جارى فتح الساعة......

في الوقت الذي ينتهج فيه مجلس الاحتياطي الاتحادي البنك المركزي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي سياسة رفع أسعار الفائدة لكبح التضخم، أدى ذلك بالإضافة إلى عوامل أخرى، إلى تراجع النشاطات في قطاعات هامة لأكبر اقتصاد في القارة الأوروبية وهو الاقتصاد الألماني، حيث أظهرت التوقعات الاقتصادية خلال الأشهر الستة الماضية انخفاضا. وحول ذلك، ذكرت صحيفة الجارديان البريطانية أن الأرقام الأخيرة تشير إلى أن الأوقات الجيدة قد انتهت، حيث علق أكبر اقتصاد في أوروبا في حالة ركود. ووفقا لإذاعة صوت ألمانيا “دويتشه فيله”على مدى الأشهر الستة الماضية انخفضت التوقعات الاقتصادية، ما يعني أن اقتصاد ألمانيا على حافة “الانكماش التقني” . وأضافت الإذاعة أنه خلال الربع الأخير، شهد الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا ركودا لم يتغير منذ الربع الذي سبقه، فيما تظهر جميع المؤشرات الاقتصادية الرائدة تراجعا في النمو الاقتصادي.

ألمانيا

بيد أن الصحيفة البريطانية قالت أنه في إطار بحث الاقتصاديين عن أدلة حول المدة التي قد يستمر فيها ذلك، تتوجه الأنظار إلى القراءة النهائية لأرقام التضخم لشهر يوليو الماضي غدا الثلاثاء، حيث يتوقع أن يأتي معدل مؤشر أسعار المستهلك على أساس سنوي عند 6.2 % (وهو مؤشر يستخدم لقياس التضخم)، أي أقل بقليل من 6.4 % المسجلة في يونيو الذي سبقه.

وأشارت الصحيفة إلى أن التضخم الثابت يبرهن أنه جزء من المشاكل الاقتصادية الحالية في ألمانيا، خاصة عندما يقترن بركود النمو. ويرى اقتصاديون أن “الانكماش البطيء” هو النتيجة.

وأضافت الجارديان أن أرقام الإنتاج الصناعي لشهر يونيو من هذا العام، والتي من المقرر أن تصدر اليوم، ستعطي مزيدًا من المعلومات حول ما يجري في العمود الفقري للتصنيع في الدولة الأوروبية، والذي يشمل شركات صناعة السيارات العالمية مثل فولكس فاجن وبي إم دبليو ومرسيدس.

كذلك واصل الإنتاج الصناعي في ألمانيا انخفاضه خلال يونيو الماضي وقال مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني إنه مقارنة بشهر مايو الذي سبقه نزل إجمالي الإنتاج بنسبة 1.5%.. فيما كان المحللون يتوقعون في المتوسط تراجعا لكن بنسبة 0.5 % فقط .. وعلى أساس سنوي انخفض الإنتاج في يونيو هذا العام بنسبة 1.7 %. وهبط الإنتاج في قطاع السيارات بشكل ملحوظ بمقدار 3.5 % على أساس شهري، كما تراجع نشاط قطاع البناء بشكل ملحوظ أيضا.. في المقابل ارتفع الإنتاج في قطاع صناعة الأدوية بنسبة 7.9 %. وفي مايو الماضي، تطور الإنتاج إلى حد ما بشكل أفضل مما كان معروفا سابقا، حيث عدل مكتب الإحصاء بياناته السابقة بالنسبة لذلك الشهر بتسجيل تراجع قدره 0.1% بدلا من 0.2 %. وبحسب البيانات، تراجع الإنتاج خلال الفترة من أبريل حتى يونيو من العام الحالي بنسبة 1.3%.

ونقلت إذاعة صوت ألمانيا عن دراسة حديثة أجراها مصرف “دي زد بنك DZ Bank” ذكر فيها أن الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم والتي تعد بمثابة “العمود الفقري للاقتصاد الألماني”، باتت الآن في خطر. وتطرقت الدراسة إلى مشاكل أخرى تعاني منها الشركات الألمانية تتجاوز إشكالية ارتفاع أسعار الطاقة ونحوه، على رأسها نقص العمالة الماهرة والبيروقراطية المفرطة والضرائب المرتفعة والبنية التحتية المتعثرة وتباطؤ الرقمنة وارتفاع معدلات الشيخوخة في البلاد.

وتابعت الصحيفة، إن الشركات الألمانية تشعر بكآبة، مرجعة ذلك لانخفاض مؤشر مناخ الأعمال الذي تراقبه الشركات هناك عن كثب للشهر الثالث على التوالي في يوليو، لأسباب متمثلة في التشديد النقدي المستمر من البنك المركزي الأوروبي، والمخاوف بشأن الاقتصاد الأمريكي، ومردود إعادة فتح الأسواق الصينية بعد جائحة كورونا والذي وصفته الصحيفة بأنه دون التوقعات، حيث تمثل الصين لألمانيا بأنها سوق للعديد من صادراتها، من السيارات السريعة إلى الآلات.

وسجلت الصادرات الألمانية إلى الصين تراجعا ملحوظا بلغت نسبته 11.3% خلال الأربعة أشهر الأولى من العام الجاري، مقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي. وينذر انخفاض الطلب من جانب أكبر اقتصاد في آسيا (الصين) بدوره بهزات عنيفة لاستراتيجية ألمانيا الرامية إلى التغلب على التحديات الصناعية التي تواجهها كذلك. وبحسب تقرير نشرته صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية في وقت سابق، فلقد “أدى انخفاض الصادرات الألمانية إلى الصين إلى هز أكبر اقتصاد في أوروبا (ألمانيا)”.

وحول الركود الاقتصادي في ألمانيا، ذكرت الغارديان أنه تم التأكد من أن اقتصاد البلاد في حالة ركود في مايو الماضي، إذ أظهرت الأرقام الرسمية المنقحة أن الأداء الاقتصادي كان أسوأ مما كان يعتقد، وأنه في الواقع كان هناك انكماش بنسبة 0.3% بين يناير ونهاية مارس من العام الحالي، بعد الانكماش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2022. وقد أجبرت الأسعار المرتفعة الأسر على كبح جماح إنفاقها في بداية هذا العام، والذي كان له تأثير أكبر على النمو مما كان يعتقد أصلا.

واردفت الصحيفة قائلة أنه في الربع الثاني من هذا العام، أي في الفترة بين أبريل إلى يونيو، لم يكن الوضع أفضل بكثير، حيث كانت هناك توقعات بحدوث انتعاش طفيف في النمو، إلا أنه بدلا من ذلك كان هناك ركود. وعللت الجارديان حدوث ذلك لضعف القوة الشرائية بين المستهلكين الذين يعانون من ضوائق مالية كأحد الأسباب الرئيسية، علاوة على ارتفاع أسعار الفائدة التي وضعها البنك المركزي الأوروبي.

وتؤدي زيادة أسعار الفائدة إلى زيادة تكلفة القروض بالنسبة للشركات والمستهلكين، وهذا يؤدي بدوره إلى كبح قطاع البناء الهام والحيوي في ألمانيا، فضلا عن إضعاف رغبة الشركات في ضخ استثمارات جديدة، وهو ما ينذر بظاهرة “الديناميكية الاقتصادية المعطلة” التي تعد الهدف الأساسي من زيادة أسعار الفائدة. إلا أن الصحيفة أشارت إلى تطورات مغايرة، حيث ذكرت أنه وفقا لبعض البيانات المفاجئة الجمعة الماضية، تحدت طلبيات المصانع الألمانية جميع التوقعات بأكبر قفزة شهرية في السنوات الثلاث الماضية.

وأضافت أن الاقتصاديين تفاجأوا عندما أظهرت الأرقام ارتفاعا بنسبة 7 % في الفترة من مايو إلى يونيو، وذلك بفضل انتعاش الطلبات الرئيسية، بما في ذلك الآلات والطائرات. من جانبها قالت شركة إيرباص ، التي لديها مصنع كبير في هامبورغ بألمانيا، وكذلك مصانع أخرى أصغر في جميع أنحاء البلاد، إنها شهدت زيادة في طلبات الطائرات في يونيو. واختتمت الجارديان تقريرها بذكرها أنه من غير الواضح ما إذا كان ذلك علامة على أن أكبر اقتصاد في منطقة اليورو قد بدأ أخيرا في التعافي من مشكلاته الأخيرة أم لا، تاركة الإجابة للأيام.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version