من المرجح أن يواصل معدن الذهب ارتفاعه خلال العام الجاري 2024؛ نظراً لضعف نمو الاقتصاد العالمي ، وتراجع أسعار الفائدة، وقوة الطلب من البنوك المركزية، وهي عوامل من شأنها أن تعطي دفعة للمعدن النفيس وأن يحافظ على وضعه الاستثماري كملاذ هو الآمن من بين العديد من الأدوات الاستثمارية. وكانت بيانات مجلس الذهب قد كشفت زيادة مستوى الطلب وارتفاع أسعار الذهب عالمياً، فقد ارتفعت على مدار عام 2023 بنحو 14%، وسط تذبذب واسع في الأسعار ما بين مستويات متدنية عند 1800 دولار في وقت سابق من العام، وحتى الوصول إلى مستوى قياسي فوق الـ 2060 دولار بنهاية ديسمبر 2023.
ارتفاع أسعار الذهب عكس ما حدث في العام الماضي على المستوى العالمي من استمرار للتوترات الجيوسياسية سواء مع مواصلة الحرب الروسية الأوكرانية والقرارات والعقوبات من الجانبين الداعمين لكل جانب، أو الحرب على قطاع غزة في دولة فلسطين.
ولكن سبق ذلك عوامل كانت ذا تأثير جلي على أسعار الذهب؛ إذ جاء في مطلع العام أزمة البنوك مثل سيلكون فالي وإعلان عدة بنوك أمريكية وعالمية إفلاسها وتعرض أخرى لأزمات، دفع ذلك المستثمرين إلى المعدن الأكثر أمناً للتحوط وسحب مدخراتهم من القطاع المصرفي الذي عانى من مخاوف تكرار الأزمة المالية العالمية.
ولم تتوقف تلك التحركات بسبب أزمة بعض البنوك، ولكن كان لتحرك مجلس الاحتياطي الفيدرالي وتلميحه مراراً إلى تحوله من رفع أسعار الفائدة إلى التثبيت، ومن ثم بدأ وتيرة خفض أسعار الفائدة وتوقع تزايدها في عام 2024، مع السيطرة على حدة معدلات التضخم، المحرك الأكبر في التحول للمعدن النفيس.
وكان الذهب قد استمر في الارتفاع خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بدعم من توقعات الأسواق التي تشير إلى أن البنك الفيدرالي الأمريكي سيلجأ إلى خفض أسعار الفائدة خلال اجتماع مارس 2024. وذلك بعد أن أشار البنك الفيدرالي في اجتماعه الأخير هذا العام إلى نيته خفض أسعار الفائدة 75 نقطة أساس خلال العام القادم.
ضعف بيانات النمو في الولايات المتحدة خلال الربع الثالث بالإضافة إلى تراجع معدلات التضخم وفقاً لمؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الذي يعد مؤشر التضخم المفضل لدى البنك الفيدرالي، زاد من ثقة الأسواق أن البنك الفيدرالي سيلجأ إلى خفض الفائدة في وقت مبكر من العام القادم.
احتمالات خفض الفائدة في مارس في الأسواق ارتفعت إلى أكثر من 75% بعد بيانات التضخم الأمريكية، وذلك على الرغم من تصريحات أعضاء البنك الفيدرالي الذين حاولوا تهدئة رد فعل الأسواق تجاه توقعات خفض الفائدة الأمريكية.
ساعد هذا على انخفاض الدولار الأمريكي مقابل سلة من 6 عملات رئيسية، فقد انخفض مؤشر التضخم هذا الأسبوع بنسبة 0.2% ليسجل انخفاض للأسبوع الثالث على التوالي ويسجل أدنى مستوى في 5 أشهر.
من جهة أخرى شهد العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات انخفاض خلال الأسبوع الماضي بنسبة 0.9% ليسجل أدنى مستوى منذ 5 أشهر عند 3.783% مسجلاً 5 أسابيع متتالية من الهبوط، وخلال شهر ديسمبر انخفض العائد بنسبة 10.7% بعد انخفاض آخر خلال شهر نوفمبر بنسبة 12.3%.
يُشار إلى أن خفض أسعار الفائدة يزيد من جاذبية المعدن النفيس، مقابل سائر الأدوات الاستثمارية؛ نظراً لتراجع المخاطر عليه، وسهولة تسييله عند الأزمات.