قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن تباطؤ نمو الوظائف وارتفاع معدلات البطالة الذي أظهره أحدث تقرير لوزارة العمل الأمريكية حول التوظيف، يحيي الآمال بأن يقوم الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي في الولايات المتحدة) بخفض سعر الفائدة في أواخر الصيف، وذلك بعد سلسلة من البيانات التي أظهرت قوة سوق العمل الاستثنائية، بالرغم من انتهاج الاحتياطي الفيدرالي سياسة التشديد النقدي لتهدئة الاقتصاد ومكافحة التضخم.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها، أن ذلك لن يغير الكثير من التوقعات القريبة للبنك المركزي الأمريكي، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه من المقرر صدور تقرير آخر عن التوظيف قبل اجتماع مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي للبت بشأن أسعار الفائدة يومي 11 و12 يونيو المقبلين.
ونقلت وول ستريت جورنال عن محللين أن تقرير التوظيف لشهر أبريل الماضي، أظهر أن سوق العمل يتباطأ لكنه لم يشر إلى تدهور خطير في ظروف التوظيف. وارتفع معدل البطالة إلى 3.9 بالمئة من 3.8 بالمئة في مارس. وعلت الأجور أيضا أقل من المتوقع، حيث ارتفعت بنسبة 3.9 بالمئة عن العام السابق بعد ارتفاعها بنسبة 4.1 بالمئة في مارس.
وقرر مسؤولو البنك المركزي الأمريكي بالإجماع في الأول من مايو الحالي، على ترك النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية عند 5.25 بالمئة إلى 5.5 بالمئة، مقرين بحدوث انتكاسات في مكافحة التضخم، وممددين من توقيت سياسة الانتظار والترقب التي ينتهجها البنك منذ فترة.
وعندما بدأ البنك المركزي الأمريكي رفع أسعار الفائدة في مارس 2022 للسيطرة على التضخم، كان من المتوقع أن يؤدي ارتفاع تكاليف الاقتراض إلى تهدئة الاقتصاد. إلا أنه حتى مع قيام البنك برفع سعر الفائدة، استمر الاقتصاد في النمو، وواصلت الشركات التوظيف وظلت البطالة منخفضة.
بيد أن الصحيفة رأت في عدة مؤشرات أبرزها تقرير وزارة العمل الأخير أن الأدلة تتزايد على أن الاقتصاد الأمريكي قد تباطأ، بما في ذلك قطاع الخدمات الذي كان شديد النشاط سابقا، وهو ما يسعى له البنك المركزي ليشرع في تخفيف سياسة التشديد النقدي وخفض سعر الفائدة.
وأشارت إلى أن بقاء مستويات النشاط الإجمالية صحية، مع حدوث بعض التباطؤ بمثابة أخبار مرحب بها للمستثمرين، لأنه يفتح الباب مرة أخرى أمام تخفيضات محتملة في أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي.
كما ذكرت أن إحدى العلامات المرحب بها للغاية من وجهة نظر بنك الاحتياطي الفيدرالي هي التباطؤ المستمر في نمو الأجور، مع ارتفاع متوسط الأجر في الساعة بنسبة 3.9 بالمئة فقط مقارنة بالعام السابق في أبريل، ومقارنة بنسبة 4.1 بالمئة في مارس و4.3 بالمئة في فبراير. ويشير هذا إلى أن ضغوط الأسعار قد تستمر في التراجع، على الرغم من تقارير التضخم المرتفعة في الأشهر الأخيرة.
وأضافت أن بيانات التوظيف الأخيرة كانت كافية لجعل المستثمرين يفكرون في خفض أسعار الفائدة مرة أخرى. إلا أن الصحيفة ذكرت أنه يبدو أن التحرك في الاجتماع المقبل لبنك الاحتياطي الفيدرالي في يونيو المقبل لخفض سعر الفائدة غير مطروح على الطاولة.
ونسبت وول ستريت جورنال لشركة الخدمات المالية “سي إم إي” قولها إن احتمالية خفض أسعار الفائدة بحلول سبتمبر المقبل، كما يشير لذلك سوق العقود الآجلة للأموال الفيدرالية ارتفع إلى 67.1 بالمئة في وقت متأخر من يوم الجمعة الماضي من 61.6 بالمئة في اليوم الذي يسبقه.
من جانبها، ذكرت شبكة سي إن إن الأمريكية أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي يراقبون عن كثب مسار مكاسب الأجور، حيث إن هناك مخاوف من أن نمو المدفوعات المتسارع قد يكون بمثابة ضغط تضخمي.
وتابعت الشبكة الإخبارية أن جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي أكد في وقت سابق من هذا الأسبوع إن البنك المركزي لن يبدأ في تخفيف سياسته النقدية المتشددة، حتى يكون هناك تباطؤ واضح في التضخم (الذي شهد ارتفاعا في الربع الأول من هذا العام) أو أن يكون هناك ضعف مفاجئ وغير متوقع في سوق العمل.
ونقلت سي إن إن عن أولو سونولا، رئيس الأبحاث الاقتصادية الأمريكية في وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، في تصريح له أنه بالنسبة لأولئك الذين يتطلعون إلى خفض أسعار الفائدة عاجلا وليس آجلا، فإن هذا التباطؤ في نمو الرواتب يعد خبرا جيدا.
وأضاف سونولا أنه ومع ذلك، فإن شهرا واحدا لا يشكل اتجاها، لذلك من المرجح أن يحتاج بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى رؤية بضعة أشهر من هذا النوع من الاعتدال، إلى جانب أرقام تضخم أفضل ليشرع في تخفيض أسعار الفائدة عاجلا وليس آجلا.
وعلى صعيد آخر، ذكرت سي إن إن أنه وعلى الرغم من أن الاقتصاد الأمريكي قوي بعدة مقاييس، إلا أن الملايين من الأمريكيين ما زالوا غير قادرين على شراء ما يكفي من الغذاء لأنفسهم ولأسرهم. وأضافت أنه لا تزال نسبة الأشخاص الذين يلجؤون إلى برامج الإغاثة أعلى مما كانت عليه قبل جائحة كورونا/ كوفيد- 19/.
وأشارت الشبكة الإخبارية الأمريكية إلى أنه بالرغم من أن التضخم الجامح الذي بدأ في عام 2021 قد تباطأ، لكن الأسعار لا تزال أعلى بكثير وتستمر في الضغط بشدة على ميزانيات الأفراد والأسر. ونقلت عن مؤشر أسعار البقالة التابع لشركة ” Datasembly” أن تكلفة محلات البقالة زادت بحوالي 33.5 بالمئة عن ما كانت عليه في بداية الجائحة.