قالت وكالة بلومبيرغ الاقتصادية الإخبارية للأنباء إن انهيار جسر فرانسيس سكوت كي بمدينة بالتيمور الأمريكية في ساعة مبكرة أمس الثلاثاء، بعد اصطدام سفينة حاويات كبيرة به، ستكون له تداعيات اقتصادية، لما تسبب فيه من إغلاق ميناء بالتيمور، وإغلاق طريق سريع رئيسي، وما سيترتب على ذلك من اضطرابات في حركة النقل لأسابيع أو أشهر في منطقة وسط المحيط الأطلسي، وتسريع نقل البضائع إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة، حيث سيحاول المستوردون والمصدرون تجنب الاختناقات المحتملة في بوابات التجارة من بوسطن إلى ميامي.
ويأتي انهيار جسر فرانسيس سكوت كي، أحد أعلى الجسور في العالم بارتفاع يصل إلى 9000 قدم، أو ما يعادل 2.7 كيلومتر، في ولاية ماريلاند الأمريكية بسبب اصطدام سفينة حاويات به، مما أسفر عن سقوط الهيكل الحديدي الضخم في نهر باتابسكو.
ونقلت الوكالة عن رايان بيترسن، المؤسس والرئيس التنفيذي لـ “فليكس بورت”، منصة شحن رقمية مقرها في سان فرانسيسكو، أن توقف ميناء بالتيمور عن العمل يعني أن جميع الموانئ الأخرى على الساحل الشرقي سينتقل إليها تدفق الشحنات، مما يؤدي إلى الازدحام والتأخير، وأوضح بيترسن أن الشركات بدأت بالفعل في نقل بضائعها من الساحل الشرقي إلى الساحل الغربي.
ولفتت بلومبيرغ إلى أن هذا من شأنه أن يكرر بالنسبة للشركات والمستهلكين سيناريو جائحة كورونا كوفيد-19، والدروس التي تم تعلمها بشأن سلاسل التوريد، حيث إن الزيادة المفاجئة بنسبة 10 في المئة أو 20 بالمئة في أحجام الشحنات في الميناء تكفي للتسبب في تراكم هائل وازدحام وانتظار السفن على السواحل.
وذكرت أنه على ضوء كون الميناء مخصص للسيارات، ويعد الأكثر ازدحاما في البلاد، فإن هناك إجماعا بين الاقتصاديين والخبراء في الشأن اللوجستي على أنها ستكون نقطة اختناق لفترة من الوقت، مشيرة إلى أن شركات أوروبية لتصنيع السيارات مثل “بي إم دبليو” و”فولكس واجن” و”مرسيدس” لديها مرافق داخل الميناء وحوله للتعامل مع شحنات المركبات، مضيفة أن شركة ” فورد موتور” حاولت بالفعل إيجاد مسارات بديلة، كما أن شركة “جنرال موتورز” فعلت ذلك.
ونسبت الوكالة لجون لولر، المدير المالي لشركة فورد، قوله إنه ميناء كبير به الكثير من التدفق؛ لذا سيكون له تأثير، مشيرا إلى أنهم سيعملون لإيجاد حلول بديلة، حيث إنه سيتعين النقل إلى موانئ أخرى على طول الساحل الشرقي أو أي مكان آخر في الولايات المتحدة.
كما نقلت عن لدين كروك، محلل الصناعة الرئيسي في DAT Freight & Analytics، القول إن بالتيمور هي واحدة من البوابات الرئيسية في البلاد للمعدات الزراعية وآلات البناء مثل الحصادات والجرارات ونحوه.
وأضاف كروك أن شهر مارس هو الشهر الذي تكون فيه ذروة استيراد المعدات الزراعية في بالتيمور قبل موسم الزراعة في إقليم الغرب الأوسط الأمريكي، مشيرا إلى أنه أيضا ميناء رئيسي لمواد البناء مثل الخشب والجبس.
ونسبت الوكالة لشركة Everstream Analytics، وهي شركة لتقييم مخاطر سلسلة التوريد، القول إن الميناء يعد أيضا مركزا مهما لسلع مثل الصلب والألومنيوم والسكر، حيث تتوقف هناك حوالي 30 إلى 40 ناقلة حاويات كل أسبوع.
من جانبها، أكدت شبكة سي إن إن الإخبارية الأمريكية أنه يمكن أن يؤدي انهيار الجسر، الذي أوقف إلى أجل غير مسمى تدفق السفن من وإلى ميناء بالتيمور، إلى الإضرار بالاقتصاد المحلي، ويضغط على سلاسل التوريد، ويعرقل عمليات التسليم على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة.
ونقلت الوكالة الإخبارية عن جودا ليفين، رئيس قسم الأبحاث في شركة الخدمات اللوجستية Freightos، أن إعادة توجيه البضائع إلى فيلادلفيا أو نورفولك أو ميناء نيويورك/نيوجيرسي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار النقل بالشاحنات والسكك الحديدية إذا كانت الكميات كبيرة، ويمكن أن يسبب بعض الازدحام في تلك الموانئ البديلة.
وأضاف ليفين أنه إذا حدث بعض الازدحام، وظلت السفن تنتظر، فقد يتسبب ذلك في تأخير المستوردين الذين يستخدمون هذه الموانئ، مشيرا إلى أن الازدحام يمكن أن يضع بعض الضغوط التصاعدية على أسعار الشحن في آسيا والساحل الشرقي للولايات المتحدة والشحن عبر المحيط الأطلسي.
وذكرت شبكة سي إن إن أن أسعار الشحن على الطرق عبر المحيط الأطلسي عادت تقريبا إلى مستويات عام 2019 بعد الارتفاع الكبير في تكاليف الشحن خلال جائحة كورونا، إلا أنها أشارت إلى أن أسعار الرحلات المتجهة من آسيا إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة تزيد عن ضعف مستواها في مارس 2019، بسبب أن الهجمات على الشحن في البحر الأحمر أجبرت السفن على تحويل مسارها حول إفريقيا بدلا من الإبحار عبر قناة السويس.
وعلى الرغم من احتمال زيادة تكلفة الشحن، نقلت /سي إن إن/ عن مارك زاندي، أحد الخبراء الاقتصاديين في Moody’s Analytics، قوله إن الاضطرابات من غير المرجح أن تسبب مشاكل للاقتصاد الأمريكي ككل، حيث من المرجح أن تجد البضائع موانئ أخرى.