جارى فتح الساعة......

من المرجح أن يشهد الاقتصاد الأمريكي تباطؤا كبيرا لتصل نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.4 بالمئة العام الجاري، قياسا بـ 2.8 بالمئة في عام 2024. وقال بنك QNB في تقريره الأسبوعي، إن حالة عدم اليقين ظلت مرتفعة في الأشهر الأخيرة بسبب الإدارة الأمريكية الجديدة، التي سارعت إلى تبني نهج جريء لـ “تغيير السياسات” مع عواقب كبيرة محتملة على كل من المستهلكين والمستثمرين، مشيرا إلى إنه وحتى في الفترات العادية التي تتبنى فيها الحكومات نهجا يميل أكثر نحو “العمل كالمعتاد”، من الصعب جدا استقراء الكثير من عملية صنع السياسات في الولايات المتحدة.

ترامب
ترامب

وأضاف التقرير أنه في ظل حكومة الرئيس دونالد ترامب التي تسعى إلى “مراجعة وتعديل السياسات”، فإنه من الصعب جدا إجراء تحليل أكثر شمولا للسياسات الاقتصادية وتأثيرها على النمو والتضخم، لذلك وجه البنك اهتمامه نحو الأسواق لتحليل تأثير التطورات والاتجاهات العامة لفئات الأصول الرئيسية على الاقتصاد الأمريكي.

ولفت البنك إلى أن الأسواق المالية تعد مصدرا بالغ الأهمية لرصد سلامة الأوضاع الاقتصادية العامة في الولايات المتحدة على المديين القصير والمتوسط، حيث إنها تعكس قرارات الاستثمار في العالم الحقيقي، والتي يتخذها وكلاء مطلعون يسعون باستمرار إلى التنبؤ بالتطورات المستقبلية أو استباق آثارها المحتملة.

وأشار التقرير إلى أن تحركات الأسعار عبر فئات الأصول المختلفة تعزز النظرة الكلية المتدهورة بشأن تباطؤ النمو الاقتصادي، على الرغم من بعض التفاؤل المرتبط باحتمالات تخفيضات ضريبية أو إلغاء بعض القيود التنظيمية، مؤكدا أن هناك ثلاثة عوامل رئيسية تدعم هذا الاتجاه.

وأوضح البنك أن العامل الأول يتمثل في إشارات أسواق الأسهم التي تعكس تحوّلا كبيرا في المعنويات من التفاؤل إلى الحذر، في ظل تزايد المخاطر التي تتهدد آفاق نمو الأرباح، مشيرا إلى أن مؤشري الأسهم الرئيسيين في الولايات المتحدة، وهما S&P 500 وناسداك 100، سجلا تراجعا ملحوظا عن ذروتهما الأخيرة.

وفي هذا السياق، أشار التقرير إلى أنه عند إلقاء نظرة أعمق داخل سوق الأسهم، ومقارنة الأداء عبر مختلف القطاعات والعوامل، يتضح أن رؤوس الأموال تتحرك نحو اتخاذ مواقف أكثر دفاعية، حيث تفضل أسهم القيمة على أسهم النمو، وتمنح الأفضلية لأسهم الخدمات العامة على الأسهم الدورية.

ونوه البنك إلى أن الأسهم الدورية، الأكثر تأثرا بالتقلبات الاقتصادية، تراجعت بشكل ملحوظ وسط بيئة اقتصادية تزداد صعوبة، مشيرًا إلى أن أداء أسهم الشركات الصغيرة (راسل 2000) وشركات النقل بمختلف قطاعاتها، لم يكن دون التوقعات فحسب، بل دخل فعليا في نطاق “السوق الهابطة”، بانخفاض تجاوز 20 بالمئة عن أعلى مستوياته الأخيرة، ما يعكس مؤشرات على تباطؤ اقتصادي محتمل.

ولفت التقرير إلى أن العامل الثاني يتمثل في مؤشرات سوق السندات، الذي يعد أكثر الأسواق تأثرا بالأوضاع الكلية، حيث بدأ الهامش بين سندات الشركات ذات العائد المرتفع والأوراق الحكومية طويلة الأجل في الاتساع خلال الأسابيع الأخيرة، ما يعكس تنامي حذر المستثمرين وعزوفهم عن المخاطرة.

علاوة على ذلك، انعكست مقاييس مختلفة لمنحنى العائد على سندات الحكومة الأمريكية، وهو فرق أسعار الفائدة بين الأدوات المماثلة ذات آجال الاستحقاق المختلفة. على سبيل المثال، تحول الهامش المعياري بين سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات وأسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى المنطقة السلبية مرة أخرى في فبراير 2025.

ويعد هذا الهامش المعياري مؤشرا رئيسيا على حالات الركود، حيث يشير انخفاض عائدات السندات طويلة الأجل إلى انخفاض توقعات النمو، بينما يظهر ارتفاع عائدات السندات قصيرة الأجل إلى أوضاع مالية أقل إيجابية.

ونوه التقرير إلى أن هذه الإشارة من سوق السندات سبقت جميع فترات الركود السبع الأخيرة في الولايات المتحدة منذ ستينيات القرن الماضي، وغالبًا ما تظهر قبل عام أو عامين من بداية الركود.

وأضاف أن ارتفاع عائدات سندات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل، مؤخرا، يعكس تصاعد الضغوط في السوق وتراجع الثقة في السندات الأمريكية كملاذ آمن، وسط حالة من عدم اليقين المتزايد بشأن السياسات الاقتصادية الأمريكية.

وفيما يتعلق العامل الثالث أوضح التقرير أنه يتمثل في إشارات تحذيرية قوية من أبرز أسواق السلع الأساسية، بشأن حالة وشيكة من ضعف الأداء في المستقبل حيث من المرجح أن يكون ارتفاع أسعار المعادن النفيسة، وخاصة الذهب، انعكاسا للارتفاع في علاوة المخاطر الجيوسياسية وزيادة الطلب المؤسسي على الأصول غير الخاضعة لولاية قضائية فيما تقترب أسعار الذهب من أعلى مستوياتها على الإطلاق، حيث ارتفعت بما يقارب 30 بالمئة منذ سبتمبر 2024 لتصل إلى ما يقارب 3,230 للأونصة.

وأشار التقرير إلى أن أسعار النفط الخام، الذي يعد مدخلا أساسيا للنشاط الاقتصادي مثل النقل وتوليد الطاقة، ما تزال أقل بكثير من أعلى مستوياتها الأخيرة، مع أداء ضعيف بشكل عام مقارنة بالذهب.

ويظهر هذا الوضع تراجعا في زخم النمو في ظل الطلب المتزايد على أصول الملاذ الآمن غير المرتبطة بولاية قضائية محددة.

واختتم بنك قطر الوطني /QNB/ تقريره بالقول: بشكل عام، تغيرت معنويات السوق، وتشير فئات الأصول المختلفة إلى بيئة اقتصادية كلية أكثر صعوبة للولايات المتحدة، بما في ذلك أسواق الأسهم والسندات والسلع الأساسية، وبينما نعتقد أن التوقعات بشأن الركود ربما تكون سابقة لأوانها، نظرا لارتفاع مستوى النمو الحالي وإمكانية اتباع نهج أكثر براغماتية في صنع السياسات، فإننا نتوقع تباطؤا كبيرا في الاقتصاد الأمريكي ليصل نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 1.4 بالمئة في عام 2025، من 2.8 بالمئة في عام 2024.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version