أكد المشاركون في جلسة “الصناعة قاطرة التنمية” ضمن فعاليات مؤتمر “أخبار اليوم الاقتصادي”، أن القطاع الصناعي شهد طفرة كبيرة خلال الشهور الماضية، من خلال حل مشكلات عدد كبير من المصانع المتوقفة، ووضع استراتيجية واضحة للتصدير، وتعزيز السياسات المالية، إلى جانب التوسع في الفرص الاستثمارية، خاصة في المناطق الصناعية الجديدة بالمدن الساحلية.
شهدت الجلسة، التي أدارها محمد أبو العينين، وكيل مجلس النواب، حضور وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية، ورئيس مجلس إدارة مجموعة بافاريا، وعدد من قيادات الغرف الصناعية، وممثلي مجتمع الأعمال والخبراء. من جانبه، أكد كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية ووزير الصناعة والنقل، أن الدولة تتوسع في إنشاء المدن الصناعية الجديدة في المناطق الساحلية، لضمان استدامة النشاط الاقتصادي طوال العام، مشيرًا إلى أنه سيتم إنشاء أربع مناطق صناعية متكاملة في هذه المدن.

وأوضح أن مدينة برج العرب الجديدة، والتي تمتد على مساحة 100 مليون متر مربع، تمثل مركزًا صناعيًا واعدًا يخدم المناطق الساحلية من العجمي حتى مارينا، وتضم مصانع لكبرى الشركات العالمية، إلى جانب تجهيزها بكافة المرافق، والسكك الحديدية، وقربها من مينائي الدخيلة والإسكندرية. وأضاف أن المنطقة الصناعية بمدينة العلمين الجديدة مخططة وفق أعلى المعايير، وبدأت الشركات العالمية في تأسيس مصانع كبرى بها، مع توفر بنية تحتية متطورة تشمل محطة قطار سريع وأخرى للديزل.
كما يجري العمل على إنشاء منطقة صناعية في رأس الحكمة، بمساحة 30 مليون متر مربع، بجوار محطة القطار الكهربائي وطريق الضبعة، إلى جانب تنفيذ مطار دولي لدعم الحركة السياحية والصناعية والعقارية في المنطقة. وأشار إلى أن المنطقة الصناعية الرابعة ستكون في جرجوب، وستكون مجهزة بأحدث المرافق، لتكاملها مع النشاطين الصناعي والسياحي، موضحًا أنه يتم دراسة إنشاء مناطق صناعية متخصصة في القرى والمحافظات التي تتمتع بمزايا تنافسية في قطاعات معينة.
أكد أبو العينين أن بناء مصر الصناعية الحديثة يستلزم رؤية متكاملة تستند إلى التكنولوجيا المتقدمة، والتسويق العالمي الفعّال، وتعزيز سلاسل الإنتاج المحلية. وأشار إلى أن المجموعة الاقتصادية تعمل بتناغم لتحقيق نهضة صناعية حقيقية، حيث تمثل الصناعة العمود الفقري للاقتصاد الوطني. وشدد على أن التخصص في الصناعات المستقبلية، وإنشاء مناطق صناعية متكاملة، يمثلان عوامل حاسمة لنجاح النهضة الصناعية المصرية، في ظل التغيرات السريعة بالخريطة الصناعية العالمية.
وأوضح أن التكنولوجيا والتحول الرقمي أصبحا عنصرين رئيسيين في تعزيز الإنتاجية والتنافسية، مشيرًا إلى أن مصر تمتلك جميع المقومات اللازمة لتصبح مركزًا صناعيًا إقليميًا وعالميًا، بفضل موقعها الجغرافي المتميز، والكوادر البشرية المؤهلة، والاتفاقيات التجارية التي تفتح أبواب الأسواق العالمية أمام المنتجات المصرية.
وأكد أن تطوير القطاع الصناعي سيؤدي إلى زيادة الصادرات، وتقليل الاعتماد على الواردات، وتوفير ملايين فرص العمل للشباب، لافتًا إلى أن الصناعات الذكية والخضراء وصناعة البرمجيات والإلكترونيات تمثل مستقبل الاستثمار الصناعي في مصر.
كما دعا إلى تطوير الصناعات التقليدية عبر تطبيق أحدث التقنيات، وتعزيز الصناعات المغذية، مما يسهم في تعميق التصنيع المحلي والحد من فاتورة الاستيراد.
وشدد على أهمية إنشاء مناطق صناعية متخصصة تعتمد على أحدث التكنولوجيا، وتوفر بيئة استثمارية جاذبة للمستثمرين، مستفيدين من البنية التحتية الحديثة التي تشمل شبكة الطرق العملاقة والموانئ المتطورة ومشروعات الطاقة، وهو ما يشكل قاعدة قوية لنجاح النهضة الصناعية.
من جانبها، أكدت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية أن الحكومة تعمل وفق خطة واضحة لترسيخ استقرار الاقتصاد الكلي، وتعزيز مرونة السياسات المالية، وتحسين بيئة الأعمال، وتوفير فرص العمل، ودعم الفئات الأكثر احتياجًا عبر برامج اجتماعية مستدامة. وأضافت أن التنمية الصناعية والبشرية وريادة الأعمال تمثل أولويات وطنية، حيث تم تشكيل مجموعات وزارية متخصصة لدعم التصدير، وتوطين الصناعة، وتنمية العنصر البشري، وفتح الآفاق أمام الشركات الناشئة ورواد الأعمال، بما يعزز الابتكار والاقتصاد القائم على المعرفة.
وأكدت أن الحكومة تستهدف تعزيز التصنيع المحلي عبر استراتيجيات متكاملة، تشمل دعم الصناعات التكنولوجية الحديثة، وتعزيز تنافسية المنتج المصري في الأسواق العالمية، من خلال التحول الرقمي وتطبيق معايير الجودة الدولية، واستغلال الاتفاقيات التجارية مثل “الكوميسا”، والشراكة مع الاتحاد الأوروبي، واتفاقية التجارة العربية الكبرى، واتفاقية “الميركسور” مع أمريكا الجنوبية.
اختتم المؤتمر بالتأكيد على ضرورة تكاتف الجهات المعنية لدعم القطاع الصناعي، من خلال تطبيق سياسات فعالة تعزز الإنتاج المحلي، وتشجع الابتكار، وترفع من كفاءة القوى العاملة، لضمان تحقيق قفزة نوعية في الصناعة المصرية خلال السنوات المقبلة.