جارى فتح الساعة......

في ثاني مرة في تاريخ الولايات المتحدة، قللت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني الولايات المتحدة الأمريكية من تصنيفها الائتماني السيادي من الدرجة الأولى (AAA) إلى (+AA)، ، في تكرار لإجراء مشابه اتخذته ستاندرد آند بورز جلوبال قبل أكثر من عقد. وبحسب فيتش فإن خفض التصنيف درجة واحدة من (AAA) إلى (+AA) يشير إلى أن الولايات المتحدة لم تعد صاحبة “أعلى جودة ائتمانية”، كما أن تصنيف (+AA ) يدل على أن “توقعات وجود مخاطر تخلف عن السداد محدودة للغاية”، إلا أن هذا يشكل تراجعا عن “أدنى توقع لمخاطر التخلف عن السداد” لمقترضين مصنفين. كما تمنح فيتش (AAA) التصنيف الأعلى فقط مع حالات توافر “القدرة القوية الاستثنائية” للوفاء بالالتزامات المالية، في حين تمنح مستويات الائتمان من الفئة (+AA )عند توافر “قدرة قوية للغاية”.

إلا أن ما يتبادر إلى ذهن المستثمرين ويشغل بال الأسواق العالمية هو الانعكاسات الاقتصادية المحتملة للتصنيف الجديد. وهل سيكون لهذا التصنيف تأثيرا محدودا ومؤقتا على الأسواق العالمية كما حدث عقب خفض وكالة ستاندرد آند بورز التصنيف الائتماني للحكومة الأمريكية في عام 2011 عندما برزت مخاوف حول مدى قوة الاقتصاد الأمريكي، ومع ذلك كان لهذه الخطوة تأثير محدود على المدى الطويل، إذ أقبل المستثمرون على الأصول الأمريكية مجددا، وتراجعت عوائد الديون الحكومية الأمريكية بنهاية 2011.

وللإجابة على هذه التساؤلات ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أنه عندما صدمت وكالة ستاندرد آند بورز العالم المالي قبل 12 عاما بتخفيض التصنيف الائتماني للحكومة الأمريكية لأول مرة في تاريخها، تراجعت الأسهم، لتقترب من الدخول تحت مسمى السوق الهابط. وقال بن برنانكي رئيس مجلس الاحتياطي الاتحادي “البنك المركزي الأمريكي” آنذاك “كل من يقرأ الصحيفة يعلم أن الولايات المتحدة لديها مشكلة مالية خطيرة للغاية وطويلة الأجل”.

قيد أن الصحيفة ذكرت أن المثير للضحك أنه بالرغم من كل ذلك اندفع المستثمرون لشراء السندات، وهو الشيء الذي من المفترض أنه أصبح أكثر خطورة. وظلت الأسهم غير مستقرة لشهرين آخرين، لكن السوق بعده انطلق للأمام ودخل تحت مسمى السوق الصاعد، مشيرة إلى المئات من التحذيرات حول خطورة الأوضاع المالية خلال عقود تجاهلها المستثمرون أو اعتبروها فرصة للاستثمار في أسهم أو سندات منخفضة القيمة.

إلا أن وول ستريت جورنال حذرت من أن يستمد المستثمرون ارتياحا زائفا من الماضي ومن التصور بأن التحذيرات المالية ماهي إلا كتحذير راعي الغنم الكذوب مرات عدة من وجود ذئب يهدد غنمه، ليكتشف الناس بعدها الناس زيف ادعائه، مشددة أن تحذير وكالة فيتش يأتي في وقت يصعب تجاهله. وأشارت إلى ارتفاع معدل أسعار الفائدة إلى مستويات غير مسبوقة بسبب سياسة التشديد النقدي التي ينتهجها مجلس الاحتياطي الاتحادي، كما قدر مكتب الميزانية في الكونجرس الأمريكي أن يصل صافي الفائدة إلى 745 مليار دولار في السنة المالية 2024، وذلك بعد أن حافظ مجلس الاحتياطي على أسعار الفائدة منخفضة جدا، وكانت فاتورة دافعي الضرائب لتمويل الديون المتراكمة في الماضي متواضعة. وذكرت الصحيفة أنه نسبة لأن ارتفاع معدلات الفائدة يدفع احتياجات التمويل إلى أعلى، فإنه على الرغم من ذلك، أصبحت قدرة الحكومة الأمريكية على تغيير المسار المالي دون اتخاذ تدابير كارثية سياسيا مثل خفض المستحقات وطباعة النقود بصورة علنية أصبحت أكثر محدودية.

من جانبها، قالت وكالة بلومبيرغ للأنباء أن قرار وكالة فيتش لخفض الدرجة الأولى للائتمان السيادي للولايات المتحدة من AAA إلى AA + يسلط الضوء على الديون التي تراكمت في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى تحفيز الاقتصاد في وقت انتشار وباء كورونا وكذلك التخفيضات الضريبية، مضيفة أنه وفي الآونة الأخيرة، أطلقت الحكومة أيضا برامج استثمارية للبنية التحتية والتكنولوجيا والطاقة النظيفة، علاوة على ارتفاع تكلفة الاقتراض مع رفع بنك الاحتياطي الاتحادي أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها في 22 عاما.

وتتوقع وكالة فيتش أن يصل الدين الأمريكي إلى 118% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2025، أي أعلى بثلاث مرات من متوسط 39% بين البلدان التي حصلت على أعلى تصنيف AAA. وتتوقع أن النسبة سترتفع أعلى على المدى الطويل. وبهذا الخصوص، نسبت بلومبيرغ لمحللين قولهم، إن ذلك قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات صعبة للإدارات المستقبلية في البيت الأبيض، وأشارت إلى أن العجز الفيدرالي بلغ 1.4 تريليون دولار في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الحالية، أي ما يقرب من ثلاثة أضعاف الرقم قبل عام. كما عززت وزارة الخزانة الأمريكية هذا الأسبوع توقعاتها للاقتراض للربع الحالي إلى 1 تريليون دولار، أي أعلى بكثير من 733 مليار دولار التي توقعتها في مايو الماضي.

ونقلت بلومبيرغ عن مايك سكورديليس، رئيس قسم الاقتصاد الأمريكي في شركة ترويست فاينانشيال كورب القول، إن تخفيض تصنيف فيتش هو إشارة إلى أن الولايات المتحدة بحاجة إلى تنظيم عملية الميزانية. وخفضت وكالة فيتش التصنيف الائتماني للولايات المتحدة من (AAA) إلى (+AA)، مشيرة إلى عوامل تشمل “تآكل الحوكمة” خلال العقدين الأخيرين بعدما شهدت البلاد بشكل متكرر خلافات على صلة برفع سقف الدين العام. وذكر بيان لـ فيتش ، أن “خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة يعكس التدهور المتوقع للمالية العامة خلال السنوات الثلاث المقبلة، والعبء المرتفع والمتزايد للدين العام الحكومي، وتآكل الحوكمة”.

شاركها.
اترك تعليقاً

Exit mobile version