سحب مديرو صناديق النقد نحو 20 مليار دولار من مصر في غضون شهر منذ عامين ولكن بعد القرارات التي اتخذتها البلاد أمس وقلبت الموازين رأساً على عقب، قد لا يجد مديرو تلك الصناديق الآن أماكن جديدة في الأسواق الناشئة أكثر جاذبية.مثل مصر
ورفع البنك المركزي المصري، أمس الأربعاء ، سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس إلى 27.75. كما قرر المركزي السماح بتحديد سعر الصرف وفقاً لآليات السوق وانخفضت العملة بأكثر من 38%.
وأفادت “بلومبرج” في تقرير حديث لها بأن مصر تقدم الآن ثالث أعلى عائد على السندات بالعملة المحلية من بين 23 من الاقتصادات النامية التي تتبعها “بلومبرج” مع متوسط عائد 30%. وعوض الجنيه، اليوم الخميس، بعض خسائره الفادحة ليرتفع بنحو 1.5% أمام الدولار.
وكان قد تجنب المستثمرون في السابق الاستثمار في السندات المصرية المقومة بالعملة المحلية مع مقاومة البنك المركزي لتحرير سعر الصرف، وبات المتداولون الأجانب يرون أن الجنيه مبالغ في قيمته، ما ساهم في نقص العملة الأجنبية التي تسببت في قفزة التضخم.
قال نافز زوك، محلل السندات السيادية للأسواق الناشئة لدى “أفيفا إنفستورز”، إن ما تحتاجه مصر لفترة الآن هو إحداث صدمة ثقة إيجابية، وما حدث يوم الأربعاء، لم تكن فقط محاولة لتقديم ذلك بل كانت مدعومة بأموال فعلية.
وأوضح التقرير أن عودة تدفقات المحافظ الاستثمارية من شأنه أن يسدل الستار على معضلة التمويل بالنسبة لمصر بعد أن استبعدها “جيه بي مورجان” من مؤشر السندات الحكومية الذي يتتبعه صناديق تدير مليارات الدولارات. وخسرت السندات المحلية المصرية أكثر من 10% العام الماضي في الوقت الذي حققت فيه السندات المحلية في الأسواق الناشئة عائدات بنسبة 6%، بحسب مؤشر “بلومبرج”.
علاوة على ذلك، أدى غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022 إلى قفزة أسعار السلع، ما أسفر عن ارتفاع أسعار واردات مصر من القمح والوقود وأثار هروب المستثمرين من السندات المحلية.
وقال نيك إسينجر، الرئيس المشارك لقسم الدخل الثابت بالأسواق الناشئة لدى “فانجارد أسيت سيرفيسز”، إن الخطوة المقبلة المحتملة هي الاستثمار في السندات المحلية المصري في ظل انخفاض سعر الصرف وارتفاع أسعار الفائدة وقوة توقعات التمويل وعدم امتلاك العديد للسندات المحلية.
ومع انقلاب المعنويات رأساً على عقب، فتحت مصر أبوابها أمام تجارة الفائدة، أي الاقتراض بفائدة منخفضة وإعادة استثماراها بفائدة أعلى، من خلال رفع أسعار الفائدة وإلغاء ضوابط العملة.
وعلى الرغم من أن الصعوبات قد تتفاقم في البلاد على المدى القريب جراء الضغوط الناجمة عن حرب إسرائيل وحماس، واحتمالية شعور المستهلكين بوطأة خفض قيمة العملة مؤخراً من خلال ارتفاع أسعار المستهلكين في ظل اقتراب التضخم بالفعل من 30%. تعول السلطات على جذب الإصلاحات للمسثمرين الأجانب مجدداً وإنهاء أسوأ أزمة اقتصادية مرت على البلاد في عقود.
ويتوقع جوردون باورز، محلل لدى “كولومبيا ثريد نيدل إنفستمنتش”، أن يشهد المصريون نظام سعر صرف أجنبي جديدة خلال الأيام المقبلة، فبمجرد أن تتلاشى المخاوف بشأن وفرة النقد الأجنبي، قد نشهد موجة من التخلي عن حيازة الدولار.
ومع قيام مصر بزيادة الاحتياطيات وتحقيق استقرار أوضاع المالية العامية، فقد يكون الأمر مسألة وقت قبل أن تتمكن الحكومة من دخول الأسواق المالية العالمية مرة أخرى. وجدير بالذكر أن مصر واجهت صعوبات لدخول أسواق السندات الدولية، إذ كان أحدث طرح لأدوات دين مقومة بالدولار قبل أكثر من عام.
ويُشار إلى أن متوسط العائد على السندات المصرية المقومة بالدولار تراجع الآن إلى أقل من 10% للمرة الأولى منذ عامين تقريباً.
ويرى ديميتريس إفستاثيو، كبير مسؤولي الاستثمار في “بلو دياجونال كابيتال”، إن إبرام اتفاق مع صندوق النقد سيساعد مصر على دخول أسواق رأس المال التي كانت مغلقة فعلياً أمامها حتى الآن.