أصبح أسم الاقتصادي الإماراتي ورائد الأعمال البارز محمد العبّار مؤسس شركة إعمار العقارية ، بمثابة مصدر إلهام لاجيال الشباب ممن يطمحون دخول عالم ريادة الاعمال وتاسيس مشروعات وتحقيق الاستمرارية فالعبار امضي سنوات طوال يعمل ويكافح و يدشن مشروعات ضخمة في عدد من دول العالم من بينها مصر حتى اصبح أحد أهم القادة المؤثرين في قطاع التشييد والبناء.
دخل محمد العبار سوق العمل في سن صغيرة وكافح إلى أن حصل على منحةٍ دراسية في أمريكا ثم عاد ليبني إرثًا معماريًا حضاريًا ضخمًا في دبي ويتوسع بالعقارات الفخمة والعملاقة.
أرض لا تعرف المستحيل
قصة نجاح محمد العبار الفريدة، استلهمها -كما أكد بنفسه- من رؤية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، الذي منح الجميع فرصة الصعود والترقي وإنجاز المستحيل في أرض لا تعرف المستحيل.
ولد محمد العبار في الإمارات في 8 نوفمبر عام 1956 ، لعائلة عصامية حيث عمل والده قبطانًا بحريًا، والتحق بجامعة سياتل في الولايات المتحدة الأمريكية وحصل منها على بكالوريوس في إدارة الأعمال عام 1981، كما حصل على الدكتوراه الفخرية في الإنسانيات من جامعته الأم عام 2007، وكان ضمن مجلس أمناء الجامعة، ثم بعودته إلى دبي تولى العديد من المناصب الإدارية والتي فتحت له أبواب الفرص والقوة لبناء امبراطوريته في مجال الإعمار والتشييد، حيث بدأ بتأسيس شركاته الخاصة وتنفيذ مشاريع معمارية هامة.
مشروعات عملاقة وانجازات كبيرة
يشغل العبار منصب مؤسس ورئيس مجلس الإدارة في شركة Eagle Hills، كما أنه المؤسس ورئيس مجلس الإدارة في شركة إعمار العقارية وهي واحدةٌ من أهم شركات التطوير العقاري في العالم والتي كان أهم أعمالها تطوير برج خليفة أعلى برج في العالم، ومول دبي أكبر مركز تسوق في العالم، بالإضافة إلى برج خور دبي والذي برتفع لأكثر من 3000 قدم، وأوبرا دبي بـ 2000 مقعد وأيضًا بناء مارينا دبي أكبر مارينا صناعية في العالم، إلى جانب مدينة الملك عبدالله الاقتصادية.
كما يشغل العبار منصب كبير مستشاري حاكم دبي ونائب رئيس الإمارات ورئيس وزراءها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وعمل في السابق كمدير عام مؤسس لدائرة التنمية الاقتصادية في دبي.
ويقود العبار مجموعات استثمارية ضخمة، وهو مؤسس ورئيس مجلس إدارة شركة موارد أفريقيا الشرق الأوسط، والمؤسس وأحد كبار المساهمين في شركة RSH المختصة في بيع منتجات الموضة في سنغافورة، وتملك أكثر من 700 متجر في آسيا والشرق الأوسط.
اشترت مجموعات العبار الاستثمارية مجموعة أمريكانا والتي تمتلك سلسلة وجبات سريعة في الشرق الأوسط ودجاج كنتاكي وبيتزا هت، من صاحب أغلبية الأسهم فيها مقابل 2.36 مليار دولار عام 2016.
أسس العبار منصة نون.كوم لينافس فيها منصة علي بابا وأمازون، وكان بإحدى شركاته من أحد المنافسين لشراء سوق دوت كوم، الصفقة التي حصلت عليها أمازون في النهاية.
كما أن العبار هو عضو مجلس دبي التنفيذي ومجلس دبي الاقتصادي، وساهم في نمو القطاع غير النفطي في بلاده كما عمل نائبًا لرئيس مركز دبي التجاري العالمي ورئيسًا لشركة دبي للكابلات.
نتائج مالية مالية متميزة
نجح العبار في قيادة شركة إعمار العقارية لتحقيق نتائج مالية متميزة بنهاية العام الماضي 2021 وارتفعت مبيعات الشركة بنسبة 209% لتصل إلى 33.8 مليار درهم مقارنة بمبيعات 2020 التي وصلت إلى 10.9 مليار درهم. وبدعم من مبيعات العقارات القوية والأداء القويّ الذي سجّلته إيرادات مراكز التسوّق، وأعمال التجزئة والضيافة، سجّلت الشركة في 2021 إيرادات بقيمة 28.270 مليار درهم، بزيادة 57% مقارنة بـ 2020. وبلغ صافي الأرباح في 2021 نحو 3.8 مليار درهم، بزيادة قدرها 80% على صافي الأرباح البالغ 2.109 مليار درهم خلال 2020.
ثلاث أمنيات
بالرغم من النجاحات الكثيرة التى حققها العبار الا ان هناك ثلاث أمنيات لم يستطع تحقيقها في حياته: “الأولى أن يُحسن اختيار أفضل الموظفين حين كان عمره 35 عاماً، والثانية أن يؤسس شركة نون قبل عام من إطلاقها، والثالثة العزف على آلة الساكسفون، التي بدأ التدرب فعليًا عليها، لكن سقوطه من على حصان وإجراء جراحتين في ذراعه حالا دون ذلك”.
ويحلو لرائد الأعمال البارز يلخص قصة نجاحة في ثلاث كلمات: الوقت المناسب، المكان المناسب، والفرصة المناسبة، مشيراً إلى أن هذه العوامل متى توافرت لإنسان لديه الشغف والرغبة والإرادة في وطن مثل الإمارات، سيحقق النجاح ذاته.
العبار بدأ حياته كموظف بنكي في إمارة أبوظبي، ثم عرض عليه السفر إلى سنغافورة، فرفض ذلك لأنه كان قد عاد لتوه من الولايات المتحدة، لكن رئيسه في العمل أصرّ على سفره، لإدراكه أن هذا في مصلحة العمل ومصلحة العبّار نفسه، مؤكداً أنه يدين بالفضل لهذا الرجل الغيور على مكان عمله، وعلى موظفيه.
و قضى العبار في سنغافورة سبع سنوات، تعلم فيها الكثير رغم الصعوبات التي واجهها آنذاك، وحين عاد قرر نقل تجربة المؤسسات العقارية الكبرى التي وجدها هناك إلى الإمارات، وأسس شركة إعمار دون أن يكون لديه الخبرة الكافية في هذا المجال، لكنه قاوم العثرات التي واجهته، حتى كبرت الشركة في ظل النمو الاقتصادي الذي شهدته دبي والدولة بفضل قيادتها الحكيمة.
ثلاثة تحديات صعبة
هناك ثلاثة تحديات صعبة واجهها في مشواره الطويل، تمثلت في المنافسة الصعبة مع مؤسسات حكومية عقارية رائدة، وقد كان هذا حافزاً له لتقديم أفضل الأسعار والمحافظة على جودة التنفيذ وخدمة العملاء. والتحدي الثاني هو الأزمة الاقتصادية في عام 2008، حين تراجعت الأسواق العالمية. أما الثالث فتمثل في بداية الجائحة عام 2020، حين أغلقت المطارات، وفرضت القيود على الحركة، لافتاً إلى أن الأرباح الشهرية لـ دبي مول فقط كانت تقدر بنحو 300 مليون درهم، قبل الجائحة. وكان من الصعب خسارة هذا المبلغ شهرياً، لذا صبرنا على المستأجرين، مراعاة للظروف الصحية، حتى دبت الحياة فيه مجدداً، بفضل السياسات الرائعة في التعامل مع الجائحة من قبل قيادتنا والجهات المعنية».
وتابع العبار: لولا أن (إعمار) مؤسسة قوية، لما استطاعت التغلب على هذه التحديات، مشيراً إلى أنه تعلم من صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن هناك أيام زينة وأيام شينة ويجب أن أكون مستعداً.
مؤكداً أنه تغلب عليها بفضل درس تعلمه من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، حين قال له: يجب أن تعلم أن العمل بالاقتصاد متقلب مثل الليل والنهار، والصيف والشتاء، فهناك أيام خير ونماء وربح، وأيام صعبة. لذا يجب أن تدخر في الأولى لتتغلب على الثانية.
الموظف الجيد الملتزم
وحول أسلوبه في معاملة موظفيه، قال العبّار: إنه معروف بشدته في العمل لكنه يضع الموظف الجيد الملتزم بكلمته على رأسه، لافتاً إلى أنه بدأ إعمار كشركة مساهمة منذ 25 عاماً، وهذا أصعب شيء يمكن أن يفعله رجل أعمال، لأنه مطالب بتقديم كشف حساب للأرباح والمصروفات كل ثلاثة أشهر، مضيفاً أن ذلك وضعه تحت ضغط مستمر، لأنه ملزم باكتساب ثقة مستثمريه وتحقيق الأرباح لهم.
وأفاد بأنهم في إعمار يستعدون من شهر يناير لجلسة المحاسبة في ديسمبر، لكنه التزم بالشفافية منذ البداية، فلم يلجأ يوماً إلى التأثير في الجمعية العمومية، كما يفعل البعض، لكنه كان منفتحاً أمام النقد والطلبات ، وأضاف: الشركات المساهمة لا ترحم، لكن كلما وضع الإنسان الجيد تحت ضغط زاد إنتاجه.
وأكد أن أحد عوامل نجاحه تمثل في توظيف أفضل الأفراد، ووضع أهداف استثنائية لهم، مشيراً إلى أنه تعلم هذا الدرس متأخراً، وتمنى لو تدارك ذلك حين كان عمره 35 عاماً، لكن الوضع تغير داخل إعمار ونون وبقية الشركات، فحين تدخل تجد مقر العمل أشبه بسوق السمك، لا تعرف المدير من الموظف الصغير، لكن حين ترى النتائج تدرك نجاح هذه المنظومة التي تعمل على مدار الساعة.