توقعت قناة يورونيوز أن تؤدي رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمركية إلى تهدئة التضخم في منطقة اليورو بدلا من تأجيجه، وذلك استنادا إلى عوامل متعددة مثل انخفاض أسعار الطاقة وقوة اليورو، فضلا عن فائض المعروض من السلع الصينية. وذكرت القناة الإخبارية، في تقرير لها، أنه عندما أعلن الرئيس ترامب عن فرض تعريفات جمركية جديدة شاملة في الثاني من أبريل الحالي، استعد العالم لارتفاع جديد في التضخم، ولكن بعد ثلاثة أسابيع، يرى عدد متزايد من خبراء الاقتصاد وصناع السياسات أن العكس هو الصحيح.

وتابعت أن هذه الرسوم ستؤدي في نهاية المطاف إلى انخفاض أسعار الفائدة في أوروبا بصورة أكبر، حيث بدأ مسؤولو البنك المركزي الأوروبي بالفعل بتغيير نبرتهم حيال هذه الرسوم. وفي وقت سابق من هذا الشهر، خفض البنك سعر الفائدة على تسهيلات الإيداع (سعر الفائدة الذي يدفعه البنك المركزي للبنوك التجارية عندما تودع هذه البنوك أموالها الزائدة عنده لليلة واحدة) بمقدار 25 نقطة أساس ليصل إلى 2.25 بالمئة، وألمحت كريستين لاغارد رئيسة البنك المركزي الأوروبي إلى مناقشة خفض قدره 50 نقطة أساس.
وأشارت يورونيوز إلى أن إعلان الرسوم الجمركية الأمريكية قد غير من موقف المركزي الأوروبي، حيث أصبح صانعو السياسات الآن يضعون مخاطر تباطؤ النمو الاقتصادي في المقام الأول. ونقلت القناة تصريحات للاغارد، في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست مؤخرا، أنها ترى تأثير التعريفات الجمركية في أرقام مؤشر مديري المشتريات، وفي نوايا الشراء، ونوايا التوظيف، مضيفة أنه من المحتمل أن تكون الرسوم الجمركية أكثر تأثيرا في خفض التضخم من زيادته.
وأشارت لاغارد أيضا إلى أن البنك المركزي الأوروبي من المرجح أن يخفض توقعاته للنمو في اجتماعه المقبل في يونيو. واعتبرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي أن التباطؤ في أسواق الطاقة يعكس توقعات بتباطؤ النمو العالمي، وخاصة إذا أدت التعريفات الجمركية الأمريكية إلى تقييد تدفقات التجارة وتقليص ثقة الشركات.
وأشارت في نفس الوقت، إلى الانعكاسات الإيجابية لتحسن سعر صرف اليورو مقابل الدولار على التضخم المستورد، حيث ستصبح السلع المستوردة من أمريكا أقل سعرا في أوروبا، مما يؤدي إلى انخفاض التضخم. وتطرقت القناة الإخبارية إلى قوة أخرى تسهم في تباطؤ التضخم، خصوصا في أوروبا، وهي إعادة توجيه السلع العالمية المتوقعة. ونقلت عن جيوفاني بيردومينيكو، الخبير الاقتصادي في “غولدمان ساكس”، إن الرسوم الجمركية الأمريكية ستحدث فائضا في المعروض العالمي بنحو 300 مليار دولار (280 مليار يورو). ومع انخفاض الطلب الأمريكي، من المرجح أن يتجه جزء من هذا الفائض، وخاصة من الصين، إلى أوروبا.
وأضاف أن الأحداث السابقة تشير إلى أن حوالي 15 بالمئة من فائض العرض ينتهي به المطاف في منطقة اليورو، أي ما يعادل زيادة تتراوح بين 1.5 بالمئة و2 بالمئة في معروض السلع. وصرح نقدر أن هذا سيترجم إلى انخفاض بنحو 1.5 بالمئة في مستوى أسعار السلع الأساسية، أي ما يعادل انخفاضا بنسبة 0.5 بالمئة في مؤشر أسعار المستهلك الأساسي.
وذكرت القناة الإخبارية أنه مع انحسار الضغوط التضخمية، تراهن الأسواق بشكل متزايد على أن البنك المركزي الأوروبي سيجري تخفيضات إضافية في أسعار الفائدة قبل نهاية العام. ويتوقع “بنك أوف أمريكا” الآن انخفاض سعر الفائدة على الودائع إلى 1.25 بالمئة بحلول ديسمبر، مشيرا إلى “انخفاض النمو، وانخفاض التضخم بشكل أكبر، وانخفاض أسعار الفائدة الرسمية” بشكل أكبر. وقد قام البنك مؤخرا، بحسب القناة، بالتعديل بالخفض لتوقعاته للناتج المحلي الإجمالي في منطقة اليورو إلى 0.8 بالمئة لعام 2025 و1.0بالمئة لعام 2026، وهو ما يسلط الضوء على حالة عدم اليقين المرتبطة بالتعريفات الجمركية، واليورو الأقوى، والطلب العالمي الضعيف.
ولفتت إلى أنه من المتوقع أن ينكمش اقتصاد ألمانيا، نظرا لاقتصادها المعتمد على التصدير وتأثير الرسوم الجمركية على قطاع السيارات، بنسبة 0.1 بالمئة في عام 2025. ومن المتوقع أن ينمو اقتصاد فرنسا وإيطاليا بنسبة 0.4 بالمئة و0.7 بالمئة فقط على التوالي. وأشارت إلى أن ضغوط هبوط الأجور تسهم في التوجه نحو تباطؤ التضخم. كما نقلت عن بيل ديفيني، رئيس قسم البحوث الاقتصادية في “أي بي إن أمرو”، إن مؤشر الأجور في Indeed (مؤشر يستخدم لقياس معدل النمو في الأجور) تراجع إلى 2.7 بالمئة في الربع الأول، وهو الأدنى منذ الجائحة.
وأضاف: “أن تباطؤ التضخم يعني أن البنك المركزي الأوروبي من المرجح أن يواصل خفض أسعار الفائدة لتصل إلى 1.5 بالمئة بحلول سبتمبر”. وذهبت يورونيوز في ختام تقريرها، إلى أنه على الرغم من أن الآثار الكاملة لرسوم الرئيس ترامب الجمركية لم تظهر بعد، فإن الاستجابة المبكرة من الأسواق والسياسات تشير إلى أن المخاوف من التضخم قد تكون مبالغا فيها.