تحذر عديد من التقارير الاقتصادية من “موجة قادمة من التخلف عن سداد الديون السيادية” من قبل البلدان النامية التي تواجه ضغوطات واسعة في ضوء تضرر اقتصاداتها من انعكاسات جائحة كورونا ثم الحرب في أوكرانيا وما فرضته من صعوبات اقتصادية.
وزاد الدين العالمي بمقدار 10 تريليونات دولار خلال العام الماضي، ليسجل مستوى قياسياً جديداً عند 303 تريليونات دولار، مع صعود ديون الأسواق الناشئة والنامية. وحسب تقرير معهد التمويل الدولي، فإن 80% من الديون الجديدة خلال2021 جاءت من الأسواق الناشئة بقيادة الصين، ما دفع إجمالي التزاماتها لتسجيل 100 تريليون دولار. هذه الاقتصادات تمثل معاً نحو 40 % من إجمالي الناتج المحلي العالمي، وهو ما حدى بالبنك الدولي للتحذير من أن حوالي 12 دولة نامية قد تعجز عن خدمة ديونها على مدى الإثني عشر شهراً المقبلة.
تعد لبنان وبيلاروسيا وغانا وسريلانكا وزامبيا في صدارة قائمة الدول التي تعانى اقتصاديا وتعجز عن سداد الديون السيادية ، وفقا للبيانات الصادرة عن وكالة Fitch Ratings والتى كشفت عن قفزة إلى مستويات قياسية في عدد حالات التخلف عن سداد الديون السيادية خلال السنوات الثلاث الماضية.
وبحسب وكالة Fitch Ratings ، فقد حدثت 14 حالة تخلف عن سداد الديون السيادية في 9 دول منذ 2020، مقارنة بالعقدين الماضيين (2000-2019) بواقع 19 حالة تخلف عن السداد في 13 دولة مختلفة.
ووفقاً للبيانات، ارتفعت عمليات التخلف عن سداد الديون السيادية وسط زيادة متوسط نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 48% من مستويات 31% في 2008.
كما أشار التقرير إلى أن حل مشكلة التأخر عن السداد في عام 2000 كان يستغرق 35 يوماً في المتوسط، مقابل 107 أيام منذ عام 2020. وشددت Fitch على أن بطء عمليات إعادة الهيكلة يؤدي إلى تكاليف تمويلية أعلى.
وفقاً لوكالة موديز، فإن الركود الاقتصادي المزمن يحدث عندما يكون للدولة وضع مالي ضعيف ونقاط ضعف محلية مصحوبة بصدمات خارجية كبيرة وفقدان لثقة المستثمرين.
وحددت موديز ثلاثة أسباب أخرى تدفع إلى التخلف عن سداد الديون السيادية. كانت العوامل المؤسسية والسياسية هي السبب في 36% من حالات التخلف عن السداد، أي عندما تعاني دولة ما من صراع أهلي أو نقاط ضعف مؤسسية، مثل ضعف إدارة الميزانية، وسوء إدارة الالتزامات الطارئة، والتباطؤ الإداري.
كذلك، كان عبء الديون المرتفع هو سبب 33% من حالات التخلف عن السداد، أي عندما يعاني بلد ما من اختلالات خارجية ومالية مستمرة نتيجة عبء ديون مرتفع لا يمكن تحمله، حيث يؤدي تراكم الديون البطيء وتدهور القدرة على تحمل الديون في نهاية المطاف إلى التخلف عن السداد.
وفي سياق متصل حدد تقرير بحثي صادر عن مركز “إنترريجونال للتحليلات الاستراتيجية”، عدداً من العوامل التي تعزز التوقعات المرتبطة بزيادة حجم الديون والتعثر في سدادها خلال العام الجاري 2023، وأبرزها: وسلط التقرير الضوء على ثلاث تبعات رئيسية محتملة جراء ذلك، وهي: (تأجيج الاضطرابات المالية، فضلاً عن نشوب الاضطرابات السياسية، وزيادة تدفقات الهجرة). وشدد على أنه في ظل التوقعات السلبية عن اتجاهات الاقتصاد العالمي، التي من ضمنها زيادة تعقد أزمة الديون العالمية، خاصةً بالنسبة للبلدان النامية والفقيرة، تزداد المخاوف من الدخول في موجة جديدة من التخلف عن سداد الديون.