جارى فتح الساعة......

من المرجح أن يؤدي النشاط القوي في الولايات المتحدة الأمريكية، مقترنا بضيق أسواق العمل، وانخفاض الطاقة الفائضة، إلى موجة أخرى من ارتفاع التضخم، تجبر البنك الاحتياطي الفيدرالي (المركزي الأمريكي) على مزيد من جولات رفع أسعار الفائدة. وفقا لتقرير صادر عن بنك QNB وبين إنه لا ينبغي تجاهل الإشارات التي يوفرها انعكاس منحنى العائد، حيث يوجد حاليا ما يكفي من اختلالات في الاقتصاد الأمريكي، والتي قد تحول دون حدوث هبوط ناعم، وأن تؤدي في نهاية الأمر إلى ركود خلال النصف الثاني من عام 2024.

وأشار التقرير إلى أن نمو الاقتصاد الأمريكي تجاوز التوقعات في الأشهر الأخيرة، ما دعم الطلب العالمي خلال فترة الضعف المرتبطة بالركود الصناعي، رغم تشديد السياسات النقدية، وتزايد عدم اليقين الجيوسياسي، مبينا أنه يمكن ملاحظة ذلك من خلال مؤشر “سيتي للمفاجآت الاقتصادية” بالولايات المتحدة، الذي يلخص كيف تجاوزت إصدارات البيانات الاقتصادية توقعات المحللين، أو خالفتها على مدى فترة من الزمن، وقد ظلت المفاجآت الإيجابية تهيمن على المفاجآت السلبية منذ أواخر 2022.

وأضاف، في الواقع، ليس صعبا العثور على مؤشرات اقتصادية كلية ومالية تدعم سيناريو صعود معدلات نمو الاقتصاد الأمريكي في الوقت الراهن، فقد انتعشت أسعار الأسهم بقوة واقتربت من أعلى مستوياتها على الإطلاق، وينمو الناتج المحلي الإجمالي حاليا بوتيرة تتجاوز الإمكانات، وتحوم معدلات البطالة حول أدنى مستوياتها منذ عدة عقود، ومع ذلك، ينبغي اتخاذ نهج أكثر دقة عند النظر في البيانات، حيث تميل بعض المؤشرات إلى إطلاق إشارات تحذير قبل حدوث أي مشكلة.

وأشار QNB إلى أن سندات الخزانة الأمريكية التي تتأثر بتطورات الاقتصاد الكلي تشير إلى سياق أكثر تعقيدا، فقد انعكست مقاييس مختلفة في منحنى العائد الحكومي الأمريكي، الذي يمثل فرق العائد بين الأدوات المتشابهة التي لها آجال استحقاق مختلفة، فعلى سبيل المثال، تحول الفارق القياسي بين سندات الخزانة لأجل 10 سنوات وأسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية إلى مستوى سلبي في ديسمبر 2022، قبل تراجعه أكثر في المنطقة السلبية في الأشهر الأخيرة، ويعد هذا الفارق القياسي مؤشرا رئيسيا للركود، حيث أن انخفاض العائدات طويلة الأجل يعني انخفاض توقعات النمو، وارتفاع العائدات قصيرة الأجل يعني تشديد السياسة النقدية، وقد ظهرت هذه الإشارة قبل فترات الركود السبعة الأخيرة التي حدثت في الولايات المتحدة منذ أوائل الستينيات، وهي بمثابة تحذير يسبق بدء الركود بعام أو عامين.

ويرى تقريرQNB أنه مع استقرار النمو واعتدال التضخم، يتجه المستثمرون ومحللون نحو موقف متفائل، ما يعني أن الولايات المتحدة يمكنها تجنب الركود، ويرجع ذلك إلى الاعتقاد بأن السلطات الأمريكية تقوم بعملية تشديد متقنة، حيث يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي بموازنة السياسة لتحقيق السيناريو الأمثل للهبوط الناعم، أي مزيج من السياسات التي تعمل على اعتدال النمو بما يكفي لدفع التضخم مرة أخرى إلى مستوى 2 بالمئة، المستهدف دون التسبب في أي ضغط كبير على الطلب.

وبحسب التقرير فإن هذا الموقف مفرط في التفاؤل، لاسيما وأنه تاريخيا، لم يتمكن الاحتياطي الفيدرالي من احتواء التضخم الجامح مع تحقيق هبوط ناعم، فخلال دورات التشديد السابقة، كانت إجراءات السياسية النقدية إما غير قوية بما فيه الكفاية، مما أدى إلى ارتفاع معدل التضخم بشكل مدمر، أو سرعان ما أصبحت متشددة للغاية، مما أدى إلى انكماش اقتصادي أكثر تجليا.

ونظرا لقوة أسس الاقتصاد الأمريكي وسلامة الأوضاع المالية للأسر في الولايات المتحدة، توقع التقرير تسارعا لنمو الاقتصاد الأمريكي خلال الأشهر القليلة المقبلة، ووفقا لنموذج الناتج المحلي الإجمالي (GDPNow) الخاص ببنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، والذي يقدر النمو في الوقت الحقيقي باستخدام بيانات عالية التردد، يبلغ النمو في الولايات المتحدة 4.1 بالمئة في الربع الثالث من عام 2023، أي أكثر من ضعف معظم تقديرات اتجاه النمو، فقد زادت تصاريح البناء، كما ارتفعت نوايا الإنفاق الرأسمالي، وتشير نسبة الطلبيات الجديدة إلى المخزون الخاصة بمؤشر مديري المشتريات إلى نقطة تحول في دورة التصنيع نحو وضع التوسع خلال الأشهر القليلة المقبلة.

ويعتقد التقرير أن مشاركة العمال في سن مبكرة في القوى العاملة تجاوزت مستويات ما قبل الجائحة، ومن ثم، ما لم يتباطأ الطلب على العمالة، وعليه سترتفع الأجور الحقيقية، ولن يكون هناك مجال كبير لزيادة المعروض من العمالة، وبالمثل، فإن استخدام الطاقة الانتاجية يسير على قدم وساق، حيث يتجاوز متوسطه على المدى الطويل بأكثر من 2.5 بالمئة، مما يشير إلى أن المساحة المتاحة على جانب العرض محدودة للغاية لاستيعاب الطلب المتزايد.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version