جارى فتح الساعة......

بدأ ضرر منهج المطرقة الثقيلة الذي انتهجه البنك المركزي الأوروبي خلال العام الماضي في الظهور الآن، وسيزداد الأمر سوءا”. وذلك بسبب سياسة التشديد النقدي التي ينتهجها البنك الذي رفع ، الأسبوع الماضي، سعر الفائدة للمرة التاسعة على التوالي في محاولة منه للسيطرة على التضخم، وذلك في أعلى معدل في تاريخ المركزي الأوروبي. ويضاف إلى ذلك ضعف الطلب الصيني على السلع الأوروبية، وعوامل أخرى لا تعمل لصالح اقتصاد منطقة اليورو،

شهد الاقتصاد الألماني ركودا في الأشهر الثلاثة حتى يونيو من هذا العام بعد الانكماش في الربع السابق، في حين تعرضت إيطاليا لانخفاض مفاجئ في الناتج المحلي الإجمالي بعد بداية قوية لهذا العام. فيما تسارع الاقتصاد الفرنسي، حيث نما بنسبة 2.2 % على الرغم من الاحتجاجات الواسعة ضد خطط الحكومة لتغيير نظام المعاشات التقاعدية، .

ترى صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أن مجموع هذه العوامل تنذر بشتاء اقتصادي بائس آخر في منطقة اليورو هذا العام. وذكرت الصحيفة، في تقرير لها، أنه يمكن أن يؤدي ارتفاع تكاليف الاقتراض بعد رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة، وركود الطلب الصيني على السلع الأوروبية، إلى جانب رياح معاكسة أخرى كالعملية العسكرية الروسية المستمرة في أوكرانيا والتضخم المرتفع، كل ذلك يؤدي إلى تمهيد الطريق إلى ذلك الشتاء البائس في منطقة اليورو، ويعني أنه من المرجح أن تستمر المنطقة في الأداء الضعيف مقارنة بالولايات المتحدة.

ونقلت وول ستريت جورنال عن بيانات أصدرتها وكالة الإحصاء الأوروبية يوروستات، أمس الإثنين، أشارت فيها الوكالة إلى أنه بعد الانكماش لفترة وجيزة في نهاية العام الماضي، عاد اقتصاد منطقة اليورو إلى النمو في الأشهر الثلاثة حتى يونيو الماضي، حيث نما الناتج المحلي الإجمالي للبلدان العشرين التي تستخدم اليورو بمعدل سنوي قدره 1.1% في الربع الثاني من العام الحالي. إلا أن الصحيفة وصفت هذا المعدل من النمو بـ “النمو المتواضع”، وقالت إنه من غير المرجح أن يعود اقتصاد منطقة اليورو إلى معدلات النمو التي سجلها قبل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، والتي أشارت إلى أنها أدت إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وتدمير ثقة الشركات والأسر.

وكانت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي قالت الخميس الماضي، “لقد انخفضت التوقعات الاقتصادية على المدى القريب لمنطقة اليورو، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ضعف الطلب المحلي”، مضيفة أن التضخم المرتفع وتشديد شروط التمويل يضعفان الإنفاق. ولم تقدم يوروستات تفصيلا للعوامل التي تدفع بالعودة إلى النمو، لكن الأرقام من البلدان بصورة فردية تشير إلى أن الإنفاق الاستهلاكي صمد بشكل أفضل مما كان عليه خلال أشهر الشتاء، عندما جعلت فواتير الطاقة المرتفعة الأسر في منطقة اليورو يعانون من الإنفاق على السلع والخدمات الأخرى.

وفي بيان منفصل، أوضحت يوروستات أن المعدل السنوي لتضخم أسعار المستهلكين انخفض إلى 5.3 % في يوليو الماضي من 5.5 % في يونيو الذي سبقه ليصل إلى أدنى مستوى له منذ الشهر الذي سبق العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا. ولم يتغير معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني العناصر المتقلبة مثل الطاقة والغذاء، عند 5.5 %.

ومع ارتفاع الأجور بوتيرة أسرع من العقود الأخيرة، قد تحذو بعض أجزاء أوروبا قريبا حذو الولايات المتحدة في رؤية عودة إلى النمو في الأجور الحقيقية. وعلى الرغم من درجات الحرارة المرتفعة بشكل غير عادي، تشهد جنوب أوروبا عودة إلى مستويات ما قبل تفشي جائحة كورونا كوفيد-19 في السياحة الدولية، حيث استقبلت إسبانيا 8.2 مليون سائح دولي في مايو الماضي ، بزيادة قدرها 17.6% عن نفس الشهر من عام 2022، وذلك وفقا لما أوردته الصحيفة.

إلا أن وول ستريت جورنال عادت وقالت إنه على الرغم مما أوردته يوروستات من اتجاهات إيجابية، فإن ارتفاع تكاليف الاقتراض، الذي تسبب به رفع معدل الفائدة من قبل البنك المركزي الأوروبي، يظل يمثل استنزافا متزايدا لميزانيات الأسر. ونقلت وول ستريت جورنال عن كبير المسؤولين الماليين في شركة يونيليفر العملاقة للسلع الاستهلاكية قوله، إن المتسوقين في منطقة اليورو أصبحوا يشترون بكميات أقل، ويدخلون المتاجر حاملين سلال ذات أحجام أصغر، كما أن معدل تسوقهم أصبح متناقصا.

ألمانيا

وبحسب استطلاع صادر عن البنك المركزي الأوروبي الأسبوع الماضي، فإن الشركات هي كذلك أيضا تحت الضغط، حيث أظهر أن الطلب على قروض للقيام بأعمال تجارية جديدة بلغ مستوى قياسي منخفض. ونسبت الصحيفة لخبير اقتصادي في شركة بانثيون ماكرو إكونوميكس للأبحاث الاقتصادية تأكيده أن هناك الآن تراجعا حادا في الاستثمار في المنطقة. وأشار استقصاء قامت به شركة إس أند بي جلوبال في شهر يوليو الماضي، إلى استمرار الانخفاض في نشاط التصنيع، كما حدث بطء في قطاع الخدمات في منطقة اليورو، وذكرت الصحيفة أن هذا يشير إلى أنه حتى مع عودة منطقة اليورو إلى النمو، فقد يكون هناك انكماش جديد.

وتطرقت وول ستريت جورنال إلى الصين، وذكرت أن الشركات في منطقة اليورو كانت انتعاش ترويج منتجاتها عند الجانب الصيني، بعد أن أعيد فتح ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد أن تخلت الحكومة عن سياسة صفر كوفيد، إلا أن الانتعاش كان بطيئا، ففي الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام كانت صادرات أوروبا إلى الصين أعلى بنسبة 1.2% فقط من نفس الفترة من العام الماضي. وأضافت أنه وكنتيجة لضعف الطلب على الصادرات الأوروبية من قبل الصين، خفض الاقتصاديون في بنك أمريكا (Bank of America) توقعاتهم لنمو منطقة اليورو هذا العام إلى 0.3% ، بعد أن كانوا يتوقعون نموا بمقدار 0.4 % باعتبارهم الاقتصاد الأوروبي الذي يعتمد بشكل كبير على الصادرات إلى الصين، مصنفين ألمانيا بأنها الأكثر عرضة للخطر. وخلصت وول ستريت جورنال إلى أن المزيج من النمو الضعيف وإمكانية انخفاض التضخم يقلل من احتمالية قيام البنك المركزي الأوروبي برفع سعر الفائدة الرئيسي للمرة العاشرة عندما يجتمع صانعو السياسة في سبتمبر المقبل، حيث يشير بعض الاقتصاديين إلى أن البنك المركزي دفع بالفعل بمعدلات الفائدة الرئيسية إلى مستوى أعلى مما ينبغي.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version