أشتعل الصراع بين شركات “آبل” و”مايكروسوفت” و”إنفيديا” على صدارة قائمة أكبر الشركات العالمية، مع حقيقة أن الشركات الثلاث تتجاوز قيمتها السوقية 3 تريليونات دولار. و تبادلت الشركات الثلاث المراكز في قائمة الأكبر في العالم هذا العام، حيث تصدرت “مايكروسوفت” القائمة منذ شهر يناير الماضي، إلى أن قفزت “إنفيديا” مساء أمس الثلاثاء . و تبلغ القيمة السوقية للشركات الثلاث نحو 9.796 تريليون دولار، ما يعادل أكثر من 20% من إجمالي قيمة مؤشر “إس آند بي 500”.
باتت إنفيديا الشركة الأكثر قيمة في العالم، متجاوزة عملاق التكنولوجيا مايكروسوفت، مع مواصلة الرقائق التي تنتجها الشركة لعب دور مركزي في سباق للسيطرة على سوق الذكاء الاصطناعي. وارتفعت أسهم شركة صناعة الرقائق 3.2 بالمئة إلى 135.21 دولار، مساء أمس الثلاثاء مما رفع قيمتها السوقية إلى 3.326 تريليون دولار، بعد أيام فقط من تجاوزها شركة أبل مصنعة هواتف آيفون لتصبح ثاني أكبر شركة من حيث القيمة.
.
وقفز السهم نحو 173 بالمئة منذ بداية العام، مقارنة بارتفاع قارب 19 بالمئة فقط في أسهم مايكروسوفت، مع تجاوز الطلب على معالجاتها المتطورة العرض. وتتسابق شركات التكنولوجيا العملاقة، مايكروسوفت وميتا بلاتفورمز وألفابت مالكة جوجل، لبناء قدراتها الحاسوبية في مجال الذكاء الاصطناعي والسيطرة على التكنولوجيا الناشئة.
وأضاف ارتفاع سهم إنفيديا اليوم أكثر من 103 مليارات دولار إلى قيمتها السوقية. ولزيادة جاذبية أسهمها ذات القيمة العالية بين المستثمرين الأفراد، عمدت إنفيديا في الآونة الأخيرة إلى تقسيم الأسهم بنسبة عشرة مقابل واحد، اعتبارا من السابع من يونيو. وقفزت القيمة السوقية للشركة من تريليون دولار إلى تريليونين في تسعة أشهر فقط في فبراير، بينما استغرقت ما يزيد قليلا عن ثلاثة أشهر لتصل إلى 3 تريليونات دولار في يونيو.
في مقابل ذلك ارتفعت القيمة السوقية لشركة “آبل” إلى 3.285 تريليون دولار لتتجاوز قيمة “مايكروسوفت” البالغة 3.282 تريليون دولار في نفس الفترة. وسجل سهم صانعة جوالات “أيفون” في الأسبوع الماضي أكبر موجة صعود لثلاث جلسات متتالية منذ أغسطس 2020، بعدما ارتفع بحوالي 11%. و جاءت مكاسب سهم “آبل” في الفترة الأخيرة لتكون بمثابة تحول كبير من التراجع الذي سجله السهم خلال أول أربعة أشهر من هذا العام.
في جلسة التاسع عشر من أبريل الماضي، وصل سهم “آبل” إلى أدنى مستوياته هذا العام عند 165.8 دولار، ما كان يشير إلى هبوط يتجاوز 10% منذ بداية العام الجاري و تعرضت “آبل” لحالة من الشك من قبل العديد من المحللين والمستثمرين، بفعل تخلف الشركة عن السباق المشتعل مؤخرًا على تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي، والذي دفع أسهم شركات مثل “مايكروسوفت” و”إنفيديا” لتحقيق طفرات سعرية كبيرة هذا العام.
كما ساهم الانخفاض المستمر في إيرادات “آبل” خلال الفترة الأخيرة في إثارة حالة من القلق في أوساط المستثمرين بشأن آفاق أعمال الشركة المصنعة لجوالات “أيفون” و شهدت “آبل” انخفاضًا في إيرادات الربع المالي الثاني للشركة والمنتهي في مارس الماضي بنحو 4.3%، لتسجل خامس تراجع في أخر ستة فصول.
وتعاني الشركة الأمريكية من مشكلة رئيسية تتمثل في تركز معظم الإيرادات على مبيعات “أيفون” والتي لا تزال تشكل حوالي 55% من إجمالي إيرادات الشركة و انخفضت مبيعات جوالات “أيفون” في الربع المالي الماضي إلى 45.9 مليار دولار مقابل 51.3 مليار دولار في نفس الفترة من العام السابق.
و أشار مسح صادر عن “بلومبرج إنتليجنس” إلى أن تراجع مبيعات “أيفون” يأتي مع عدم قيام المستهلكين بشراء النسخ الأحدث من الجوال كما اعتادوا القيام به سابقًا، حيث يفضل مالكو “أيفون” حالياً الاحتفاظ بجوالاتهم لفترة أطول. و رغم الارتفاع المستمر في إيرادات قطاع الخدمات لدى “آبل” والتي سجلت 23.8 مليار دولار في الربع المالي الثاني، فإنها لا تزال تمثل 26% فحسب من إجمالي مبيعات الشركة.
لم تتوقف مشكلات “آبل” في أول أربعة أشهر من العام الجاري على هذا الحد فحسب، حيث ساهم تراجع مبيعات “أيفون” في الصين والولايات المتحدة، والمشكلات القانونية حول سياسة متجر “آب ستور” في أوروبا في وضع ضغوط سلبية على السهم. كما قررت الشركة في نهاية فبراير الماضي التخلي عن مشروع تصنيع سيارة كهربائية ذاتية القيادة، بعد 10 سنوات تقريبًا من العمل على المشروع.
لكن مع نهاية شهر أبريل الماضي، نجح سهم “آبل” في بدء رحلة التعافي، بعد تفوق نتائج الأعمال الفصلية على توقعات المحللين. و حققت الشركة الأمريكية أرباحًا بقيمة 1.53 دولار لكل سهم، بأفضل من التوقعات البالغة 1.50 دولار، بالإضافة إلى تسجيل إيرادات 90.75 مليار دولار، ما يتجاوز التقديرات عند 90.01 مليار دولار و رفعت الشركة أيضًا توزيعات الأرباح الفصلية على المساهمين بنسبة 4% لتصل إلى 25 سنتًا لكل سهم.
كما أعلنت “آبل” في مايو الماضي خطة لإعادة شراء أسهمها بقيمة 110 مليارات دولار، وهو أكبر برنامج من نوعه في تاريخ “وول ستريت”. على جانب آخر، رغم انخفاض مبيعات “أيفون” في الصين بنسبة 8% في الربع المالي الثاني للشركة، فإنه يظل أفضل من توقعات “وول ستريت” التي كانت تشير إلى هبوط 13%.
وقررت “آبل” – في خطوة غير معتادة – خفض أسعار بيع جوالاتها في الصين، للتعامل مع التحديات المتمثلة في تصاعد المنافسة مع العلامات التجارية المحلية في بكين، بالإضافة إلى تأثير التوترات السياسية بين الولايات المتحدة والصين على أعمالها. و تعافت مبيعات “أيفون” في الصين بشكل أكبر خلال شهر أبريل الماضي، لتشير تقديرات الأكاديمية الصينية للمعلومات وتكنولوجيا الاتصالات إلى ارتفاع الشحنات بنحو 52% على أساس سنوي لتسجل 3.489 مليون وحدة. و استمر تعافي سهم “آبل” بعد مؤتمرها الأخير للمطورين هذا الشهر، والذي كشف في العرض التقدمي عن التركيز الذي طال انتظاره على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
أعلنت الشركة الأمريكية عقد شراكة مع “أوبن إيه إي” لتقديم خدمات “شات جي بي تي” مع المساعد الشخصي “سيري Siri”، حيث سيمتلك مستخدمو “أيفون” وصولاً إلى روبوت الذكاء الاصطناعي بدون تفعيل حساب. كما كشفت “آبل” عن إطلاق خدمات الذكاء الاصطناعي والتي تحمل اسم ” آبل إنتليجنس”، والتي ستتضمن تخصيص الإشعارات أو إنشاء رسومات مخصصة لجهات الاتصال والرموز التعبيرية المولدة بواسطة الذكاء الاصطناعي.
رغم أن الحدث لم يلق إعجاب كل مستثمري “آبل”، فإنه تضمن أمرًا رئيسياً يتمثل في ضمان أن ميزات الذكاء الاصطناعي ستعمل فقط على طرازات “أيفون 15 برو” والإصدارات الأحدث و من شأن تقديم خدمات الذكاء الاصطناعي أن يدعم إقبال العملاء على الجيل التالي من أجهزة “أيفون”. و يستخدم حوالي 10% فقط من عملاء “آبل” حالياً طرازي “أيفون برو” و”أيفون برو ماكس”، ما قد يدعم دورة ترقية جديدة للمستخدمين من خلال شراء الجوالات الأحدث التي تحتوي على خصائص الذكاء الاصطناعي.
و من المتوقع أن تصدر “آبل” جوالها الجديد “أيفون 16” في وقت لاحق من هذا العام، مع تقديرات بأن يحتوي على شريحة من الجيل التالي أقوى لمعالجة الذكاء الاصطناعي، ما قد يدعم اتجاه المستهلكين لاستبدال جوالتهم القديمة بالطراز الأحدث. ومن المرجح ارتفاع مبيعات “أيفون” إلى 247 مليون وحدة في العام المالي 2025 و257 مليون في العام 2026، وهو ما يتجاوز متوسط توقعات الأسواق.