الشركات العاملة في مجال العقارات في أوروبا كانت أكثر المستفيدين لفترات طويلة من أسعار الفائدة المنخفضة على الاقتراض من أجل الحصول على عقار، وهي الأسعار التي أحياناً كانت تكون صفر بالمئة، إلا أن الرياح جاءت بما لا تشتهي السفن، حيث الحرب في أوكرانيا وتداعياتها التي عصفت بهذا القطاع، لتجد هذه الشركات نفسها في ورطة حقيقية مع تراجع الطب على العقارات منذ مطلع العام الجاري . يأتي ذلك مع ارتفاع معدلات التضخم، وقرارات البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة، ومن ثم تراجع الإقبال على الاقتراض لشراء العقارات في ظل مخاوف الركود الاقتصادي المسيطرة على الأسواق هناك.
وتمتلك شركات العقارات نحو 165 مليار دولار من السندات المستحقة حتى عام 2026، ويتزامن ذلك مع انهيار في قيم العقارات الإدارية، خاصةً المكاتب من مدينة لندن إلى برلين، مما جعل القطاع العقاري هي الصناعة الأقل شعبية بين مديري الصناديق للشهر الثالث على التوالي، وفقاً لمسح أجراه “بنك أوف أميركا”. وفي ظل تضخم الديون، سيتعين على العديد من ملاك العقارات اللجوء إلى بيع الأصول وخفض توزيعات الأرباح، فضلاً عن إصدار أوراق مالية جديدة في محاولة لترقية الشركات من أجل مستقبل أكثر اضطراباً.
ويستخدم مصطلح “عصر المال الرخيص”، كإشارة إلى الفترة التي كانت أسعار الفائدة فيها بالقرب من الصفر، وسط برامج تسهيل كمي من البنوك المركزية لدفع النمو الاقتصادي، وهو الأمر الذي انقلب رأساً على عقب بدايةً من العام الماضي. وما لم يتمكنوا من تقليص ديونهم أو انخفاض معدلات الاقتراض مرة أخرى، فمن المحتمل أن تضطر تلك الشركات إلى دفع معدلات أعلى مقابل إعادة تمويل ديونها.
ويضاف إلى هذا أن بعض مديري الأموال نفد صبرهم، ويبيعون الأوراق النقدية إلى الشركات العقارية التي أصدرتها،. وبالتالي أصبح حتمياً على ملاك العقارات، إدارة التزاماتهم، خاصةً أن أسعار الأوراق النقدية عالية الجودة المقومة باليورو انخفضت بمقدار الخمس تقريباً منذ بداية عام 2022، وفقاً لحسابات “بلومبرج”، “. وأطلقت الأزمات الأخيرة الأضواء الحمراء في زوايا سوق الأسهم، والتي لم يتم مشاهدتها منذ الأزمة المالية، حيث تشير مضاعفات السعر إلى القيمة الدفترية الآجل إلى أن هذه الأسهم يتم تداولها بأرخص المستويات منذ عام 2008. وهو مؤشر يقيس قيمة أسهم الشركة مقابل قيمة أصولها.
وفي هذا السياق، أصدرت مؤسسة “ستاندرد أند بورز” للتصنيف الائتماني، تقريراً عن آفاق قطاع العقارات في أوروبا، تضمن توقعات باستمرار تراجع أسعار المنازل في أغلب الدول الأوروبية خلال 2023 و2024، لكنه تراجع نسبي وليس حاداً يقود لانهيارات بالقطاع.