قالت صحيفة الغارديان البريطانية، إن بنك إنجلترا (البنك المركزي في المملكة المتحدة) على وشك التعرض لانتكاسة في المعركة ضد التضخم المرتفع هذا الأسبوع، وسط توقعات بأول زيادة في معدل التضخم الرئيسي الذي يشمل الغذاء والطاقة هذا العام، وهو ما يسلط الضوء على الضغوط الناجمة عن أزمة تكاليف المعيشة. وأعلن بنك إنجلترا في الاجتماع الأخير في الأول من أغسطس الحالي، عن أول خفض لأسعار الفائدة منذ أكثر من أربع سنوات، ليصبح سعر الفائدة الرئيسي 5 بالمئة.
وأشارت الصحيفة إلى أنه وفي أسبوع من التحديثات الرئيسية للاقتصاد البريطاني، من المتوقع أن تظهر الأرقام الرسمية اليوم الأربعاء عودة التضخم إلى ما يزيد عن هدف البنك البالغ 2 بالمئة لشهر يوليو، مدفوعا جزئيا بالارتفاع السريع في أسعار تذاكر الطيران والعطلات الشاملة والفنادق. ونقلت الصحيفة عن خبراء اقتصاديين، أن التضخم الرئيسي في طريقه للارتفاع إلى 2.3 بالمئة، بعد أن ظل ثابتا في السابق عند 2 بالمئة لمدة شهرين متتاليين وهما مايو ويونيو، وهو ما يمكن أن يمثل أول زيادة منذ ديسمبر 2023.
وأوضحت الصحيفة أن هذه التوقعات تأتي بعد انخفاض أقل في أسعار الطاقة المنزلية في يوليو مقارنة بنفس الشهر من العام الماضي، عندما انخفضت الأسعار بشكل حاد، مما يعني أن معدل التضخم على أساس سنوي من المتوقع أن يرتفع. كما نقلت عن المحللين قولهم، إنه في حين أن التضخم في أسعار الخدمات يتباطأ، فإن زيادة الأسعار في هذا القطاع المهيمن من الاقتصاد البريطاني في طريقه للبقاء فوق 5 بالمئة، بدعم من أسعار تذاكر الطيران والعطلات الشاملة وأسعار الفنادق.
وأضافت أن ذلك يأتي بعد ارتفاع حاد في سعر الإقامة لليلة واحدة هذا العام، مما يعكس جزئيا أنماطا موسمية جديدة منذ رفع عمليات الإغلاق بسبب كوفيد، ومع قيام الفنادق بنشر أسعار مفاجئة للاستجابة للزيادات في الطلب. ونوهت الصحيفة بأن التضخم انخفض بشكل حاد من ذروته البالغة 11.1 بالمئة في أكتوبر 2022 بعد أن أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى انفجار أسعار الطاقة. وأشارت الصحيفة أن “ثريدنيدل ستريت” حذر من أن التضخم من المرجح أن يرتفع إلى نحو 2.75 بالمئة في النصف الثاني من هذا العام، مدفوعا بارتفاع أسعار قطاع الخدمات وسوق العمل المرنة في المملكة المتحدة. ومع ذلك، هناك توقعات أن تتلاشى هذه الضغوط التضخمية تدريجيا، مما يعيد التضخم الرئيسي إلى 1.7 بالمئة في غضون عامين، قبل أن ينخفض إلى 1.5 بالمئة في عام 2027.
ومن المتوقع أن يخفض بنك إنجلترا سعر الفائدة الأساسي إلى ما يقرب من 3.5 بالمئة قبل نهاية عام 2025. إلا أن الصحيفة نقلت عن أندرو بيلي، محافظ البنك، إنه سيتعين عليه توخي الحذر بألا يخفض تكاليف الاقتراض بسرعة كبيرة أو بشكل كبير للغاية، وسط مخاوف بشأن الضغوط التضخمية المستمرة. ونقلت الصحيفة عن كاثرين مان عضو لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا، في تصريحات صحفية، أن ضغوط الأسعار الأساسية في الاقتصاد تظل قوية وتظهر أن البنك المركزي بحاجة إلى اتخاذ موقف صارم عندما يحدد أسعار الفائدة.
وقالت مان، وهي أحد صناع القرار الأربعة الذين عارضوا خفض أسعار الفائدة في المملكة المتحدة هذا الشهر من 5.25 بالمئة إلى 5 بالمئة، إن التضخم في قطاع الخدمات لا يزال مرتفعا للغاية، وإن الأجور في المملكة المتحدة ترتفع بشكل أسرع من توقعات البنك. وحول ثبات التضخم الرئيسي عند هدف البنك البالغ 2 بالمئة في شهري مايو ويونيو، قالت المسؤولة المصرفية: “لا ينبغي لنا أن ننخدع بالتضخم الرئيسي”، موضحة أن انخفاض أسعار الطاقة والسلع أدى إلى خفض متوسط التضخم إلى 2 بالمئة، ولكنها تظل متقلبة ويمكن أن تدفعه إلى الارتفاع مرة أخرى.
وأوضحت أنه في حين انخفض التضخم في أسعار السلع، ارتفعت تكلفة الخدمات بأكثر من 5 بالمئة على أساس سنوي، وهو ما تعتقد أنه غير متوافق مع الحفاظ على التضخم الرئيسي بشكل مستدام عند 2 بالمئة.
وقالت مان، إنها تخشى أن يكون هناك تأثير “تصاعدي” داخل قطاع الخدمات، حيث نادرا ما تنخفض أسعار الخدمات، على عكس أسعار السلع، التي انخفضت في بعض الحالات إلى ما يقرب من مستويات ما قبل الوباء. وتابعت، إن جزءا من هذه العملية هو “الرغبة في الحفاظ على علاقات أجور معينة”، ملمحة إلى أن ارتفاع الحد الأدنى للأجور بنحو 10 بالمئة في أبريل وضع ضغوطا على الشركات لرفع الأجور إلى أعلى سلم الأجور.
وتوقعت أن يؤدي ارتفاع تكاليف الشحن والنقل إلى الضغط على أسعار السلع التي يتم إنتاجها في مناطق الصراع أو التي يجب أن تنتقل عبرها. وقالت مان: إن صدمات التضخم المستمرة في مختلف أنحاء العالم سوف تغذي تكاليف السلع البريطانية، وسوف يضطر العالم الأكثر تقلبا البنوك المركزية إلى الإبقاء على أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول لتجنب ارتفاع آخر في التضخم من شأنه أن يدمر مستويات معيشة الأسر.