تشهد صناعة السيارات الكهربائية في أوروبا حالة من التوتر بسبب تراجع توقعات تحقيق الأرباح، وذلك نتيجة لعوامل متضافرة أهمها ضعف الطلب وارتفاع تكاليف الإنتاج. أطلقت شركة ستيلانتيس Stellantis، وهي رابع أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم، تحذيرا اليوم الاثنين بشأن تدهور آفاق الطلب على السيارات وارتفاع التكاليف، لتلحق بركب شركات أخرى كبيرة في المجال مثل فولكس واغن Volkswagen. وأدى هذا التحذير إلى انخفاض كبير في القيمة السوقية لقطاع صناعة السيارات الأوروبي، بحسب تقرير نشرته وكالة “رويترز”.
وتعاني شركات صناعة السيارات الأوروبية من ضعف الطلب في الصين والولايات المتحدة، بالإضافة إلى التوترات التجارية المحتملة بين بكين والاتحاد الأوروبي، خاصة فيما يتعلق برسوم الاستيراد المفروضة على السيارات الكهربائية الصينية التي يشتبه في تلقيها لإعانات حكومية. كما أصدرت شركة أستون مارتن البريطانية للسيارات الفاخرة، تحذيرا مماثلا بشأن أرباحها السنوية، مشيرة جزئيًا إلى انخفاض الطلب في الصين. وكانت مرسيدس بنز وبي إم دبليو قد أصدرتا تحذيرات مماثلة في وقت سابق من هذا الشهر.
وتراجعت أسهم أستون مارتن بنسبة تصل إلى 20٪ لتصل إلى أدنى مستوى لها في عامين تقريبًا. وانخفضت أسهم شركة ستيلانتيس بنسبة تقارب 11٪، لتصل إلى أدنى مستوى لها منذ ديسمبر 2022، مع قيام المستثمرين بتقييم حجم مشاكل الشركة. تأتي هذه التحذيرات الأخيرة في أعقاب إعلان فولكس واغن في أواخر يوم الجمعة عن خفض توقعات أرباحها لعام 2024 للمرة الثانية في أقل من ثلاثة أشهر. واعتمدت شركات صناعة السيارات الألمانية العملاقة على الصين في تحقيق حوالي ثلث مبيعاتها، وقد تأثرت بتباطؤ الاقتصاد هناك وازدياد المنافسة من شركات صناعة السيارات الصينية المحلية وحرب أسعار السيارات الكهربائية الشرسة.
كما أن انخفاض الطلب الأوروبي لم يساعد أيضًا. فقد انخفضت مبيعات السيارات الجديدة في الاتحاد الأوروبي بنسبة 18.3٪ في أغسطس إلى أدنى مستوى لها في ثلاث سنوات، مع خسائر كبيرة في الأسواق الرئيسية مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، بالإضافة إلى تراجع مبيعات السيارات الكهربائية. ومع ذلك، فإن جزءًا كبيرًا من مشاكل شركة ستيلانتيس ينبع من أمريكا الشمالية. وكانت سيارات جيب والشاحنات البيك أب الباهظة الثمن التي تبيعها ستيلانتس في السوق الأمريكية المربحة قد حققت معظم أرباحها منذ تكوين الشركة من اندماج فيات كرايسلر (FCA) وب PSA في عام 2021، وكانت هوامش الربح الخاصة بها محل حسد نظيراتها من الشركات الكبرى الأخرى.
ولكن ارتفاع المخزون وضعف المبيعات بسبب سوء تقدير ستيلانتس لسوق منتجاتها الأكثر ربحية، أجبرها على خفض الإنتاج وكذلك تقديم خصومات كبيرة على هذه السيارات التي تتكدس في ساحات المعارض الأمريكية. ونتيجة لذلك، خفضت ستيلانتس هامش ربحها المعدل للعام إلى ما بين 5.5٪ و 7٪، انخفاضا من نسبة تزيد عن 10٪، وحذرت من تدفق نقدي سلبي يتراوح بين 5 مليارات يورو (5.6 مليار دولار) و 10 مليارات يورو. ويبلغ متوسط سعر السهم إلى ربح خلال الاثني عشر شهرًا القادمة، وهو مقياس للقيمة السوقية للشركة، لأكبر ثلاث شركات لصناعة السيارات الأوروبية – فولكس واغن وستيلانتيس ورينو – حوالي 3، وهو أقل بكثير من نظيراتها الأمريكية جنرال موتورز وفورد وتويوتا، أكبر شركة لصناعة السيارات في العالم.
وتتقاطع مشاكل شركات صناعة السيارات الأوروبية التقليدية مع المنافسة المتزايدة من الشركات الصينية الناشئة التي يمكنها تطوير سيارات كهربائية أفضل وأرخص بشكل أسرع بكثير مما تستطيع فولكس واغن أو ستيلانتيس أو رينو.