ذكرت صحيفة الفايننشال تايمز البريطانية أن كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني يستخدم ميزة إحصائية غير عادية، استمرت لفترة طويلة لدعم محاولاته للتصدي للرسوم الجمركية التي هدد بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معتمدا على البيانات الأميركية، التي تظهر أن المملكة المتحدة هي واحدة من الاقتصادات الكبرى القليلة التي تحقق أميركا معها فائضا تجاريا.
ويتحقق الفائض التجاري عندما تكون فيها قيمة الصادرات إلى بلد ما أكبر من قيمة وارداته، ويشير إلى أن الولايات المتحدة تحقق فائضا تجاريا مع المملكة المتحدة، أي أن أمريكا تصدر إلى المملكة المتحدة أكثر مما تستورد منها. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن الوزراء البريطانيين يركزون على البيانات الأميركية في مناقشاتهم مع المسؤولين في إدارة ترامب؛ لأن منهجيتها أكثر إفادة لقضيتهم من إحصاءات المملكة المتحدة نفسها. ونسبت الصحيفة لأحد كبار المسؤولين البريطانيين -لم تسمه- أن استخدام بيانات التجارة الأميركية الخاصة يوفر أساسا مشتركا وقويا عند الانخراط في المناقشات مع الأميركيين.
وذكرت الصحيفة أنه وفقا للأرقام الأمريكية، فقد سجلت الولايات المتحدة فائضا تجاريا إجماليا مع المملكة المتحدة في عام 2023، بلغ 14.5 مليار دولار، وهذا يضع بريطانيا في موقف مواتٍ في ظل تهديد ترامب بفرض رسوم جمركية تستهدف الدول التي لديها معها عجز كبير. إلا أن الصحيفة أشارت إلى أنه ومع ذلك فقد أفاد مكتب الإحصاءات الوطنية أن المملكة المتحدة حققت فائضا تجاريا مع الولايات المتحدة بقيمة 71.4 مليار جنيه إسترليني، أو حوالي 89 مليار دولار في عام 2023.
وهدد ترامب بفرض رسوم جمركية عقابية على الدول التي تعاني من عجز تجاري مع الولايات المتحدة، رغم أن تركيزه يبدو على السلع وليس الخدمات، وفقا للصحيفة. وفي حين أن الجزء الأكبر من الميزان التجاري للمملكة المتحدة مع الولايات المتحدة يتكون من الخدمات، فإن البلاد سجلت في عام 2023 فائضا صغيرا في تجارة السلع مع الولايات المتحدة بلغ نحو 3 مليارات دولار، ولا يزال هذا يتناقض مع فائض تجارة السلع البالغ 9.7 مليار دولار الذي سجلته الولايات المتحدة مع المملكة المتحدة.
ويرى ستارمر واللورد ماندلسون، السفير البريطاني الجديد في واشنطن، وفقا للصحيفة، أن ترامب يجب أن يعفي بريطانيا من أي تطبيق عام للرسوم الجمركية نظرا للوضع التجاري بين البلدين. وأشارت صحيفة فايننشال تايمز إلى أن مكاتب الإحصاء عبر الأطلسي تدرك هذه الاختلافات، وهي تتعاون فيما بينها لإعادة تنظيم البيانات منذ عام 2017، وقد سلطت الضوء على مدى كبر الاختلافات عند قياس التجارة في الخدمات.
وحذر مكتب الإحصاءات الوطنية، وفقا للصحيفة، من أن عدم التماثل التجاري أمر شائع، وأن الاختلافات “يمكن أن تنجم عن مجموعة من الاختلافات المفاهيمية والقياسية بين ممارسات التقدير في مختلف البلدان. ورأت الصحيفة أن إحدى القضايا الرئيسية بشأن الإحصاءات البريطانية والأمريكية هي معاملة الأقاليم التابعة للتاج البريطاني، وهي الأقاليم الجزرية الثلاثة الواقعة قبالة سواحل الجزر البريطانية، والتي تعتبر ممتلكات تتمتع بالحكم الذاتي تابعة للتاج البريطاني.
وتفيد التقارير الأمريكية، وفقا للصحيفة، بأن صادرات الولايات المتحدة من الخدمات إلى المملكة المتحدة تزيد عن وارداتها بما يصل إلى 4.8 مليار دولار، في حين تشير المملكة المتحدة إلى أن صادراتها إلى الولايات المتحدة تزيد عن وارداتها بما يصل إلى 70 مليار جنيه إسترليني.
وقالت المملكة المتحدة إن استبعاد التبعيات التاجية من بيانات التجارة البريطانية يتماشى مع نظام الحسابات الأوروبي. وأوضح مكتب الإحصاء الأمريكي أنه “سيدرس إمكانية تعديل أدوات جمع البيانات لاستبعاد هذه التبعيات من التعريف الجغرافي للمملكة المتحدة”. وهذا أمر قد لا يرغب العديد من المسؤولين في المملكة المتحدة في حدوثه الآن، وفقا للصحيفة.
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن بلاده ستفرض رسوما جمركية على الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى العجز التجاري الكبير بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتعهد بالقيام بعمل “قوي” ضد التكتل، إلا أنه لم يقدم مزيدا من التفاصيل.
وقال في مؤتمر صحفي، أمس الأول، إن “بعض الدول تتعامل مع بلاده بشكل سيئ في العلاقات التجارية، مما يجعلها تخسر المال”. وقال: “حتما سأفرض رسوما على الاتحاد الأوروبي، فأوروبا تعاملت معنا بشكل سيئ”.. وتابع “إنهم لا يأخذون سياراتنا ولا يأخذون منتجاتنا الزراعية بشكل أساسي، إنهم لا يأخذون أي شيء تقريبا”. وأوضح أن الولايات المتحدة أصبحت غنية عبر التاريخ عن طريق ضرائب الجمارك، مؤكدا أنه سيعود إلى هذه الطريقة.