قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن تسجيل التضخم ارتفاعا في شهري يناير وفبراير الماضيين بصورة أعلى من المتوقع في الولايات المتحدة أثار التساؤلات فيما إذا كان هذا الارتفاع مجرد صدفة، وسيستأنف التضخم الاتجاه الهبوطي، امتدادا للأشهر الستة الأخيرة من عام 2023، أم إن التباطؤ الذي حدث في التضخم كان شذوذا؟ وأشارت الصحيفة، في تقرير لها، إلى أن معظم مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) كانوا في ديسمبر الماضي يعتقدون أن مقياس التضخم الرئيسي سينخفض عن أعلى بقليل من 3 بالمئة في نهاية عام 2023 إلى أقل بقليل من 2.5 بالمئة في نهاية هذا العام، كما توقعوا ثلاثة تخفيضات هذا العام، بمقدار ربع نقطة لكل تخفيض.
وأردفت أنه ومنذ ذلك الحين ارتفع التضخم في شهري يناير وفبراير، وأدت قراءات التضخم المرتفعة الأخيرة إلى جعل المستثمرين في حيرة من أمرهم حيال ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعه هذا الأسبوع سينتظر لفترة أطول قليلا لخفض أسعار الفائدة.
وأضافت الصحيفة أن المستثمرين سيركزون كذلك بشكل مكثف على ما إذا كان المسؤولون ما زالوا يتوقعون ثلاثة تخفيضات أم اثنين فقط، وسيبحثون أيضا عن أدلة من تصريحات جيروم باول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي /البنك المركزي الأمريكي/ خلال المؤتمر الصحفي، عقب اجتماع البنك، حول ما إذا كان التخفيض الأول لا يزال ممكنا في يونيو المقبل، كما تتوقع أسواق العقود الآجلة حاليا.
بيد أن وول ستريت جورنال ذهبت إلى أنه لدى البنك المركزي الأمريكي شاغل آخر يتعلق بالانتظار لفترة أطول دون التحرك لخفض سعر الفائدة، فهل سيسبب ذلك ركودا؟ إلا أن الصحيفة ذكرت أنه بالرغم من ذلك سيبقي البنك المركزي هدف سعر الفائدة القياسي عند نطاق يتراوح بين 5.25 بالمئة إلى 5.5 بالمئة، وهو أعلى مستوى له منذ 23 عاما، عندما ينتهي اجتماعه اليوم الذي يستمر يومين، مشيرة إلى أن خطر الركود سيجعل الاحتياطي الفيدرالي يركز تفكيره في الفترة المتبقية من هذا العام للاتجاه نحو خفض سعر الفائدة.
وأوضحت أنه وفي اجتماع هذا الأسبوع، من المرجح أن يركز النقاش على ما سيتطلبه الأمر لبدء تخفيضات أسعار الفائدة بحلول منتصف العام الحالي.
وذكرت وول ستريت جورنال أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يشعرون بالقلق من أن التضخم سيظل أعلى من 3 بالمئة، مضيفة أنه وحتى بعد الارتفاع الذي شهده شهر فبراير، فمن المرجح أن التضخم حسب المقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي كان أقل من ذلك.
وأوضحت الصحيفة أن مصدر القلق هو أن التضخم يستغرق وقتا أطول ليصل إلى هدفه البالغ 2 بالمئة؛ لأن تضخم الخدمات يظل “ثابتا” وبطيئا في الانخفاض، أو لأن الطلب على السلع وأسعارها ينتعش، مضيفة أنه وبدلا من رفع أسعار الفائدة، يستجيب البنك المركزي لذلك من خلال الانتظار لفترة أطول لخفض تلك الأسعار .
وأشارت إلى أن إحدى المجموعات داخل البنك ترى أنه لا حاجة لخفض أسعار الفائدة؛ لأن الاقتصاد قوي ويريد المزيد من الأدلة على التباطؤ، وكانت هذه المجموعة من الأقلية على الرغم من قراءات التضخم الأخيرة المخيبة للآمال .
ونقلت الصحيفة عن جيفري شميد، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في /كانساس سيتي/ في خطاب ألقاه خلال شهر فبراير الماضي، أنه ليست هناك حاجة لتعديل موقف السياسة بشكل استباقي، بالنظر إلى التضخم الذي يتجاوز الهدف والطلب القوي وانخفاض البطالة.
كما نوهت إلى أن بعض هؤلاء المسؤولين على استعداد لخفض أسعار الفائدة بمجرد أن تتيح لهم بيانات التضخم الفرصة، حتى لا يهدروا فرصة بالغة الأهمية لما يسمى بالهبوط الناعم (خفض التضخم دون حدوث ركود).
وتابعت أن ما يفعله المسؤولون في نهاية المطاف يتلخص في عملية تسمى “إدارة المخاطر”، فإذا كان الطلب أقوى والتضخم أكثر ثباتا من المتوقع، فيمكن لبنك الاحتياطي الفيدرالي تأجيل التخفيضات، وإذا ضعف الطلب والتوظيف أكثر من المتوقع، فإن البنك لديه مجال واسع لخفض أسعار الفائدة، لكنه ربما لن يكون قادرا على التحرك بسرعة كافية لمنع الركود.
واستدلت الصحيفة بتصريح لجيروم باول مؤخرا في مارس الجاري ، ذكر فيه أن البنك المركزي يسير على الطريق الصحيح لخفض أسعار الفائدة بحلول منتصف العام الحالي، طالما أن بيانات التضخم الشهرية أكدت أن الاتجاه الهبوطي لا يزال قائما، وأكد للمشرعين “عندما نحصل على هذه الثقة، ونحن لسنا بعيدين عن ذلك، سيكون من المناسب خفض مستوى القيود حتى لا ندفع الاقتصاد إلى الركود”.
واختتمت الصحيفة تقريرها بالإشارة إلى أن التحول السلبي في أحدث بيانات التضخم بمثابة تذكير بمدى صعوبة السبيل إلى الهبوط الناعم، ونسبت الصحيفة لكايلا سيدر، خبيرة استراتيجية الاستثمار في “ستيت ستريت”، أنه إذا ارتفعت أسعار الفائدة فإن ذلك يزيد خطر الهبوط الصعب وليس الناعم.