توقع بنك قطر الوطني /QNB/ أن تؤدي قرارات أسعار الفائدة المرتقبة من قبل الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) إلى سيناريو “ركود تضخمي” معتدل.
وأشار البنك في تقريره الأسبوعي الذي جاء بعنوان “ماذا تكشف أسعار الفائدة عن أداء الاقتصاد الأمريكي؟” إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية ركزت بشكل واضح على السياسة النقدية، وقد دعت الاحتياطي الفيدرالي إلى ضرورة إجراء تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة وتبني سياسة نقدية أكثر مرونة.
وذكر التقرير أن القرارات المتعلقة بالسياسة النقدية عادة ما تستند إلى توقعات متغيرات الاقتصاد الكلي الرئيسية، مع تحليل دقيق لتأثير تغيرات أسعار الفائدة على النشاط الاقتصادي والأسعار.
وأوضح في هذا الصدد أن هذه العملية تتسم عادة بدرجة عالية من التحليل الفني عبر مداولات شاملة من قبل أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة وموظفيها بعيدا عن الضغوط السياسية.

ولفت إلى أن ظهور توجهات جديدة أدى إلى اضطرابات في الأسواق المالية، مع تقلبات كبيرة ناجمة عن محاولات المستثمرين تحديد المستويات المناسبة لأسعار الفائدة اللازمة لتسعير الأصول في ظل بيئة الاقتصاد الكلي الجديدة.
وذكر التقرير أن أسعار الفائدة وعائدات سندات الخزانة الأمريكية تقدم معلومات مهمة حول توقعات الاقتصاد الكلي، من خلال عدة عوامل أولها منحنى العائد الحقيقي الذي يظهر مؤشرات على تباطؤ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة.
ويتمثل هذا المؤشر في الفارق بين عائدات سندات الخزانة المحمية من التضخم لأجل 10 سنوات وسنتين، والتي تستخدم لقياس أسعار الفائدة الحقيقية بعد استبعاد أثر التضخم.
ووفقا للتقرير، فإن اتساع هذه الفجوة يعكس توقعات الأسواق بتباطؤ النشاط الاقتصادي على المدى القصير مقارنة بالمدى الطويل.
علاوة على ذلك، فإن اتساع الفجوة هذا العام تزامن مع عدم تغير العائدات الحقيقية طويلة الأجل، ما يعني أن التوقعات طويلة الأجل تظل دون تغيير.
وأشار التقرير إلى أن البيانات الأخيرة في سوق العمل تعكس تباطؤ في النشاط الاقتصادي، حيث تراجعت وتيرة خلق فرص العمل، بينما سجل معدل البطالة ارتفاعا تدريجيا خلال الأشهر الماضية، ما يشير إلى ضعف عام في أداء سوق العمل.
كما أظهرت توقعات المؤسسات الاقتصادية تراجعا في معدلات النمو للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، حيث انخفض إجماع التوقعات للعامين 2025 و2026 بنحو 0.5 نقطة مئوية، ليصل إلى 1.5 بالمئة و1.7 بالمئة على التوالي.
ويعكس هذا التراجع دخول الاقتصاد الأمريكي في بيئة أكثر ضعفا، مع توقعات بأن يسجل أدنى معدلات نمو سنوية منذ فترة الركود التي أعقبت جائحة كوفيد-19.
من جهة أخرى، لفت التقرير إلى أن أسعار الفائدة الحقيقية لا تزال عند مستويات شديدة التقييد، في ظل الأوضاع الاقتصادية الحالية.
ويحسب سعر الفائدة الحقيقي عبر تعديل الفائدة الاسمية وفقا لمعدل التضخم، ما يعكس التكلفة الفعلية للائتمان بعد احتساب التغيرات في أسعار السلع والخدمات ويعد هذا المؤشر عنصرا أساسيا في تحديد مستويات الاستهلاك والاستثمار والنشاط الاقتصادي بشكل عام.
وبحسب التقرير، يبلغ الحد الأعلى لسعر الفائدة الأساسي حاليا 4.5 بالمئة، ومع وجود معدل تضخم عند 2.7 بالمئة، فإن سعر الفائدة الحقيقي يقترب من 1.8 بالمئة، أي أعلى بكثير من “السعر المحايد” المقدر للاقتصاد الأمريكي، والذي يتراوح بين 50 و100 نقطة أساس تقريبا.
ويرى التقرير أن أسعار الفائدة الحالية مقيدة بشكل مفرط وتحتاج إلى تعديل لتجنب تباطؤ حاد في النمو.
من ناحية أخرى أشار التقرير إلى أن العوائد الاسمية لسندات الخزانة الأمريكية قصيرة الأجل تعكس بشكل وثيق توقعات الأسواق بشأن مسار سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية خلال فترة استحقاق هذه السندات
وأوضح أن العائد على سندات الخزانة لأجل عامين انخفض منذ بداية العام الجاري بمقدار 60 نقطة أساس، من ذروته البالغة 4.40 بالمئة في يناير إلى ما يقارب 3.80 بالمئة.
ويرى التقرير أن هذا التراجع في العائدات يعكس توقعات الأسواق ببدء دورة تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي خلال المدى المتوسط، استجابة لتطورات الاقتصاد الكلي.
وبشكل أكثر تحديدا، تتوقع الأسواق حاليا أن يقدم مجلس الاحتياطي الفيدرالي على إجراء تخفيضين في سعر الفائدة، بمقدار 25 نقطة أساس، بحلول نهاية عام 2025، تليهما تخفيضات إضافية خلال عام 2026، ما قد يؤدي إلى استقرار سعر الفائدة عند نحو 3 بالمئة بنهاية ذلك العام.
ويعد هذا التغير في التوقعات مؤشرا واضحا على تكيف السياسات النقدية مع التطورات الأخيرة في الأداء الاقتصادي الكلي.
واختتم التقرير بالإشارة إلى أن هذه المؤشرات تعكس سيناريو “ركود تضخمي” معتدل، في ظل استمرار معدلات التضخم فوق المستوى المستهدف للسياسة النقدية والبالغ 2 بالمئة.
في ظل هذه المعطيات، أكد أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة على “تحول في ميزان المخاطر”، مع تركيز أكبر على ضعف النمو الاقتصادي، حيث تتوقع الأسواق دورة تيسير ستخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى 3 بالمئة بنهاية عام 2026.