يمثل قطاع الأجهزة المنزلية أحد أهم الأنشطة التي تعتمد عليها الدولة لتنفيذ تطلعاتها لرفع مساهمات القطاع الصناعي بالناتج القومي لأكثر من 20% بحلول 2030، فضلاً عن علاج الخلل الحالي بميزان المدفوعات وترشيد الفجوة الاستيرادية والتي تشير التقديرات إلى وصولها لنحو 25 مليار دولار سنويًا. و تمكنت مصر من استقطاب العديد من كبريات الشركات العالمية المتخصصة في إنتاج الأجهزة الكهربائية والمنزلية بهدف تلبية احتياجات السوق المحلية وتغطية جميع الأسواق العربية والأفريقية بأجهزة كهربائية تحمل شعار صنع في مصر، الأمر الذي يتسق مع الخطوات التي تقطعها الدولة خلال الفترة الراهنة لتحفيز حركة التصنيع المحلي وترشيد الاستيراد.

و تشير تقارير عالمية عدة إلى وصول حجم سوق الأجهزة المنزلية في مصر لنحو 6.42 مليار دولار بنهاية العام الماضي 2024، وسط توقعات بأن ينمو القطاع بنسبة 8.9% سنويًا حتى 2029 ليصل بذلك حجم السوق لنحو 10.61 مليار دولار.
وتعمل نحو 504 شركات داخل قطاع الأجهزة المنزلية والكهربائية في مصر برأسمال 57.25 مليار جنيه لإنتاج مجموعة واسعة من المنتجات، مثل الثلاجات، والغسالات، والأفران، والخلاطات، والتكييفات وغيرها، توظف نحو 78.375 ألف عامل، وذلك بحسب بيانات صادرة عن غرفة الصناعات الهندسية. وتتميز السوق بتواجد أكثر من 50 علامة تجارية محلية وعالمية، تشمل ماركات معروفة مثل (سامسونج، LG، أريستون، هاير، بيكو، بوش، ميديا، العربي، فريش، يونيون اير، يونيفرسال وغيرها..)
وشهدت صادرات الأجهزة المنزلية والكهربائية التي وصلت لنحو 100 دولة ارتفاعًا العام الماضي بنسبة 5.5% لتبلغ 1.368 مليار دولار في مقابل 1.297 مليار خلال 2023، كما حققت نموًا خلال يناير 2025 إذ زادت صادرات الأجهزة المنزلية بنسبة 17.1%، كما ارتفعت الأجهزة الكهربائية بنسبة 64.9%.، وفقا لبيانات المجلس التصديري للصناعات الهندسية.
استحوذت الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية على 28.98% من إجمالي التمويل الاستهلاكي خلال عام 2024، بمبلغ قدره 17.7 مليار جنيه، وتبلغ الحصة السوقية للأجهزة الكهربائية والمنزلية 11.06%، بنحو 6.7 مليار جنيه، وفقاً للهيئة العامة للرقابة المالية
فيما أظهر تحليل صادر عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء خلال 2024، أن قيمة سوق الأجهزة المنزلية العالمية بلغت نحو 708.2 مليار دولار عام 2023، متوقعا أن تصل إلى 743.6 مليار عام 2024 ثم 1.2 تريليون دولار بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 6.20 % خلال الفترة المتوقعة، مشددا على أن مصر تعد قبلةً للعديد من الشركات العالمية، التي تسعى لتحويل القاهرة إلى مركز لتصنيع الأجهزة المنزلية وتصديرها.
التقرير لفت إلى أنه بالنظر إلى مؤشرات التجارة الخارجية للأجهزة المنزلية، نجد أن صادرات الأجهزة المنزلية عالميًّا بلغت نحو 10.6 مليار دولار خلال عام 2022، بنسبة انخفاض 7.8% مقارنة بعام 2021، أما الواردات، فبلغت نحو 8.6 مليار عام 2022، بنسبة انخفاض 6.5% مقارنة بالعام السابق له.
واستعرض التحليل أكبر عشر دول تصديراً للأجهزة المنزلية عالمياً خلال عام 2022، إذ جاءت الصين كأكبر مُصَدِر بنسبة 59.8%، وبفارق كبير عن ألمانيا- وهي الدولة التي تليها في التصدير، بنسبة 8.1%.
وحلت هولندا في المرتبة الثالثة بنسبة 5.1%، ثم المجر في المرتبة الرابعة بنسبة 4.2%، فبولندا بنسبة 3.1%، وفي المرتبة السادسة الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 2.5%، وإسبانيا في المرتبة السابعة بنسبة 2.0%، ثم في المراتب الثامنة والتاسعة والعاشرة على التوالي، فرنسا بنسبة 1.4%، وإيطاليا بنسبة 1.3%، وكوريا الجنوبية بنسبة 1.3%.
واستعرض التحليل أكبر عشر دول مستوردة للأجهزة المنزلية عالمياً خلال عام 2022، وتصدرتها أمريكا كأكبر الدول المستوردة بنسبة 21.3%، تليها ألمانيا بنسبة 10.5%، ثم اليابان بنسبة 7.7%، وهولندا بنسبة 4.0%، وكندا بنسبة 3.7%، ثم الاتحاد الروسي بنسبة 3.6%، ثم بولندا بنسبة 3.4%، ففرنسا بنسبة 3.3%، ثم المملكة المتحدة بنسبة 3.3%، وفي المركز العاشر والأخير كوريا الجنوبية بنسبة 3.1%.
ويعتمد الوضع العالمي للأجهزة المنزلية على عوامل عدة، بما في ذلك التكنولوجيا الحديثة والتوجهات الاستهلاكية، والوضع العالمي، لذا فإن حجم سوق الأجهزة الكهربائية في تزايد مستمر، لافتا إلى أن المنازل الذكية بشكل عام والأجهزة الذكية بشكل خاص، أصبحت محركًا رئيسًا للنمو في الصناعة، ويتضح من إيرادات المنازل الذكية أنها بلغت نحو 134.8 مليار دولار عام 2023، ومن المتوقع أن تبلغ نحو 231.6 مليار دولار عام 2028، ويشمل هذا النمو الطلب المتزايد على أجهزة المطبخ الذكية ومبيعات الروبوتات أيضًا.
وقال المركز إن صناعة الأجهزة المنزلية في مصر تحظي بدعم من الحكومة ضمن سياستها لترويج الصادرات المصرية، فخلال الأعوام العشرين الماضية، بدأ العديد من الشركات في الوجود بقوة في السوق، ويستفيد أغلب المصانع الموجودة بالمدن الجديدة من الامتيازات التي تمنحها الحكومة للمستثمرين الذين يطلقون مشروعات على أراضي تلك المدن، مثل الإعفاء الضريبي لمدة 10 سنوات وغيرها من الامتيازات المتعلقة بدعم المواد وغيرها.
ونوه بأن مصر تعد قبلةً للعديد من الشركات العالمية، التي تسعى لتحويل البلاد لمركز لتصنيع الأجهزة المنزلية وتصديرها، ويرجع ذلك إلى الجهود الحكومية المبذولة في هذا الإطار، إذ جرى العمل على تبسيط الإجراءات وتذليل أي عقبات أو تحديات تواجه المستثمرين، وذلك من أجل ضخ استثمارات جديدة، كما قدمت الحكومة حوافز ومنحا لتحفيز الاستثمار مثل منح الرخصة الذهبية للشركات التي تؤسس مشروعات إستراتيجية.
وأشار التحليل إلى إطلاق برنامج شهادة إدارة التصدير “خطوة حاسمة نحو تعزيز القدرات التصديرية في مصر” في أبريل 2024، والذي من المتوقع أن يُسهم في تحسين أداء الشركات المصرية في تصدير منتجاتها (بما في ذلك الأجهزة المنزلية) إلى الأسواق الدولية، ومساعدة الشركات في الدخول إلى منظومة التصدير.
ونوه كذلك بإطلاق العديد من المبادرات التي تخدم صناعة الأجهزة المنزلية، ومنها مبادرة “مصر تصنع الإلكترونيات”، وهي مبادرة رئاسية تم إطلاقها عام 2015، بهدف جعل صناعة الإلكترونيات إحدى الدعائم الرئيسة للنمو الاقتصادي في مصر، وتركز المبادرة على مجالين رئيسيين، أولهما: تصميم وتصنيع الدوائر والأنظمة الإلكترونية ذات القيمة المضافة العالية مع تقديم خدمات الدعم الفني عالي الجودة، والأخر: تصنيع الإلكترونيات ذات العمالة الكثيفة.
وأوضح المركز أن سوق العقارات السكنية تؤثر في سوق الأجهزة المنزلية؛ إذ إن زيادة الطلب على العقارات السكنية تؤدي بدورها إلى زيادة الطلب على الأجهزة المنزلية الرئيسة؛ ما يعزز آفاق سوق الأجهزة المنزلية في مصر، وبالإضافة إلى ذلك، قد تؤدي أنشطة تجديد المنازل إلى زيادة الطلب أيضًا على الأجهزة المنزلية، علماً بأن قيمة سوق العقارات السكنية في مصر بلغت نحو تريليون دولار عام 2023، مقارنة بنحو 0.8 تريليون عام 2020، وفقًا لـ Mordor Intelligence.
وأكد تحليل المركز امتلاك مصر العديد من نقاط القوة التي تعمل على تحفيز وتشجيع سوق صناعة الأجهزة المنزلية والتي تأتي في مقدمتها ارتفاع أعداد السكان (سوق استهلاكية كبيرة)، وامتلاك مصر التكنولوجيا الذكية في صناعة الأجهزة المنزلية، وموقعها الجغرافي، ووجود شركات محلية وعالمية على أرض مصر تعمل في مجال صناعة وتسويق الأجهزة المنزلية.