ذكرت وكالة بلومبيرغ الاقتصادية أن وزارة الخزانة الأمريكية خفضت من تقديراتها للاقتراض الفيدرالي للربع الحالي وتوقعت أن ينخفض الاحتياطي النقدي للحكومة عند اقتراب نهاية العام 2024، قبل تفجر معركة جديدة محتملة بشأن سقف الدين. وسقف الدين العام الأمريكي هو الحد الأقصى للمبلغ الذي يمكن للحكومة الأمريكية اقتراضه لسداد التزاماتها المالية بموجب الميزانية كمدفوعات الضمان الاجتماعي والرعاية الصحية، حيث إن واشنطن تنفق أكثر مما تحصل عليه لذلك فهي تلجأ إلى الاقتراض.
وأقر الرئيس الأمريكي جو بايدن، في يونيو من العام 2023، قانون رفع سقف الدين العام للبلاد بعد مفاوضات مطولة دامت أسابيع بين الديمقراطيين والجمهوريين. ورفع القانون سقف الدين العام، حتى يناير من عام 2025. فبعد مفاوضات شاقة، أقر مجلسا الشيوخ والنواب مشروع قانون يتيح رفع سقف ديون الحكومة البالغ 31.4 تريليون دولار لتجنب ما كان يمكن أن يكون أول تخلف عن سداد التزاماتها. وللاستدانة تصدر وزارة الخزانة الأمريكية أوراقا مالية مثل السندات الحكومية، والتي تسدد قيمتها في النهاية مع الفائدة. لكن بمجرد أن تصل الحكومة الأمريكية إلى أقصى الحد المسموح لا تستطيع وزارة الخزانة إصدار المزيد من السندات لذلك يتوجب رفع الحد الأقصى للدين.
ونقلت بلومبيرغ عن بيان صدر من وزارة الخزانة الأمريكية، أمس، إنها تقدر حاليا أن صافي الاقتراض سيبلغ 740 مليار دولار خلال الفترة من يوليو الحالي إلى سبتمبر القادم، بانخفاض عن توقعات سابقة بلغت 847 مليار دولار صدرت في 29 أبريل الماضي ، مشيرة أن السلطات الأمريكية أبقت على تقديراتها لرصيدها النقدي (المبالغ النقدية المتاحة للخزانة الأمريكية) بنهاية سبتمبر عند 850 مليار دولار.
ونوهت بلومبيرغ أن ما يثير اهتمام الجهات المعنية وما ستتابعه عن كثب، هو ما تشير إليه توقعات الخزانة الأمريكية إلى أن المبالغ النقدية المتاحة لهذه الخزانة في نهاية العام ستبلغ 700 مليار دولار، وذلك لما ذلك من تداعيات محتملة على أي معركة قادمة بشأن سقف الدين. وأضافت الوكالة أن من شأن تلك الأموال أن تتقلص بعد أن يعود سقف الدين بموجب القانون إلى العمل في بداية العام 2025، ما لم يقر الكونغرس زيادة في السقف أو تعليقا جديدا له.
وبمعنى آخر، ستبدأ الحكومة الامريكية في استخدام هذا المخزون من الأموال تدريجيا عندما يعود سقف الدين للعمل به بداية العام المقبل، إلا إذا اتخذ الكونغرس إجراء لزيادة سقف الدين أو تعليق تطبيقه لفترة جديدة. وذكرت بلومبيرغ أنه فيما يتعلق بالربع الحالي من العام 2024 ، فقد أشار بيان وزارة الخزانة إلى أن تحرك بنك الاحتياطي الفيدرالي البنك المركزي الامريكي لبدء إبطاء وتيرة بيع حيازاته من سندات الخزانة خفف من حاجة الحكومة إلى بيع المزيد من السندات للجمهور.
وهذا فيما يبدو أنه يعني أن تخفيض السرعة في بيع السندات الحكومية من قبل الاحتياطي الفيدرالي قلل من الضغط على الحكومة لبيع المزيد من السندات للجمهور لتمويل نفقاتها. وتابعت الوكالة ” أنه لم تكن خطة بنك الاحتياطي الفيدرالي قائمة عندما أصدرت وزارة الخزانة تقديراتها السابقة للاقتراض. كما بدأت الوزارة هذا الربع بمزيد من النقد في متناول اليد أكثر مما كان متوقعا في الأصل”.
ولفتت أن المبالغ النقدية المتاحة لوزارة الخزانة الأمريكية في نهاية يونيو هذا العام بلغ نحو 778 مليار دولار، وهو أعلى من المستوى الذي حددته الخزانة في نهاية أبريل الماضي والبالغ 750 مليار دولار. وبلغ هذا المخزون نحو 768 مليار دولار اعتبارا من يوم الخميس الماضي. ونقلت بلومبيرغ عن زاكاري جريفثس، كبير استراتيجيي الدخل الثابت في كريديت سايتس عنه القول” أن الرصيد النقدي لوزارة الخزانة في نهاية العام 2023 كان عند منتصف النطاق المتوقع، ويشير إلى انخفاض معتدل مقارنة بالمستوى المرتفع من النقد المتوقع في نهاية الربع الثالث”.
وذكرت الوكالة أن القانون لا ينص على مقدار محدد من النقد الذي يسمح لوزارة الخزانة بامتلاكه عند بدء تطبيق سقف الدين، مشيرة أن بعض المتعاملين كانوا يتوقعون أن تقدم الوزارة تقديرا أصغر لهدف رصيدها النقدي بحلول نهاية ديسمبر المقبل ، قبل إعادة فرض سقف الدين في يناير. لكن هذا الرأي لم يكن عاما، فالكمية النقدية الأصغر تعني إصدارا أقل قليلا للسندات في نهاية العام، أي أن هناك اختلافا في الآراء حول تأثير انخفاض رصيد النقد على إصدار السندات، فالبعض يرى أن تراجع النقد يعني إصدارا أقل من السندات في نهاية العام، لكن هذه الرؤية لم تكن متفقا عليها بشكل عام، وفقا للوكالة.
ولفتت بلومبيرغ أن التقدير البالغ 700 مليار دولار في نهاية العام الحالي يتماشى مع سياسة وزارة الخزانة بالاحتفاظ بما يعادل خمسة أيام من التدفقات النقدية كاحتياطي سليم، وفقا لمسؤولي وزارة الخزانة، مشيرة أن هذا الاحتياطي قد زاد في الحجم خلال هذا القرن بسبب اتساع العجز الفيدرالي.
وكان سوبادرا راجابا، رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأمريكية في /سوسيتيه جنرال/، قد توقع احتياطيا نقديا بقيمة 550 مليار دولار في نهاية هذا العام. بينما نظيره في /تي دي/ للأوراق المالية، جينادي جولدبرج،كان قد توقع أن تتوقع وزارة الخزانة أن يبلغ رصيد النقد في نهاية العام 850 مليار دولار، وفقا لما أوردته الوكالة.