تتوقع وكالة موديز لخدمات المستثمرين، وصول معدل التخلف عن السداد لشركات المدرجة في أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم، لنحو 5.1% خلال العام المقبل 2024، بالمقارنة مع 3.8% في الـ 12 شهراً التي انتهت في شهر يونيو الماضي. وبالأخذ في الاعتبار، السيناريو الأكثر تشاؤماً، من الممكن أن يقفز المعدل لنحو 13.7%، متجاوزاً المستوى الذي تم الوصول إليه خلال انهيار الائتمان إبان الأزمة المالية العالمية في 2008 – 2009. ولهذا يعد تراكم ديون الشركات الكبرى باتت تهدد الاقتصاد العالمي بمختلف قطاعاته بعدما تجاوزت الـ 500 مليار دولار، في ثاني أسرع وتيرة لها منذ عام 2008، ما زاد من حالات الإفلاس بين الشركات الكبرى. وبدأت ديون الشركات الكبرى في التراكم إبان الأزمة المالية العالمية وعند انهيار أسعار النفط في 2016، مروراً بمحطة جائحة كورونا، ثم انتهى بها المطاف بالحرب بين روسيا وأوكرانيا. ويؤكد الخبراء ، أن هذه الوتيرة، ماضية في التصاعد. ويعمق ذلك، حالة القلق بين الأسواق، من خلال إبطاء النمو الاقتصادي وإجهاد أسواق الائتمان الخارجة لتوها من أسوأ موجة خسائر لم تشهدها منذ عقود، بحسب بلومبيرج.
وما يزيد من مستوى القلق، تراكم معدلات الديون هذه، في فترة تميزت بشكل غير عادي، برخص الأموال. والآن، زاد عبء هذا الدين، بسبب رفع البنوك المركزية لأسعار الفائدة، مع إصرارها على إبقائها كذلك أطول مما هو متوقع. وفي الولايات المتحدة الأميركية، ارتفع حجم السندات ذات العائد المرتفع والقروض ذات الرافعة المالية، التي تُدين بها الشركات ذات المخاطر العالية والأقل جدارة مالية، بأكثر من الضعف من عام 2008، لنحو 3 تريليونات دولار في عام 2021، قبل بدء الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة لمستويات مرتفعة للغاية، بحسب ستاندرد آند بورز.
وفي الفترة ذاتها، ارتفع معدل ديون الشركات غير المالية في الصين، قياساً على حجم اقتصاد البلاد. أما في أوروبا، فارتفعت مبيعات السندات ذات المخاطر المرتفعة، بأكثر من 40% خلال عام 2021 وحدها. وينبغي تسديد العديد من هذه الأوراق المالية، خلال السنوات القليلة المقبلة، والتي تسهم في تراكم دين مستحق قدره 785 مليار دولار.
وفي ظل بطء وتيرة النمو في كل من الصين وأوروبا، ورفع الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة، ربما يصعب على هذه الشركات، سداد ما عليها من ديون. وفي الأميركتين وحدهما، تجاوز تراكم السندات والقروض المتعثرة، 360% منذ سنة 2021.
وفي حال استمرار تفشي ذلك، ربما يقود هذا لأول دورة واسعة النطاق من عمليات التخلف عن السداد منذ الأزمة المالية الكبرى. لكن ذلك بدأ بالفعل، حيث حدثت أكثر من 120 عملية إفلاس كبيرة في أميركا وحدها هذه السنة 2023. ومع ذلك، فإن أقل من 15% من 600 مليار دولار من الديون المتداولة عند مستويات عالمية متعثرة، لم يتم سدادها، ما يعني أن الشركات المُدانة بأكثر من 500 مليار دولار، ربما تكون غير قادرة على السداد أو تعاني من أجل الإيفاء به.