جارى فتح الساعة......

في الوقت الذي يكافح فيه الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) التضخم بزيادة معدلات الفائدة، ظهرت في الأفق حالات متزايدة لإفلاس الشركات في الولايات المتحدة، ملقين جانبا من اللوم على التضخم وما تبع ذلك من رفع معدلات الفائدة. وترى صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن مثل هذا الإفلاس ينطوي على مخاطر اقتصادية كبيرة، حيث تقول الصحيفة، في تقرير لها، إن حالات إفلاس الشركات ترتفع بسرعة، وإن ما يثير القلق بصورة أكبر هو أن العديد من الشركات المتعثرة هي شركات كبيرة، موضحة أن شركات عملاقة في الولايات المتحدة مثل مجموعة “وادي السيليكون” المالية وسلسلة متاجر” بيد باث اند بيوند” للبيع بالتجزئة وشركة “يلو” للنقل بالشاحنات، قدمت طلبات للحماية من الإفلاس بموجب الفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس الأمريكي.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الشركات وجهت أصابع اللوم إلى ارتفاع التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، وتراجع المساعدات الحكومية، واستمرار اضطرابات سلسلة التوريد، محذرة من أنه من المحتمل أن تلحق بهذه الشركات شركات أخرى، حيث إن أسعار الفائدة المرتفعة تدفع الشركات الكبرى إلى حافة الهاوية.

وحول تداعيات الإفلاس الذي يصيب الشركات الأمريكية، ذكرت “وول ستريت جورنال” أن ذلك ينطوي على مخاطر اقتصادية كبيرة بشكل خاص، حيث إن لها انعكاساتها السلبية على الأسواق المالية، وقطاعات الاقتصاد الأخرى، بالإضافة الى الضرر الكبير الذي يصيب الوظائف ومصادر دخل شريحة مقدرة من المجتمع.

وتطرقت الصحيفة لشركة” يلو” العملاقة للنقل بالشاحنات، كمثال للضرر الاقتصادي جراء إفلاس مثل هذه الشركات، حيث أوضحت أن انهيار هذه الشركة العملاقة كان له صدى في مختلف قطاعات الاقتصاد، بما في ذلك الشحن المحلي وأسواق العقارات، ناهيك عن وول ستريت (الأسواق المالية في الولايات المتحدة).

ونقلت الصحيفة عن شركة “تشالنجر، جراي آند كريسماس” وهي شركة لخدمات التوظيف الخارجي، أن شركة “يلو” تقدمت بطلب لإشهار إفلاسها هذا الصيف، وأدى إغلاق الشركة إلى خسارة نحو 30 ألف وظيفة، وهي الأكبر على الإطلاق في شركة منذ أن أعلنت شركة بوينغ في نهاية عام 2020 أنها ستخفض قوتها العاملة بنحو 30 ألف وظيفة،.

وكمثال آخر على تأثير إفلاس الشركات، تطرقت الصحيفة إلى مجموعة “وادي السيليكون” المالية، حيث ذكرت أنه سرعان ما انتشرت الضائقة المالية التي يعاني منها بنك ” وادي السيليكون” مما خلق مخاوف متزايدة من الركود وأجبر بنك الاحتياطي الاتحادي على التدخل لطمأنه الأسواق، مشيرة إلى أن انهيار بنك ” وادي السيليكون” أدى إلى تراجع الإقراض المصرفي الذي لا يزال يشكل تهديدا اقتصاديا.

ونوهت الصحيفة إلى أن مجموعة ” وادي السيليكون” المالية، وهي الشركة الأم لبنك “وادي السيليكون”، كانت أكبر شركة مفلسة، حيث بلغت أصولها حوالي 20 مليار دولار في وقت تقديمها طلب للحماية من الإفلاس بموجب الفصل الحادي عشر من قانون الإفلاس الأمريكي.

وذكرت أن سلسلة متاجر” بيد باث اند بيوند” للبيع بالتجزئة أعلنت إفلاسها وكشفت عن خططها لإغلاق المتاجر في جميع أنحاء الولايات المتحدة. كما نقلت الصحيفة عن شركة “كورنرستون” للأبحاث الاستشارية أن حالات الإفلاس الضخمة للشركات التي تزيد أصولها عن مليار دولار، بلغت 16 حالة في النصف الأول من هذا العام.

ونقلت “وول ستريت جورنال” عن ستيفن براون، نائب كبير الاقتصاديين بشركة “كابيتال إيكونوميكس” للأبحاث الاقتصادية، إن ارتفاع حالات إفلاس الشركات علامة مثيرة للقلق بالنسبة للتوقعات المستقبلية، مضيفا أن الشركات التي تفلس لا يزال يتعين عليها خفض التكاليف، ولا يزال يتعين عليها على الأرجح تسريح العمال.

ومن جهته قال ستيفن بليتز، كبير الاقتصاديين في شركة “جلوبال داتا تي إس لومبارد”، إن المزيد من حالات الإفلاس، إلى جانب ضعف سوق الأوراق المالية وارتفاع معدلات التأخر في سداد بطاقات الائتمان، تشير إلى أن الاقتصاد الأمريكي يتجه نحو الركود، لكنه أعرب عن اعتقاده أن الانكماش سيظل أقل حدة بكثير من الركود الذي حدث في الفترة من 2007 إلى 2009.

وأكدت “وول ستريت جورنال” أن طلبات الحماية من الإفلاس بموجب الفصل الحادي عشر من القانون الأمريكي تضاعفت ثلاث مرات حسب أحد التقديرات في النصف الأول من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وتأتي جنبا إلى جنب مع المخاطر الاقتصادية المتزايدة مثل استنزاف مدخرات الأسر التي جمعوها خلال فترة وباء كورونا، وتراجع البنوك عن الإقراض وارتفاع عائدات السندات، مشيرة إلى أن كل ذلك قد يؤدي إلى تقليص النمو.

بيد أن الصحيفة ذهبت إلى أنه من المؤكد أن ارتفاع حالات إفلاس الشركات بعيد كل البعد عن الأزمة المالية التي حدثت عام 2008 أو الانكماش الوبائي عام 2020، عندما أدت عمليات تسريح العمال على نطاق واسع إلى آلام اقتصادية.

وذكرت أنه لا يزال الاقتصاد ينمو مع إنفاق المستهلكين بسخاء، كما أن الشركات مازالت تطلب عمالا، وأضاف أصحاب العمل 336 ألف وظيفة قوية بشكل مدهش في سبتمبر الماضي، مع انتشار التوظيف في جميع الصناعات.. إلا أن البنك المركزي الأمريكي يسعى لتهدئة النشاط الاقتصادي وسوق العمل حتى يكون باستطاعته خفض التضخم، دون أن يؤدي ذلك إلى ركود.

وأشارت الصحيفة كذلك إلى أن خفض الوظائف في جميع أنحاء الولايات المتحدة لا يزال منخفضا بصورة تاريخية، مؤكدة أن مسار سوق العمل يظل أساسيا لتحديد ما إذا كان بنك الاحتياطي الاتحادي قادرا على خفض التضخم إلى هدفه بنسبة 2 بالمئة من دون التسبب في الركود، أو ما يسمى “الهبوط الناعم”.

ومع انخفاض التضخم، أصبح العديد من الاقتصاديين أكثر تفاؤلا بإمكانية حدوث “هبوط ناعم” عما كانوا عليه في بداية العام الجاري، لكن آخرين ليسوا متفائلين إلى هذا الحد، وفقا للصحيفة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version