بعد أن أبقى بنك إنجلترا (البنك المركزي في المملكة المتحدة)، أمس الخميس، أسعار الفائدة دون تغيير عند 5.25 بالمئة لينهي سلسلة من 14 زيادة متتالية في أسعار الفائدة، كان قد بدأها في ديسمبر 2021 في محاولة لكبح جماح التضخم، تساءلت صحيفة ” الغارديان” البريطانية عن دوافع هذه الخطوة ومآلاتها. واعتبرت الصحيفة أن رسالة لجنة السياسة النقدية بالبنك بعد قرارها الإبقاء على أسعار الفائدة عند 5.25 بالمئة، تفيد بأن الاقتصاد يتباطأ بأكثر مما توقعه بنك إنجلترا قبل بضعة أشهر فقط، وهذا الاتجاه يبرر التوقف الأول في دورة ارتفاع أسعار الفائدة التي تعود إلى ديسمبر 2021. وكان الانخفاض غير المتوقع في معدل التضخم الرئيسي في أغسطس الماضي عاملا آخر يشير إلى أن الشركات والمستهلكين كانوا يشعرون بالفعل بضغوط ارتفاع تكاليف الاقتراض وخفض الإنفاق، بحسب الصحيفة.
وكان من المتوقع أن يزيد التضخم من 6.8 بالمئة في يوليو الماضي إلى 7 بالمئة الشهر الماضي، في ضوء ارتفاع أسعار الوقود. وقال مكتب الإحصاءات الوطنية في بريطانيا: إن تراجع تضخم أسعار الغذاء وتباطؤ الارتفاع القوي السابق في أسعار العديد من السلع الأخرى أدى إلى انخفاض التضخم إلى 6.7 بالمئة.
ورأت ” الغارديان” أن قرار البنك كان بمثابة أخبار “جيدة” لمن لديهم قروض عقارية إذ كانوا يستعدون لرفع محتمل في أسعار الفائدة إلى 5.5 بالمئة، لكنهم يشعرون بالارتياح بعد أن اختار بنك إنجلترا الانتظار والترقب قبل اتخاذ خطوة أخرى.
كما اعتبرت الصحيفة أن الانخفاض غير المتوقع في معدل التضخم الرئيسي سيؤثر إيجابا على الحكومة بقيادة ريشي سوناك، كما يمكن أن يضع حدا للألم بالنسبة للمستهلكين، وخاصة الشركات التي أمضت الأشهر الأخيرة تطالب بوقف رفع أسعار الفائدة لمنع مئات الآلاف من الشركات من الإفلاس.
وأشارت ” الغارديان” إلى أن رئيس الوزراء البريطاني شعر بالفعل أنه في طريقه لتحقيق هدفه المتمثل في خفض التضخم إلى النصف هذا العام من متوسطه البالغ 10.7 بالمئة في الربع الأخير من عام 2022، إذ يعتبر تجميد سعر الفائدة بالنسبة له بمثابة “مكافأة”.
ويأتي قرار بنك إنجلترا تثبيت سعر الفائدة في أعقاب تحذير مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال البريطاني، في وقت سابق من هذا الشهر، من إمكانية فشل حوالي 7000 شركة كل ثلاثة أشهر في عام 2024، في الوقت الذي تتسبب فيه أسعار الفائدة المرتفعة في ضوائق مالية ودخول اقتصاد المملكة المتحدة في حالة ركود.
وأشار المركز إلى أنه كانت هناك أكثر من 6700 حالة “إعسار تجاري” في بريطانيا في الربع الثاني من عام 2023، أي أكثر من الضعف في ربع سنة خلال جائحة كورونا عندما تمت حماية العديد من الشركات إلى حد كبير من “الإعسار” من خلال مجموعة من تدابير الدعم.
وذكر المركز أن الديون التي تم تحملها خلال جائحة كورونا وارتفاع تكاليف الاقتراض وأزمة تكلفة المعيشة ستؤدي إلى تراجع عدد الشركات، خاصة في قطاعي البيع بالتجزئة والضيافة، متوقعا أن يظل معدل إفلاس الأعمال التجارية مرتفعا مع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة، مما يدفع سداد الديون إلى مستويات لا يمكن تحملها بالنسبة لبعض الشركات.
وكانت المخاوف من ارتفاع آخر في أسعار الفائدة بين الشركات وأولئك الذين يسعون للحصول على قرض عقاري مدعومة بتوقعات الأسواق المالية التي أعطت حتى وقت سابق من هذا الأسبوع فرصة بنسبة 80 بالمئة لزيادة بمقدار ربع نقطة مئوية، بيد أن تلك المخاوف خفت بعض الشيء بعد نشر معدل التضخم في أغسطس الماضي. في المقابل، أشارت الصحيفة إلى وجود اعتقاد بين أغلبية صغيرة بأن أسعار الفائدة سترتفع مجددا.
وفي محضر اجتماع لجنة السياسة النقدية للبنك، تم الأخذ في الاعتبار ضعف سوق العقارات كأحد الأسباب الرئيسية للتوقف المؤقت عن رفع معدل الفائدة لمجابهة التضخم.
وأشارت الصحيفة إلى أن تحليل سوق العمل لعب أيضا دورا في قرار تثبيت أسعار الفائدة بعد أن أوضحت إدارة الأبحاث بالبنك أن أرقام مكتب الإحصاءات الوطنية بالغت في مستوى ارتفاع أجور العمال عندما أظهرت الدراسات الاستقصائية للشركات أن معظم الناس يتقاضون “رواتب أقل بكثير”.
وقالت لجنة السياسة النقدية : إنها حصلت على معاينة مسبقة لأحدث مسح لنشاط القطاع الخاص لشهر سبتمبر الجاري حيث أظهر ضعفا كبيرا في إنتاج الأعمال والاستثمار في الأشهر الأخيرة.
وخلصت ” الغارديان” إلى الاعتقاد بأنه من المحتمل أن تكون هناك تكهنات بأن بنك إنجلترا يتبع الآن الاحتياطي الاتحادي الأمريكي في سياسته النقدية حيال التضخم والذي يستخدم فترة توقف للإشارة إلى أنه قد يكون هناك المزيد من الارتفاعات في المستقبل، مؤكدة أن ذلك سيعتمد على قوة الاقتصاد البريطاني.