قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية إن أحدث البيانات الاقتصادية، تشير إلى أن الاقتصاد في الولايات المتحدة يستمر في فقدانه قوته الدافعة وزخمه جراء سياسات مجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي في الولايات المتحدة)، والذي يخوض معركة ضد التضخم من خلال رفع تكلفة الاقتراض لتهدئة الاقتصاد والوصول بالتضخم لهدفه البالغ 2 بالمئة.
وأشارت الصحيفة الأمريكية في تقرير لها، إلى أنه ومع صدور تقرير مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأمريكي وبعض البيانات المهمة حول التضخم والنفقات الاستهلاكية، فإن النمو لم يتباطأ بعد إلى الحد الذي قد يشكل مصدر قلق لصناع السياسات النقدية، ولكنه قد يتباطأ قريبا ليقلقهم إذا استمرت الاتجاهات الحالية.
ونوهت الصحيفة بأن الاهتمام يتركز على مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي، الذي هو جزء من حزمة البيانات الصادرة عن وزارة التجارة الأمريكية، لأنه المقياس المفضل لدى بنك الاحتياطي الفيدرالي للتضخم، حيث إنه يساعد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي على اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانوا سيخفضون أسعار الفائدة أم لا قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في نوفمبر.
وارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 2.7 بالمئة عن العام السابق في أبريل، وذلك تماشيا مع توقعات الاقتصاديين ودون تغيير عن الشهر السابق. كما أن مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي الذي يستثني الغذاء والطاقة، والذي يفضله بنك الاحتياطي الفيدرالي، ارتفع بنسبة 2.8 بالمئة، بزيادة طفيفة عن الشيء المتوقع.
وأشارت الصحيفة إلى أن الدخل ارتفع بنسبة 0.3 بالمئة عن الشهر السابق، اتساقا مع التوقعات وانخفاضا من نمو فيه بنسبة 0.5 بالمئة في مارس، كما أن الإنفاق الشخصي ارتفع بنسبة 0.2 بالمئة فقط، وهو ما يقل عن التوقعات ويتباطأ من 0.7 بالمئة في مارس.
وذكرت الصحيفة أن التأثير التراكمي لسنوات من التضخم قد بدأ أخيرا بالإضرار بالمستهلكين وجعل مدخراتهم تتآكل، وهو الأمر الذي تشير إليه الشركات التي تبيع السلع غير الضرورية في تقاريرها العامة.
ونقلت الصحيفة عن سكوت أندرسون، كبير الاقتصاديين في شركة بي إم أو كابيتال ماركتس، أن معدل الادخار لشهر أبريل البالغ 3.6 بالمئة، على الرغم من عدم تغييره عن شهر مارس، كان أقل بكثير من متوسط 12 شهرا البالغ 5.2 بالمئة.
وذكرت الصحيفة أنه قبل يومين، انخفض مؤشر شيكاغو للأعمال، المعروف أيضا باسم مؤشر مديري المشتريات في شيكاغو ومقياس النشاط الاقتصادي في المنطقة، إلى 35.4 نقطة في مايو من 37.9 نقطة في أبريل.
ورأت الصحيفة أنه لا ينبغي المبالغة في أهمية مؤشرات مديري المشتريات الخاصة بالمناطق، لكن هذا المؤشر يبدو جديرا بالملاحظة أكثر من معظم المؤشرات الأخرى. وكان في أدنى مستوياته منذ مايو 2020، خلال فترة إغلاق جائحة كورونا، وفقا لـ”فاكتست” لنظم البحوث.
ونوهت وول ستريت جورنال بأن كل هذه القراءات جاءت في أعقاب التعديل بصورة هبوطية لنمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول إلى 1.3 بالمئة على أساس سنوي من تقدير سابق قدره 1.6 بالمئة. ونقلت الصحيفة عن اقتصاديين في شركة /كابيتال إيكونوميكس/ للأبحاث أنهم يتوقعون الآن نموا بمقدار 1.2 بالمئة فقط في الربع الثاني، بانخفاض عن التقدير البالغ 2.7 بالمئة قبل أسبوعين.
وشددت الصحيفة أنه ومع سرد كل هذا فإنه من الصعب تجاهل علامات التباطؤ في الاقتصاد الأمريكي، بيد أنها ذهبت إلى أن هذا لن يبدأ في التأثير على تقديرات الاحتياطي الفيدرالي حتى يكون لذلك تأثير قوي على أرقام الرواتب الشهرية.
إلا أن الصحيفة ذكرت أن تأثر سوق العمل يظهر في وقت متأخر عن العلامات الأخرى التي تشير إلى أن هناك تحولا في الاقتصاد.
ومن جانبها، ذكرت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية أنه من المتوقع أن يشير مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي في اجتماعهم المقبل لتحديد سعر الفائدة في 12 يونيو، إلى أنهم بحاجة إلى مزيد من البيانات حول التضخم قبل خفض تكاليف الاقتراض من أعلى مستوى لها منذ 23 عاما عند 5.25 في المائة إلى 5.5 في المائة.
وأضافت الصحيفة أن الأسواق المالية تتوقع خفضا بمقدار ربع نقطة مئوية هذا العام، مع احتمال يزيد قليلا عن 50 في المائة لإجراء التخفيض الأول في سبتمبر، مشيرة إلى أن البيانات التي نشرها مكتب التحليل الاقتصادي، تظهر أن المتسوقين في الولايات المتحدة يكبحون إنفاقهم، مع انخفاض نفقات الاستهلاك الحقيقية بنسبة 0.1 في المائة.
ونقلت الصحيفة عن سمير سمانا، كبير استراتيجيي السوق العالمية في شركة ولز فارجو أن كل شيء يشير إلى أن الاستهلاك يتباطأ ويجب أن يتباطأ، فهناك أسعار فائدة مرتفعة، وسوق عمل يخبو وأسعار ترتفع.
كما نقلت عن دين ماكي، كبير الاقتصاديين في صندوق إدارة الأصول بوينت 72 أن بنك الاحتياطي الفيدرالي من المرجح أن يشعر بالارتياح قليلا بمؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي في أبريل، لكنه غير راض بأي حال من الأحوال.
وأضاف ماكي أنه ليس من السهل أن يكون لديك وجهة نظر شديدة القناعة بسياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي، لأن بنك الاحتياطي الفيدرالي نفسه لا يعرف حقا ما الذي سيفعله، مشيرا إلى أن الأمر يعتمد حقا على بيانات التضخم الأساسي الشهرية، والتي كانت متقلبة للغاية في الأشهر الأخيرة.