أفادت وكالة بلومبيرغ بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد يبدأ في تخفيف سياسة التشديد النقدي هذا الشهر لمواجهة التضخم. إلا أن قلقا يساور المسؤولين في البنك المركزي الأمريكي بشأن ما إذا كان خفض أسعار الفائدة بشكل محدود سيكون كافيا للحفاظ على النمو الاقتصادي.
وأظهر تقرير الوظائف الشهري الصادر يوم الجمعة أن وتيرة التوظيف في الولايات المتحدة قد تباطأت على مدى الأشهر الثلاثة الماضية إلى أبطأ معدل منذ بداية جائحة كورونا (كوفيد-19) في عام 2020. وذكرت بلومبيرغ أن هذه البيانات أثارت تساؤلات بين المستثمرين حول ما إذا كان مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي سيقررون خفض أسعار الفائدة بشكل كبير في اجتماعهم المقرر يومي 17 و18 سبتمبر.
ونقلت الوكالة عن ديان سوونك، كبير الاقتصاديين في شركة “كيه بي إم جي”، أن تقرير الوظائف قد يتسبب في نقاش حاد بين المسؤولين في البنك المركزي، مثل جيروم باول، رئيس الاحتياطي الفيدرالي، الذي يدعم خفضا كبيرا في أسعار الفائدة، وبين آخرين يترددون في تخفيض الأسعار حتى بمقدار ربع نقطة مئوية.
وأشارت بلومبيرغ إلى أن المخاطر كبيرة، حيث ارتكب الاحتياطي الفيدرالي في عهد باول خطأ بالتحرك متأخرا جدا لمواجهة أسوأ موجة تضخم منذ أوائل ثمانينيات القرن العشرين، مما أثر سلبا على القوة الشرائية للأسر الأمريكية. وأضافت أنه إذا تأخر البنك في اتخاذ إجراءات مناسبة هذه المرة، قد يرتفع معدل البطالة ويؤدي إلى الركود.
وقال سوونك: “يجب على باول أن يفكر في إرثه الآن وأن ينجح في تحقيق توازن دقيق بين كبح التضخم وتجنب الركود.” ووصفت بلومبيرغ الجدل الحالي بأنه طبيعي، نظرا لأن البنك المركزي الأمريكي يمر بمرحلة تحول كبيرة من سياسة التشديد إلى سياسة التيسير. وأضافت أن الاحتياطي الفيدرالي يحتاج إلى تحديد ما إذا كان خفض أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية سيكون كافيا في الاجتماع المقبل.
كما أشارت الوكالة إلى أن الانخفاض المستمر في مقاييس النشاط الاقتصادي يثير قلقا بين بعض خبراء الاقتصاد، الذين يعتبرون أن اتخاذ نهج حذر قد يكون أكثر خطورة من التحرك بقوة. وقد تؤدي معدلات البطالة المتزايدة إلى تقليص الإنفاق الاستهلاكي وتسريح المزيد من العمال.
وفي هذا السياق، نقلت بلومبيرغ عن أوستن جولسبي، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في شيكاغو، قوله على قناة “سي إن بي سي”: “هذا يثير تساؤلات جدية، ليس فقط بشأن الاجتماع القادم، بل أيضا حول الأشهر القليلة المقبلة، وكيف نبذل الجهد لمنع الأمور من التحول إلى شيء أسوأ”.
وأكدت الوكالة أن جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي كان قد صرح سابقا بأنهم لا يسعون لتهدئة سوق العمل. وأفادت أن تيم دوي، كبير خبراء الاقتصاد الأمريكي في شركة “إس جي إتش ماكرو أدفايزرز”، يرى أن باول يحاول دفع الاحتياطي الفيدرالي نحو التيسير. وأضاف أن تباطؤ الاقتصاد بشكل غير متوقع قد يجعل من الصعب معالجة الوضع إذا ظلت أسعار الفائدة مرتفعة.
وأشارت بلومبيرغ إلى تقلبات في الأسواق المالية يوم الجمعة، حيث زادت رهانات المستثمرين على خفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية، ثم تراجعت بعد أن أشار كريستوفر والر عضو الاحتياطي الفيدرالي إلى أن خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية غير مرجح قبل الحصول على بيانات إضافية.
ومن المقرر أن تنشر الحكومة تقريرين آخرين عن الوظائف بين اجتماع السياسة النقدية في سبتمبر واجتماع صناع السياسات في نوفمبر.
وأكدت الوكالة أن بلومبيرغ تشير إلى أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يميل إلى التدرج في اتخاذ القرارات. وأضافت أن بعض مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي أعربوا مؤخرا عن قلقهم من أن خفض أسعار الفائدة بسرعة كبيرة قد يثير التضخم من جديد.
ونقلت عن رافائيل بوسيك، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا، قوله في مقال نشر في 4 سبتمبر، إن تخفيف السياسة النقدية قبل الأوان يمكن أن يعيد إشعال التضخم ويستمر لعدة أشهر أو حتى سنوات.
في الختام، ذكرت بلومبيرغ أن باول يواجه تحديا كبيرا في الحفاظ على ما أنجزه الاحتياطي الفيدرالي من خلال دورة التشديد النقدي الأكثر قوة منذ أربعة عقود. ويعتبر إعادة التضخم إلى هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2% دون التسبب في ركود إنجازا نادرا.