يتوقع الاقتصاديون أن يواصل البنك المركزي الأوروبي دورة خفض أسعار الفائدة، في ظل تصاعد التوترات التجارية العالمية وتباطؤ نمو اقتصاد منطقة اليورو. وتتوقع الأسواق أن يتم تخفيض إجمالي بمقدار 75 نقطة أساس بحلول سبتمبر، مما سيؤدي إلى تراجع سعر الفائدة على الودائع إلى 1.5%، وذلك بحسب ما أوردته قناة “يورونيوز” الإخبارية. وكان البنك المركزي الأوروبي قد خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس يوم الخميس الماضي، وسط حالة من الغموض تسود الأوضاع العالمية بسبب الرسوم الجمركية، والتي أثارت القلق بشأن آفاق النمو في منطقة اليورو.
وأفادت القناة الأوروبية في تقريرها بأن مجموعة واسعة من الخبراء الاقتصاديين يتوقعون أن يمضي البنك المركزي الأوروبي قدما في تقليص أسعار الفائدة خلال الأشهر القادمة، في ظل استمرار تبني سياسة نقدية مرنة، في ظل التباطؤ الاقتصادي العالمي والتوترات التجارية المستمرة. وأضافت أن هناك إجماعا بين المحللين الاقتصاديين على احتمال خفض إضافي قدره 75 نقطة أساس عبر الاجتماعات الثلاثة المقبلة للبنك المركزي، ليصل سعر فائدة الودائع إلى 1.5% بحلول سبتمبر.

ومع خفض الفائدة الأخير بمقدار 25 نقطة أساس ــ وهو التخفيض السابع في أقل من عام ــ أصبح سعر فائدة تسهيلات الودائع 2.25% (السعر الذي يدفعه البنك المركزي للبنوك التجارية مقابل إيداع أموالها الفائضة لديه لفترة قصيرة)، وهو أدنى مستوى له منذ يناير 2023، حسبما أفادت “يورونيوز”. ورغم أن هذه الخطوة كانت متوقعة على نطاق واسع، فإن نبرة بيان مجلس محافظي البنك والمؤتمر الصحفي الذي أعقب الاجتماع هي التي عززت التوقعات بمزيد من التيسير النقدي، أي خفض أسعار الفائدة.
ونقلت القناة عن “جان بول كيركي”، كبير اقتصاديي منطقة اليورو في بنك “إيه بي إن أمرو”، قوله إن بيان البنك والمؤتمر الصحفي اتسما بطابع مرن، مضيفا أن إدراج المخاطر السلبية، مثل التوترات التجارية وتراجع المعنويات في الأسواق المالية والتطورات الجيوسياسية يعكس ميلا متزايدا من صانعي السياسات لدعم النمو الاقتصادي.
وأشارت “يورونيوز” إلى أن كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، أكدت أن القرارات المستقبلية ستعتمد على البيانات وستتخذ بناء على تقييم كل اجتماع على حدة. لكنها أقرت بأن بعض أعضاء مجلس المحافظين كانوا يفضلون الإبقاء على الفائدة دون تغيير قبل التصاعد الأخير في التوترات التجارية. ويشير التوافق على القرار في نهاية المطاف إلى سرعة تغير التوجهات داخل قيادة البنك المركزي.
وبحسب القناة الإخبارية، تفاعلت أسواق المال سريعا مع السياسة النقدية المتساهلة للبنك المركزي. ويعتمد المستثمرون الآن على أدوات مالية تعرف بـ “المقايضات الليلية” للتنبؤ بتوجهات أسعار الفائدة مستقبلا، وتظهر هذه الأدوات حاليا تسعيرا يشير إلى خفض متوقع بمقدار 66 نقطة أساس حتى نهاية عام 2025، منها 22 نقطة أساس يرجح أن تحدث في أقرب تقدير خلال اجتماع يونيو المقبل. وصرح “كارستن برزيسكي”، رئيس قسم الاقتصاد الكلي العالمي في مجموعة “آي إن جي”، بأن خطاب لاغارد عكس شعورا متزايدا بالإلحاح في مواجهة تحديات متعددة، من بينها تباطؤ التضخم وارتفاع المخاطر السلبية على النمو.
وأضاف أن التحدي الرئيسي الذي لا يزال يواجه البنك المركزي الأوروبي يتمثل في حالة عدم اليقين الاستثنائية، والتي قد تحول دون الوصول إلى هدف التضخم المنشود. وتتوقع مجموعة “آي إن جي” أن ينخفض سعر الفائدة على الودائع إلى 1.75% بحلول سبتمبر. كما أفادت “يورونيوز” بأن محللي بنك “دانسكه” يتوقعون تخفيضات أكبر في أسعار الفائدة، مؤكدين أن البيانات الاقتصادية لاسيما المتعلقة بالتضخم ونشاط الأعمال، ستحدد التوجه النقدي في المستقبل القريب. ومع ذلك، فإن الاتجاه العام لا يزال يميل نحو التيسير.
وأشار هؤلاء المحللون إلى أنهم مستمرون في توقع خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال الاجتماعات القادمة، ليصل سعر الفائدة على الودائع إلى 1.5% بحلول سبتمبر 2025. ويعتقد بنك “دانسكه” أن ظهور قراءة ضعيفة لمؤشر مديري المشتريات في أبريل أو مايو قد يدفع البنك إلى تسريع وتيرة التيسير، وربما يقدم على خفض بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع يونيو. وأوضحت القناة الإخبارية أنه رغم تراجع التضخم في قطاع الخدمات خلال الأشهر الماضية، فإن الضغوط السعرية لا تزال تتجاوز المستهدف، مما يزيد من تعقيد تحول السياسة النقدية إلى وضع أكثر مرونة.
كما نقلت “يورونيوز” عن “سفين جاري شتين”، الخبير الاقتصادي في “غولدمان ساكس”، وصفه لرسالة البنك المركزي الأوروبي يوم الخميس بأنها “متساهلة إلى حد كبير”، مشيرا إلى أن قلق المسؤولين ازداد بشأن ضعف توقعات النمو في منطقة اليورو. وتتوقع مؤسسة “غولدمان ساكس” أن يجري البنك المركزي الأوروبي خفضا بمقدار 25 نقطة أساس في 5 يونيو، يليه خفضان إضافيان في شهري يوليو وسبتمبر، مما سيؤدي إلى خفض سعر فائدة الودائع إلى 1.5%، حسبما أفادت قناة “يورونيوز” الإخبارية.