على عكس أغلب دول العالم، أعلن بنك اليابان المركزي، مجددًا تثبيت أسعار الفائدة السالبة الرئيسية عند مستوياتها القائمة دون تغيير، في حين خفض توقعاته لمعدل التضخم في العام المالي المقبل.
وقررت لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي، برئاسة كازو أويدا محافظ البنك، الإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي عند مستوى سالب يبلغ “0.1%”، ليتوافق مع أغلب التوقعات، في حين أبقى المركزي الياباني على النطاق المستهدف للفائدة طويلة الأجل في حدود صفر%.
كما أبقى “المركزي” على السعر الاسترشادي للعائد على سندات الخزانة الحكومية العشرية اليابانية في عمليات البنك بالسوق عند مستوى 1%، بينما قال البنك إنه سيواصل شراء السندات الحكومية دون حد أقصى للمحافظة على سعر العائد في حدود صفر%.
الفائدة السالبة التي كان أول من طبقها بنك الدنمارك المركزي في عام 2012، ولحقه “الأوروبي” في 2014، والسويسري والسويدي على التوالي في 2015، أعلن المركزي الياباني الاستمرار في فرضها لتكون طوكيو العاصمة الوحيدة التي تطبق سعر فائدة سالب حاليًا حول العالم.
البنوك المركزية التي استهدفت من تلك السياسة التصدي للانخفاض الكبير في سعر “الفائدة الحقيقي” -الذي تصبح عنده السياسة النقدية في منطقة وسط بين الانكماش والنمو- أرادت رفع معدلات التضخم مع أسعار فائدة قاربت على الصفر.
بعد التوقف عن تطبيق هذه السياسة المثيرة للجدل لفترة من الزمن، أعادت جائحة “كوفيد-19” في 2020 أسعار “الفائدة السالبة” إلى الواجهة مجددًا، في بيئة خضعت فيها الكثير من البنوك المركزية لقيود عدة.
ورغم هذا أدت سياسات “الفائدة السالبة” إلى تيسير الأوضاع المالية، كما دعمت النمو والتضخم في بعض الأحيان، لكن سياسات “الفائدة السالبة” لا تزال خلافية من المنظور السياسي، وهو ما يرجع جزئيًا إلى إساءة فهمها وتفسيرها في أوقات كثيرة.
وتشير سياسة أسعار “الفائدة السالبة” (NIRP) إلى أنّ البنك المركزي يفرض رسومًا على البنوك التجارية مقابل الاحتفاظ باحتياطيات فائضة لتشجيع البنوك على الإقراض وتخزين كميات أقل من النقد، أو بعبارة أخرى في ظل سعر فائدة سلبي، سيكون الاحتفاظ بالنقود باهظ التكلفة، وبالتالي تشجيع الأفراد على الإنفاق والاستهلاك ما يؤدي إلى ارتفاع معدل التضخم.
و يمكن تعريف “الفائدة السالبة” كأحد حلول أزمات الركود الاقتصادي، حيث إن العديد من الأفراد والشركات والمؤسسات المالية يسارعون لحفظ أموالهم بدلًا من استثمارها وإنفاقها.
وفي مثل هذه الحالات تمتنع البنوك عن حفظ أموال الأفراد والشركات، وفي إطار دورها في تشجيع زيادة الاستهلاك والإنفاق، تقدم البنوك قروضًا مقابل الحصول على نسبة من الفائدة بدلًا من حفظ الأموال ودفع نسبة من الفائدة.
ومن خلال هذه السياسة، تضمن البنوك الحفاظ على مستويات عرض النقود في الأسواق بدلًا من تخزيها، إضافة إلى فتح العديد من المشروعات الجديدة، وبهذا تحقق أهداف تنشيط الاقتصاد الكلي، دون التعرض لأي مخاطر مالية أو خسارة.
وأبقى البنك على توقعاته لمعدل التضخم خلال العام الحالي فوق مستوى 2%، وخفض توقعاته لمعدل التضخم الأساسي لمؤشر أسعار المستهلك الرئيسي الذي يستبعد السلع الأشد تقلبًا مثل الغذاء والطاقة إلى 2.4% في حين كانت التوقعات السابقة 2.8%، بينما رفع البنك توقعاته لمعدل التضخم الأساسي في 2025 إلى 1.8% مقابل 1.7%.
وبالنسبة للنمو الاقتصادي يتوقع البنك المركزي نمو الاقتصاد بمعدل 1.2% خلال العام المالي الحالي، وليس 1% وفقا للتقديرات السابقة، في حين أبقى على توقعاته لنمو العام المقبل عند مستوى 1% من إجمالي الناتج المحلي.
لكن الاقتصاد الياباني وهو أحد أكبر 5 اقتصادات في العالم، يواجه انكماشًا كبيرًا بفعل تراجع الاستهلاك الخاص بنسبة 0.4 بالمئة، نتيجة للقيود الصحية التي فرضتها الحكومة لاحتواء موجات جائحة “كوفيد-19″، والتي أثرت سلبًا على قطاعات الخدمات والسياحة والترفيه.
الاقتصاد الياباني أيضًا يعاني منذ 20 عامًا من صعوبة في النمو المستمر؛ ما يعني أنه يمر بفترات نمو ثم فترات انكماش وركود، وهكذا كان الوضع خلال الـ20سنة الماضية، وبحسب خبراء، فأن مشكلة الحكومة اليابانية أنها مديونة بأكبر نسبة من الديون لأي حكومة أخرى في العالم تقريبًا، ورغم ذلك لم يرتفع التضخم إلى المستويات الموجودة في أوروبا وأمريكا.