جارى فتح الساعة......

في الوقت الذي لاتزال فيه معدلات التضخم في منطقة اليورو مرتفعة، تشير دلائل أخرى إلى وجود تباطؤ في اقتصاد منطقة العملة الموحدة، وهو الأمر الذي يضع البنك المركزي الأوروبي أمام مهمة صعبة تتمثل في تهدئة الطلب الضعيف بالفعل من دون دفع المنطقة إلى الركود المطول. وذكرت وول ستريت جورنال ، في تقرير لها، عن التضخم في أوروبا، أن الارتفاع في أسعار الطاقة والغذاء الذي أعقب اندلاع الحرب في أوكرانيا كان سبباً في زيادة معدل التضخم في منطقة اليورو وتحقيقها نموا أضعف مقارنة بالولايات المتحدة، مشيرة أنه عندما رفع صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيسي للبنك في الشهر الماضي، أشاروا إلى أنهم قد يتوقفون مؤقتاً في اجتماعهم المقبل، والذي من المقرر أن يكون في 14 سبتمبر الجاري.

وأكدت الصحيفة أنه ومنذ ذلك الحين، فإن هناك دلائل على أن الاقتصاد أضعف مما كان متوقعا، وكان التضخم أقوى في تلك المنطقة. ونقلت وول ستريت جورنال عن وكالة الإحصاءات التابعة للاتحاد الأوروبي أمس الخميس الخميس القول إن أسعار المستهلكين في دول الاتحاد الأوربي ارتفعت بنسبة 5.3 % في أغسطس المنصرم مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، ودون تغيير عن يوليو. وهذا أقل بكثير من الذروة التي بلغت 10.6 بالمئة، والتي كانت في أكتوبر 2022، ولكنه أعلى أيضا من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 بالمئة.

وكان الاقتصاديون يتوقعون أن يشهدوا انخفاضا في معدل التضخم، الذي ارتفع في كل من فرنسا وإسبانيا، وهما من أكبر أعضاء منطقة اليورو. ويزيد الارتفاع السريع في الأسعار من احتمال قيام البنك المركزي الأوروبي برفع سعر الفائدة الرئيسي للمرة العاشرة في الشهر الجاري، بحسب الصحيفة. ونسبت وول ستريت جورنال إلى إيزابيل شنابل، عضو المجلس التنفيذي للبنك المركزي الأوروبي القول إنه “إذا حكمنا أن موقف السياسة (النقدية) غير متسق مع عودة التضخم في الوقت المناسب إلى هدفنا البالغ 2 بالمئة، فسيكون هناك ما يبرر زيادة أخرى في أسعار الفائدة”.

وذكرت وول ستريت جورنال في تقريرها أن مفاجأة التضخم تعود إلى حد كبير إلى أسعار الطاقة التي انخفضت في الأشهر الأخيرة لكنها ارتفعت في أغسطس المنصرم، مضيفة أن معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني البنود المتقلبة مثل الطاقة والغذاء، انخفض إلى 5.3 بالمئة في أغسطس من 5.5 بالمئة في يوليو.

وأشارت الصحيفة إلى أن إحدى مخاوف صناع السياسة النقدية هي أن التضخم لا ينخفض بالسرعة الكافية لإقناع العمال بعدم الضغط من أجل زيادة كبيرة في الأجور لحماية قدرتهم الشرائية، وهي الآلية التي جعلت من الصعب على البنوك المركزية خفضه على مدى التاريخ.. لافتة إلى أن مكتب الإحصاءات الألماني ذكر الثلاثاء الماضي أن الأجور ارتفعت بنسبة 6.6 بالمئة في الأشهر الثلاثة حتى يونيو مقارنة بالعام السابق، وهي أكبر زيادة منذ فترة طويلة.

وسجل مقياس البنك المركزي الأوروبي للأجور الذي تفاوضت عليها النقابات العمالية والمجموعات المماثلة في جميع أنحاء منطقة اليورو ككل زيادة بنسبة 4.3 بالمئة في الربع الثاني، دون تغيير عن الأشهر الثلاثة الأولى من العام، وهو مؤشر على أن الضغوط التضخمية ربما تكون قد استقرت، وفقا للصحيفة.

إلا أن التقرير ذكر أن المؤشرات الأخيرة الأخرى تشير إلى ضعف اقتصاد منطقة اليورو بعد أن تمكنت من الصمود في وجه المرحلة الأولية من الحرب في أوكرانيا بشكل أفضل مما توقعه الاقتصاديون، الأمر الذي أدى إلى تكهنات بين اقتصاديين آخرين بأن البنك المركزي الأوروبي قد يبقي أسعار الفائدة دون تغيير في سبتمبر الجاري. ونقلت الصحيفة عن سيلفيا أرداجنا، الخبيرة الاقتصادية في بنك باركليز القول إنه “كانت بيانات النشاط ضعيفة للغاية، وقد امتد الضعف من قطاع التصنيع إلى قطاع الخدمات، وكانت ألمانيا هي الاقتصاد الأضعف”.

وتباطأ الإقراض المصرفي للأسر والشركات، وهو مؤشر على أن تكلفة الاقتراض تؤدي إلى تباطؤ الاستثمار وإضعاف النمو الاقتصادي. ومن المرجح أن يستمر هذا، حيث سجلت الدراسات الاستقصائية للشركات والأسر انخفاضا حادا في الثقة خلال شهر أغسطس، بحسب الصحيفة. وأشارت دراسة استقصائية أخرى لمديري المشتريات صدرت الأسبوع الماضي إلى أكبر تراجع في النشاط التجاري منذ أبريل 2013، إذا تم استبعاد الأشهر التي أعقبت تفشي جائحة كوفيد-19. وقال روري فينيسي، الخبير الاقتصادي في جامعة أكسفورد: “من المؤكد أن مخاطر الانكماش أعلى بكثير مما كانت عليه قبل بضعة أشهر، خاصة في ألمانيا”.

وذكرت وول ستريت جورنال أن ما يزيد من تعقيد عمل البنك المركزي الأوروبي أن مسارات النمو في بلدان منطقة اليورو تباعدت هذا العام، حيث استفادت اقتصادات جنوب أوروبا مثل إسبانيا من انتعاش السياحة الدولية، وأعلنت تلك الدولة عن زيادة بنسبة 41.7 بالمئة في عدد الزوار من الولايات المتحدة خلال شهر يونيو مقارنة بالعام السابق، وفي الوقت نفسه، تعاني ألمانيا التي تعتمد على التصنيع من ضعف الطلب العالمي على السلع حيث يعطي المستهلكون الأولوية للإنفاق على الخدمات التي حرموا منها خلال قيود كوفيد – 19.

وقد استقر اقتصاد ألمانيا في الأشهر الثلاثة حتى يونيو، ولا يتوقع بنكها المركزي العودة إلى النمو في الربع الحالي من هذا العام. وذكرت الصحيفة أن مؤشرات مديري المشتريات في منطقة اليورو تشير إلى توقف التوظيف الجديد، حيث أعلنت المصانع أنها خفضت الرواتب للشهر الثالث على التوالي. وأظهرت الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوربي أمس الخميس أن عدد العمال العاطلين عن العمل في منطقة اليورو ارتفع بمقدار 73000 في يوليو، وهي أول زيادة منذ يناير.

وسجلت أرقام منفصلة أصدرتها وكالة التوظيف الألمانية زيادة جديدة في البطالة في أغسطس المنصرم، مما ألقى بظلاله على ما كان من بين الجوانب الأكثر صحة للاقتصاد الألماني في السنوات الأخيرة، حيث كان يتسم سوق العمل بأنه قوي وبه بطالة منخفضة.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version