم إصدارها في 29 مارس الجاري.
ولفتت وول ستريت جورنال إلى أن مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي يزن بعض العناصر بشكل مختلف عن مؤشر أسعار المستهلك.
ونقلت الصحيفة عن روزنغرين قوله أن البنك المركزي الأمريكي سيميل نحو خفض أسعار الفائدة في اجتماعه أوائل مايو المقبل؛ بسبب الدلائل على أن الاقتصاد يتباطأ أكثر مما أشارت إليه القياسات الرئيسية حتى الآن، لكنه ذكر إنه يعتقد أن مسؤولي البنك سينتظرون حتى يونيو لإجراء أول خفض لسعر الفائدة، ليكونوا أكثر ثقة في أن التضخم يعود إلى هدفهم البالغ 2 بالمئة.
ونوهت بأن الأسهم الأمريكية حققت مكاسب واسعة النطاق هذا العام، على الرغم من أن التداول كان متقلبا، وأن المستثمرين يطرحون تكهنات بشأن الكيفية التي قد يحقق بها بنك الاحتياطي الفيدرالي تخفيضات أسعار الفائدة.
وتابعت الصحيفة أن الأسهم ارتفعت بعد التقرير، مشيرة إلى أن تلك علامة على أن المستثمرين يعتقدون أيضا أن خفض سعر الفائدة في يونيو لم يخرج عن مساره، إلا أنها ذكرت أن تقرير وزارة العمل لن يجعل مداولات البنك الفيدرالي المقبلة أسهل.
ونوهت بأن جيروم باول رئيس البنك المركزي قد أشار إلى أن قراءات التضخم لا تحتاج بالضرورة إلى أن تكون أفضل من تلك المعتدلة التي تم تسجيلها في أواخر العام الماضي حتى يبدأ البنك في خفض أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام.
وأضافت الصحيفة أن السؤال الكبير الذي يطرح هو: لأي مدى تمثل الزيادات في الأسعار الأساسية التي حددتها وزارة العمل هذا العام انتكاسات؟ واختتمت تقريرها بتصريح لنيل كاشكاري رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، في مقابلة أجريت معه الأسبوع الماضي، قال فيها: “إنه إذا بدا التضخم أكثر رسوخًا مما نعتقد، فإن أول شيء سنفعله هو إبقاء أسعار الفائدة كما هي لفترة طويلة من الزمن”.