في غضون أسابيع قليلة في شهر مارس، أفلتت مصر من أسوأ أزمة عملة تشهدها منذ عقود لتصبح السوق الأكثر جاذبية وسخونة في الأسواق الناشئة. وفقا لتقرير صادر عن وكالة بلومبيرج فقد بدأ التغير السريع من خلال صفقة تطوير سياحي بقيمة 35 مليار دولار مع الإمارات، تعد أكبر استثمار أجنبي في تاريخ مصر. أدى ذلك إلى ضخ الدولارات التي مهّدت السبيل لرفع أسعار الفائدة بشكل قياسي، وتوسيع قيمة قرض صندوق النقد الدولي.
يرجع سبب الأزمة إلى أن مصر تحصل على معظم احتياجاتها من العملة الصعبة عبر صادرات الطاقة والسياحة ورسوم السفن التي تعبر قناة السويس، وتحويلات المغتربين في الخارج. ولكن أدت الحروب المشتعلة في المنطقة وكذلك الهجمات على السفن في البحر الأحمر من قبل المسلحين الحوثيين في اليمن إلى انخفاض رسوم قناة السويس. وتراجعت تحويلات المصريين في الخارج
الاتفاق مع الإمارات على تحويل “رأس الحكمة”، وهو شريط يمتد على ساحل البحر الأبيض المتوسط، إلى ملاذ سياحي، عزز الثقة بشكل فوري وأنقذ البلاد من حافة الهاوية. أتبعت السلطات ذلك برفع أسعار الفائدة بمقدار 6 نقاط مئوية، الأمر الذي ساعد في تغيير اتجاه هروب رؤوس الأموال من خلال منح المستثمرين الذين يقومون بتجارة الفائدة الفرصة لتحقيق عوائد سنوية تزيد على 20%.
وفي خطوة كانت متوقعة على نطاق واسع، قال البنك المركزي إنه سيسمح بتعويم العملة، مما أدى إلى انخفاض قيمة الجنيه بنسبة 40% تقريباً مقابل الدولار في يوم واحد.
كان صندوق النقد الدولي يدعو إلى نظام عملة مرن لعدة أشهر، وكافأ الصندوق المُقرض متعدد الأطراف الحكومة المصرية بمضاعفة حجم برنامج القروض الذي تمت الموافقة عليه لأول مرة في عام 2022 إلى 8 مليارات دولار تقريباً. وكان هذا حافزاً لتدفق إضافي بقيمة حوالي 14 مليار دولار من الدعم المالي من الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.
ووفقا للتقرير الصادر عن وكالة بلومبيرج فقد كان هناك تدافع على شراء سندات مصر بالعملة المحلية. في الوقت الحالي، استهدف المستثمرون عمليات تداول تكتيكية، ويترقبون المزيد من الأدلة على أن البلاد قد تجاوزت مرحلة صعبة قبل أن يستثمروا أموالهم في استثمارات أكثر استراتيجية وأطول أجلاً. لهذا السبب، تدفقت معظم الأموال إلى فرص قصيرة الأجل مثل صفقات الشراء بالاقتراض بدلاً من السندات المصرية الدولارية. واقعياً، فقدت ديون البلاد بالعملة الأجنبية بعضاً من جاذبيتها مع الاندفاع نحو الديون بالعملة المحلية التي تقدم عوائد أعلى.
قالت الحكومة إنها ستفي بتعهدها الذي قطعته على نفسها لصندوق النقد الدولي بخفض الإنفاق الحكومي، وتعزيز المنافسة من خلال منح القطاع الخاص دور أكبر في الاقتصاد.