أبقى البنك المركزي المصري على معدلات الفائدة دون تغيير، خلال اجتماع لجنة السياسات النقدية بالبنك،أمس الخميس، في مخالفة للتوقعات، والتي أشارت إلى أن البنك قد يرفع الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس. ويرى البنك المركزي أن أسعار السلع العالمية انخفضت نسبيًا بما يبرر عدم تحريك الفائدة. وأشار المركزي في بيان إلى 5 أسباب عززت من قرار تثبيت معدلات الفائدة على الإيداع لليلة واحدة عند مستوى 11.25%، والإقراض عند 12.25%، والإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 11.75% بما يخالف التوقعات.
البيان الصادر عن لجنة السياسة النقدية ذكر أن الأسعار العالمية لبعض السلع الأساسية انخفضت نسبيًا، مثل البترول، مع تراجع الطلب وتوقعات الركود العالمي، وهذا يعد من وجهة نظر اللجنة سببًا كافيًا لعدم زيادة الفائدة.
السبب الثاني الذي جعل المركزي يبقي على الفائدة هو نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 3.2% خلال الربع الثاني من عام 2022، ووفقًا للبيانات التفصيلية للأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2022/2021 فقد نما الاقتصاد المصري مدفوعًا بمساهمة القطاع الخاص بشكل أساسي، وعلى الأخص قطاعات الصناعات التحويلية غير البترولية، السياحة والتجارة. وتشير البيانات المبدئية إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل أعلى من المتوقع فقد سجل 6.6% خلال العام المالي 2021/22، مقارنة مع 3.3% خلال العام المالي السابق له.
السبب الثالث الذي استند إليه المركزي المصري هو استقرار معدل البطالة عند 7.2% خلال الربع الثاني من عام 2022، مرجعًا ذلك إلى ارتفاع أعداد العمال والموظفين، وقوة العمل بالقدر ذاته.
وفيما يتعلق بالتضخم وهو السبب الرابع من وجهة البنك المركزي، فإن قرار لجنة السياسة النقدية الإبقاء على معدلات العائد الأساسية من دون تغيير، مع زيادة نسبة الاحتياطي النقدي التي تلتزم بها البنوك من 14% إلى 18%، يتسق مع تحقيق هدف استقرار الأسعار على المدى المتوسط ويرى أن ارتفاع التضخم مؤقت نتيجة للتوترات الجيوسياسية، وارتفاع أسعار السلع عالميًا.
وأشار البنك المركزي في هذا الشأن إلى أن على الرغم من ارتفاع المعدل السنوي للتضخم العام منذ بداية عام 2022، فإن المعدلات الشهرية سجلت نسبًا أقل مقارنة بأعلى مستوياتها المسجلة خلال شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان 2022. وأوضح أن أثر قرارات رفع الفائدة بنحو 3% خلال العام الجاري ما زال ينعكس على الاقتصاد. وتوقع المركزي أن يرتفع معدل التضخم عن المعدل المستهدف البالغ 7% ±(2 نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الأخير من العام الجاري. وقد ارتفع المعدل السنوي للتضخم العام في الحضر إلى 14.6% في أغسطس، مقارنة بنحو 13.6% في يوليو 2022.
السبب الخامس الذي استند إليه المركزي المصري يتعلق بالاقتصاد العالمي، إذ يرى أن استمرار التباطؤ نتيجة آثار الحرب الروسية الأوكرانية، مع استمرار البنوك المركزية في تقييد السياسات النقدية من خلال رفع معدلات الفائدة، وخفض برامج شراء الأصول لمجابهة التضخم
يرى هاني جنينة الخبير الاقتصادي والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة أن البنك المركزي فضل سحب السيولة المتراكمة لدى الجهاز المصرفي بواسطة زيادة نسبة الاحتياطي الإلزامي بدلًا من زيادة معدلات الفائدة. وأوضح أن الأسواق تترقب بداية عمل المصارف الأسبوع القادم وكيف ستتصرف في ظل هذا الوضع، وهل ستلجأ إلى زيادة معدل الإقراض سواء للحكومة أو الشركات أو الأفراد لتعويض هذه الخسائر الناتجة عن تثبيت معدلات الفائدة، وفي نفس الوقت زيادة نسبة الاحتياطي الإلزامي من دون أن تحصل على عائدات منه.
وفي هذا السياق، يعتبر رئيس وحدة البحوث في شركة برايم للأوراق المالية، عمرو الألفي، أن قرار لجنة السياسة النقدية يعد سلبيًا للوهلة الأولى، لكنه محايد على المدى الطويل. وحدد الألفي في مذكرة بحثية أن القرار سيؤثر سلبًا في المصارف على المدى القصير في حدود 0.5% كزيادة في تكلفة التمويل سنويًا. واعتبر الألفي أن الأثر السلبي سيغيب بدرجة كبيرة لأسباب عديدة، أهمها: خضوع نسبة الاحتياطي الإلزامي لمجموعة من الاستبعادات مثل القروض الممنوحة للمنشآث والشركات صغيرة الحجم، إلى جانب الودائع طويلة الأجل.