سجلت اليابان أول فائض تجاري منذ عامين في يونيو الماضي بقيمة 43 مليار ين (300 مليون دولار أمريكي ) وسط الصادرات القوية المتجهة إلى الولايات المتحدة وتراجع تكاليف واردات الطاقة. وذكرت وكالة كيودو اليابانية للأنباء أن اليابان الفقيرة بالموارد التجارية عانت في الأشهر الستة الأولى من عام 2023، من عجز تجاري بلغ 6.96 تريليون ين، على الرغم من أنه كان أقل بنسبة 13% تقريبا مما كان عليه قبل عام.
وأدى الطلب الأمريكي القوي على السيارات وآلات البناء في يونيو من هذا العام إلى زيادة الصادرات اليابانية الإجمالية بنسبة 1.5% لتصل إلى 8.74 تريليون ين، وهو الأكبر على الإطلاق لهذا الشهر.. بينما انخفضت الواردات بنسبة 12.9% لتصل إلى 8.70 تريليون ين مع انخفاض واردات النفط الخام والفحم والغاز الطبيعي المسال. وكانت وزارة المالية اليابانية قالت في تقرير أولي إن الفائض التجاري لليابان مع الولايات المتحدة توسع بنسبة 37.4% إلى 817.50 مليار ين حيث ارتفعت الصادرات 11.7% إلى 1.74 تريليون ين، وهو رقم قياسي لشهر يونيو.. بينما تراجعت الواردات بنسبة 4.2% إلى 921.29 مليار ين مع انخفاض واردات النفط الخام والقمح.
من جهة أخرى بلغ العجز التجاري للبلاد 442.83 مليار ين مع الصين، بانخفاض بنسبة 7.6%، حيث تراجعت الصادرات أكثر من الواردات بسبب تباطؤ الطلب على الصلب والرقائق في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. وسجل الميزان التجاري الياباني مع بقية دول آسيا أول فائض له في شهرين بلغ 280.80 مليار ين بينما سجل عجز تجاري بقيمة 26.24 مليار ين مع الاتحاد الأوروبي.
يشار إلى أنه وفي ظل ترقب الأسواق نتائج اجتماع بنك اليابان (البنك المركزي) قبل نهاية الشهر الجاري، يواجه صانعو السياسة المالية والنقدية في البلد الآسيوي تحديات كبيرة تتعلق بقيمة الين والضغوطات الهائلة التي يفرضها عليهم. يأتي ذلك في ظل استمرار سياسة التيسير النقدي التي يتبعها بنك اليابان منذ سنوات لتحفيز النمو الاقتصادي وتعزيز الاستثمار والإنفاق.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن الين الياباني كان أحد أسوأ العملات أداء في العالم في معظم أوقات هذا العام، حيث انخفض بنسبة 5 بالمئة تقريبا مقابل الدولار الأمريكي وانخفض أكثر مقابل اليورو والجنيه الإسترليني والفرنك السويسري. لكنه عكس مساره بشكل حاد في الأسبوعين الماضيين واكتسب أكثر من 4 بالمئة مقابل الدولار منذ بداية يوليو.
وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه التحولات يمكن أن تعزى إلى حد كبير إلى سعر الفائدة، وقالت إن تجار العملات يسألون أنفسهم كل يوم: إلى أين تتجه أسعار الفائدة؟ وفي إطار سياسة التيسير النقدي تلتزم اليابان بأسعار فائدة منخفضة للغاية، بينما تشدد البنوك المركزية الأخرى من سياستها النقدية لكبح التضخم. وهذه السياسة النقدية التي ينتهجها البنك المركزي الياباني جعلته في وضع مخالف للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي ينتهج منهج تشديد السياسة النقدية، حيث شرع في موجة تاريخية من زيادات أسعار الفائدة على مدار الـ16 شهرا الماضية للحد من التضخم. وعندما يرفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، يقال إنه “يشدد” السياسة النقدية، وهي إحدى أدوات البنوك المركزية التي تستخدمها بهدف تقليل الطلب على النقود، إلا أن الصحيفة ذكرت أن التجار يعتقدون أن كلا البنكين المركزيين قد يغيران اتجاههما قريبا.
ونقلت الصحيفة عن بيانات لشركة فاكتست لنظم البحوث (FactSet) أن الدولار الواحد يمكن أن يشتري، أمس الأربعاء، حوالي 138.6 ين ياباني، بعد أن كان يتم تداوله بما يقرب من 145 ينا لكل دولار قبل أقل من أسبوعين. وأظهر استطلاع فاكتست الذي شمل 43 شركة وساطة، أن متوسط التقدير للين أن يصل إلى 132 بحلول نهاية هذا العام، ويعتقد الاستراتيجيون في سيتي غروب (Citigroup) وهي إحدى أكبر شركات الخدمات المالية الأمريكية أن الدولار سيشتري حوالي 120 ينا يابانيا العام المقبل.
وذكرت الصحيفة أنه سيكون للتغيير الكبير في قيمة الين تأثير بعيد المدى، حيث سيضرب الأرباح في بعض أكبر الشركات في اليابان، ويقلل من جاذبية الأسهم اليابانية للمستثمرين الأجانب ويغير الطريقة التي ينظر بها التجار والمستثمرون إلى مجموعة ضخمة من فئات الأصول. ويعتبر الين ثالث أكثر العملات تداولا في العالم، وذلك بعد الدولار واليورو، مما يمنحه دورا مهما في النظام المالي العالمي.
ورأت الصحيفة أن الين الضعيف يساعد أكبر المصدرين في اليابان، بما في ذلك شركات صناعة السيارات مثل تويوتا وهوندا، لأنه يجعل عائداتهم الخارجية تساوي أكثر عندما يحولونها مرة أخرى إلى الين. وساعدت القيمة المنخفضة للعملة أيضا في جذب المستثمرين الأجانب إلى سوق الأسهم هذا العام من خلال منحهم فرصة للاستفادة من ارتفاع أسعار الأسهم وتقوية العملة، بحسب الصحيفة. وقفز مؤشر نيكي 225 القياسي الياباني بنحو 26 بالمئة هذا العام، لكن المؤشر بدأ يفقد قوته هذا الشهر، وهو انخفاض رافق ارتفاع الين.
وأشارت الصحيفة إلى أن التغيير السريع في قيمة الين مقابل الدولار هو جزء من اتجاه أوسع لضعف الدولار، حيث إن انخفاض التضخم في الولايات المتحدة الشهر الماضي عزز الاعتقاد بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سينهي ارتفاع أسعار الفائدة بعد اجتماعه الأسبوع المقبل، حيث يتوقع معظم الاقتصاديين زيادة واحدة على الأقل في سعر الفائدة.
ولقد كانت خسارة الدولار للقيمة مقابل الين أكثر وضوحا من العملات الأخرى هذا الشهر.
ويرجع ذلك جزئيا إلى أن الين انخفض كثيرا مقابل الدولار خلال حملة رفع معدل الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، ولكن أيضا لأن التجار يتوقعون بشكل متزايد أن يقوم بنك اليابان بدوره في سد فجوة أسعار الفائدة بين البلدين.
وتولى كازو أويدا منصب محافظ بنك اليابان في أبريل الماضي ولم يتخذ حتى الآن أي خطوات سياسية رئيسية، لكن العديد من الاقتصاديين والمحللين يعتقدون أنه سيزيد أو يزيل بالكامل سقف العائد على بعض السندات الحكومية، على الرغم من وجود جدل حول توقيت مثل هذه الخطوة.
ولا يعتقد المراقبون بأن بنك اليابان سيتخلى عن سياسة التيسير التي يتبعها، مرجعين ذلك إلى عدد من العوامل الرئيسية، وأهمها تباطؤ وتيرة رفع الفائدة بالنسبة للاقتصادات الكبرى. وبينما يتبع بنك اليابان سياسة التيسير مخالفا اتجاهات البنوك المركزية الأخرى (التشديد النقدي)، فمن غير المرجح أن يعدل عن سياسته في الوقت الذي تتجه تلك البنوك نفسها إلى التراجع تدريجيا في المرحلة المقبلة وفي ضوء بيانات التضخم الحالية مع الوصول لذروة رفع الفائدة.
ووفقا لمسح شهري أجراه مزود البيانات /Quick/، يتوقع ما يقرب من ثلاثة أرباع المشاركين في السوق أن يحافظ البنك المركزي على سياسته دون تغيير في اجتماعه الأسبوع المقبل.