من المرجح اعتدال نمو الاقتصاد العالمي واستمرار انخفاض التضخم، قبل نهاية العام الجاري 2024 وفقا لتوقعات بنك QNB، مستدلا في ذلك باستقرار أسعار السلع الأساسية التي تشير إلى سيناريو أداء اقتصادي أكثر إيجابية، على الرغم من مخاوف تسبب الولاية الثانية للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، في نمو وتضخم غير متوازنين.
وأشار البنك في تقريره الأسبوعي إلى أن معظم السلع الأساسية الدورية أصبحت مستقرة الآن وتعتبر أسعارها أقل من الذروة الأخيرة، واستمرار نسبة أسعار النحاس إلى الذهب في الانخفاض، مع تفوق أسعار الذهب على أسعار الفضة، ما يشير إلى عدم وجود ضغوط من ارتفاع الطلب أو النشاط الاقتصادي المفرط.
وأوضح التقرير أنه بعد فوز ترامب، وسيطرة الجمهوريين على مجلسي الشيوخ والنواب “هناك تساؤلات حول ما إذا كانت ولاية ترامب الثانية ستتبنى نهجا متشددا في التعامل مع المقترحات المثيرة للجدل، مثل التعريفات الجمركية، والموقف المالي، والهجرة، وقد تكون لهذا الأمر تداعيات كبيرة على النمو العالمي والتضخم”.
وأضاف: “بما أنه من الصعب جدا استقراء الكثير من معطيات السياسة الأمريكية، خاصة قبل أن تبدأ ولاية ترامب، فإننا نحول تركيزنا إلى أسواق السلع الأساسية لتحليل انعكاسات حركة أسعار السلع الملموسة الرئيسية على الاقتصاد العالمي”.
وتوفر السلع الأساسية رؤى مهمة حول سلامة الأوضاع العامة للاقتصاد العالمي، نظرا لأهميتها في البناء والنقل والتصنيع والمواد الغذائية، ويتضمن ذلك المعلومات ذات الصلة باتجاهات المعنويات والتضخم، حيث تقود أسعار السلع الأساسية في كثير من الأحيان أو تؤكد نقاط التحول الدورية.
واستند بنك قطر الوطني إلى ثلاثة عوامل لدعم تحليله، أولها أن أسعار السلع الأساسية لا تزال بشكل عام أقل بكثير من الذروة التي بلغتها مؤخرا في مايو 2022، ولكنها تعتبر مستقرة تقريبا في السنة حتى تاريخه. ويبدو أن هذا يناقض الروايات بشأن إعادة تسارع الاقتصاد العالمي أو ارتفاع التضخم وحدوث تباطؤ حاد وشيك، كما أن عملية تصحيح الأسعار بعد الذروة التي بلغتها في مايو 2022، تشير إلى أن اتجاه تراجع التضخم لا يزال سليما.
كما يشير استقرار الأسعار منذ بداية العام إلى مرونة الاستهلاك والاستثمار العالميين، لافتا إلى أن الزيادة المعتدلة في أسعار المعادن الصناعية في السنة حتى تاريخه، وخاصة النحاس، تنبئ بتحسن أوضاع النمو في آسيا الناشئة والصين على وجه الخصوص، التي تعتبر مستهلكا كبيرا للنحاس.
أما العامل الثاني، فيشير إلى البيئة المعتدلة خلال الأرباع القادمة فيما يتعلق بنسبة أسعار النحاس إلى الذهب، وهو مقياس تقليدي لتوقعات النمو والتضخم، وكذلك لمعنويات المخاطرة، وهذا يتناقض مع الرأي القائل إن ولاية ترامب الثانية قد تزيد من الناتج المحلي الإجمالي المحتمل والتضخم، مما يعزز بقوة “الرغبة في المخاطرة” لدى المستثمرين. ولو كان الأمر كذلك، لارتفعت أسعار النحاس بوتيرة أسرع من أسعار الذهب، مما يؤدي إلى زيادة نسبة أسعار النحاس إلى الذهب. بدلا من ذلك، حدث العكس. حيث يشير هذا الأمر، إذا نظرنا فقط إلى أسواق السلع الأساسية ودينامياتها، إلى توقعات بانخفاض الضغوط التضخمية مع نمو معتدل.
ورجح التقرير لدى تناوله العامل الثالث، أن يكون ارتفاع أسعار المعادن الثمينة انعكاسا لارتفاع علاوة المخاطر الجيوسياسية وزيادة الطلب المؤسسي على الأصول غير المرتبطة بولاية قضائية معينة، وليس ناتجا عن أي عامل أكثر أهمية يتعلق بالنمو أو التضخم.
ورأى التقرير أن أسعار الذهب قريبة من أعلى مستوياتها على الإطلاق، حيث ارتفعت بنسبة 42 بالمئة منذ مايو 2022. ومع ذلك، فإن أسعار الفضة، التي تعد عنصرا أساسيا في الاقتصاد الجديد (صناعات التكنولوجيا والطاقة النظيفة)، أقل بكثير من مستوياتها المرتفعة الأخيرة، ويعتبر أداءها بشكل عام أقل قليلا من أداء الذهب. ولو كان هناك اتجاه كبير نحو ارتفاع النمو والتضخم، لارتفعت أسعار الفضة بسرعة أكبر من أسعار الذهب.