تستعد شركة “مايكروسوفت” لتسريح آلاف الموظفين في قسم المبيعات، وذلك بهدف تقليص النفقات، في الوقت الذي تزيد فيه الشركة إنفاقها على الذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع الإعلان عن تخفيضات الوظائف خلال الايام المقبلة وتأتي هذه التخفيضات بعد استغناء “مايكروسوفت” عن 6 آلاف موظف في مايو الماضي، و10 آلاف آخرين في يناير 2023.
وبلغ عدد موظفي “مايكروسوفت” حوالي 228 ألف موظف بنهاية سنتها المالية الماضية في يونيو 2024، منهم حوالي 45 موظف في المبيعات والتسويق.
بينما أغلقت منصة تيك توك مركز الإشراف في المملكة المتحدة وأنهت عقود مئات الموظفين، لتصبح أحدث منصة تكنولوجية كبرى تنضم إلى موجة تسريحات المشرفين على المحتوى، في أعقاب خطوات مماثلة من “ميتا” و”روبلوكس” و”إكس” (تويتر سابقًا)، ضمن توجه متسارع لتقليص الاعتماد على العنصر البشري المكلف واستبداله بأنظمة الذكاء الصناعي.

أغلقت تيك توك مركز إشرافها في المملكة المتحدة، بعد أن كانت قد أوقفت العام الماضي عمليات في مواقع عدة بآسيا، وهو ما أدى إلى إنهاء عقود مئات الموظفين، في إطار عملية إعادة تنظيم عالمية تعتمد بشكل متزايد على تقنيات الذكاء الصناعي. وقالت الشركة في بيان ، إن بعض مهام فرق الثقة والسلامة ستُعاد إلى مكاتب أوروبية أخرى أو إلى مزودين خارجيين للخدمات، مع الإبقاء على عدد محدود من هذه الوظائف داخل المملكة المتحدة، مشيرة إلى أن أكثر من 85% من المحتوى المُزال لمخالفته إرشادات المجتمع يتم رصده وحذفه آليًا.
وتوظف “تيك توك”، المملوكة لشركة التكنولوجيا الصينية “بايت دانس”، أكثر من 2500 شخص في المملكة المتحدة. وكانت قد سرّحت في سبتمبر الماضي نحو 300 مشرف محتوى في هولندا وبعض الدول الأوروبية الأخرى، وأعلنت في أكتوبر الاستغناء عن 500 موظف في ماليزيا، ما أثار احتجاجات وإضرابات في عدة بلدان بينها ألمانيا.
وفي إبريل الماضي، أنهت شركة تيلوس إنترناشيونال، المتعاقدة مع ميتا للإشراف على المحتوى، خدمات أكثر من 2000 مشرف محتوى في مركزها بمدينة برشلونة. وكان هؤلاء المشرفون يتولون متابعة المحتوى باللغة الإسبانية لملايين المستخدمين، ما أثار انتقادات بشأن تقليص الاعتماد على العنصر البشري في واحدة من أكبر الأسواق الناطقة بالإسبانية.
أما إكس، فقد تراجع عدد موظفي الإشراف في مكاتبها الأوروبية إلى النصف بعد استحواذ إيلون ماسك على المنصة، في ظل خطة شاملة لتقليص النفقات والاعتماد على الذكاء الصناعي.
وفي روبلوكس للألعاب، تم الاستغناء عن مئات الآلاف من المشرفين البشريين بفضل اعتماد متزايد على أنظمة آلية، رغم نمو قاعدة مستخدمي المنصة بنسبة 41% العام الماضي.
وتبرر الشركات هذه الخطوات بأنها تهدف لتقليل الاعتماد على العمل البشري المكلف، مشيرة إلى أن أنظمة الذكاء الصناعي أصبحت قادرة على رصد المحتوى الضار بشكل أسرع وأكثر اتساقًا.
في غضون ذلك أعرب مشرفون محترفون وخبراء في مجال حماية الأطفال عن قلقهم من اعتماد شركات التكنولوجيا الكبرى بشكل متزايد على الذكاء الصناعي لإدارة المحتوى، محذرين من أن هذه الأنظمة لا تزال عاجزة عن استيعاب السياق الثقافي والتفاصيل الدقيقة التي يتقنها المشرفون البشريون.
وقال مدير التكنولوجيا في المركز الكندي لحماية الطفل لويد ريتشاردسون، إن تقليص عدد موظفي الأمن والثقة لصالح أنظمة الذكاء الصناعي سيؤدي إلى انخفاض مستوى السلامة بشكل عام”، مؤكدًا أن وجود العنصر البشري لا بديل عنه. وأوضح مشرفون تحدثوا لوكالة بلومبرغ أن الأدوات المعتمدة على الذكاء الصناعي كثيرًا ما ترتكب أخطاء، ما يضاعف من أعباء عملهم بدلًا من تخفيفها.
وبحسب روايات مشرفين يعملون في شركات مثل تيك توك وروبلوكس وميتا، فإن الأنظمة الآلية تُخطئ في تفسير المحتوى بنسبة تصل إلى 70% في بعض الحالات، ما يجعل الإنترنت “حقل ألغام خطيرًا” مع استمرار انتشار خطاب الكراهية والدعاية واستغلال الأطفال دون رادع.
ويشير الخبراء إلى أن الحل الأمثل يكمن في تطوير أدوات الذكاء الصناعي لدعم الكوادر البشرية لا استبدالها، إذ إن المشرفين يملكون القدرة على تفسير السلوك وفهم السياق، وهي مهارات يصعب على الأنظمة الآلية إتقانها.